الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف تعالج الأم ظاهرة العراك المتكرر بين الأشقاء؟

كيف تعالج الأم ظاهرة العراك المتكرر بين الأشقاء؟
3 أكتوبر 2016 08:39
خورشيد حرفوش (القاهرة) طفل «يعتدي» على أخيه.. وطفل «يعض» أخته.. وثالث يستولي على لعبة شقيقه الأصغر بالقوة.. ورابع يجذب أخته من شعرها ويعلو صراخها مستنجدة بأمها. إنها مشاهد يومية لا يخلو منها بيت يضم عدداً من الأشقاء والشقيقات الصغار متقاربي الأعمار، سرعان ما تنتهي بشجار وعراك واشتباك في أحيان كثيرة، وغالباً ما تنتهي بصراخ الأم، أو تدخل الأب، لكن سرعان ما تتجدد مثل تلك المشاهد رغم كثرة التحذيرات والتوعدات والعقوبات. ويبقى أسلوب وكيفية تدارك وتعامل الوالدين معها، محل اهتمام ومناقشة في ضوء ما يتمتع به الوالدان من صفتي الحزم والمساواة. احتواء الدكتور عاطف البدوي، أستاذ التربية وعلم نفس النمو بجامعة طنطا، يرى أن صراع ومشاجرات الأشقاء الصغار متقاربي الأعمار حالة طبيعية ما دامت لا تخرج عن سيطرة الوالدين، إذا ما أخذنا في الاعتبار عوامل المنافسة والغيرة وحب الاستحواذ والتملك والأنانية وغيرها من جوانب نفسية طبيعية بين الأطفال تظهر في حالات الشجار والصراع، ولا ينبغي إغفال الاختلافات البينية بين الأشقاء، فهناك الطفل المشاغب أو الهادئ أو المستفز أو الأناني أو الذي يجيد أداء دور الضحية، أو مفرطو الحركة، أو أصحاب الشخصيات العدوانية منهم، دون أن نهمل أسلوب التربية الوالدية، وكيفية تعاملهما مع الأبناء في مثل تلك المواقف، ورغبتهما الجادة والحازمة في فرض جو من الهدوء والمناخ الإيجابي بين الأبناء. وكيف يمكنهما من احتواء أي مشاكل بسيطة بينهم، فالأمر يجب ألا يقتصر على مجرد إعطاء الأوامر والتعليمات. إن نبرة الوالدين لابد أن تكون حاسمة وحازمة ومقنعة للجميع، فالصراخ ليس حلاً، والعصبية وانفلات الأعصاب دون مبرر تضر ولا تنفع. الأسباب ويضيف أن الحالة النفسية للأب أو الأم - سلباً وإيجاباً - وتوترهما وعصبيتهما تنعكس بالضرورة على تفاعلات الأبناء وعلاقاتهم المتشابكة بعضهم مع بعض، فحزن الأم ونكدها الدائم، أو غلظة الأب وقسوته وتسلطه، كثيراً ما تدفع الطفل إلى افتعال المشاكل مع شقيقه الأصغر لينتقم من أبويه فيه. إنها الطبيعة الإنسانية، إذا تعرض الطفل للعنف أو القسوة والاضطهاد، سرعان ما يحاول أن يجد شخصاً يستطيع أن يمارس ما يعانيه فيه. ويقول: «كلما تقارب الأشقاء في العمر، كلما كان الجو مهيئاً لنشوب الخلافات والمعارك، لأن الطفل الأصغر يشارك الأكبر في الحب، وقد ينافس الابن الأوسط للاستحواذ على اهتمام الأسرة، ومن ثم تلعب الغيرة دوراً فاعلاً ومؤثراً بينهم. كذلك هناك عامل الفروق الفردية بين الطفل البشوش، أو العنيد، أو مثير المشاكل، أو الطفل الذكي وبطيء الفهم، أو الطفل الطويل والقصير والبدين والنحيف، وهنا قد تظهر مشكلة أخرى أكثر أهمية، وهي كيفية مساواة الوالدين في التعامل بين الأشقاء؟ وكيف يدرك الابن الأكبر أن الأمر قد يقتضي ألا يجب أن يعامل بنفس درجة المرونة التي يمنحانها الوالدان للشقيق الأصغر، فكثير من الناس يظنون - خطأ - أن الوالدين بإمكانهما أن يساويا بين الأبناء بنسبة مائة في المائة، وهذا خطأ شائع، وغير موضوعي تماماً، ولا يتفق والطبيعة البشرية». وهم المساواة ويقول: «من المؤكد أن استشعار الطفل بعدم مساواة الوالدين في التعامل أهم أسباب الغيرة وإثارة المشاكل، كما أن مفهوم المساواة المطلق غير موجود في الواقع، فلا يوجد حب أو كره متساوٍ في هذه الحياة. وأى أب أو أم يحاول أن يحب أبناءه بالتساوي، إنما هو يظلم نفسه في حقيقة الأمر، فالمساواة المطلقة ضرب من المحال. فكل ابن فيه صفات معينة تجعل الأب يحبه، وهي تختلف عن صفات أخيه. إن محاولة التأكيد على المساواة المطلقة، إنما هي تمثيلية هزلية لا ينخدع بها الطفل، ويرفضها، ويرفض حتى مقارنته بأخيه عندما يقف على أولى عتبات سلم النضوج سواء كانت تلك المقارنة ضده أو حتى في صالحه. هو يريد فقط أن يبقى محبوباً من والديه لذاته وليس لسبب آخر. «العدل القاسي» ويوضح الدكتور البدوي: «أن الوقوع في مأزق المساواة المطلقة أمر خطير لابد أن نلفت بضرورة تجنبه، لأن الأب أو الأم لابد أن يثقا في قدرتهما على معاملة كل طفل بما يستحقه فعلاً. فمحاولة الأم مثلاً أن تتجنب تجربتها في غيرتها القديمة وشقيقتها مع أولادها، ونراها تحاول ألا تظهر أي ملامح لتفضيل طفل على آخر، بما يرهق نفسيتها، وتخرج في النهاية بمحاولة تقمص «العدل القاسي» بين الأبناء، وتنسى أن الطفل يجب أن يُثاب ويُكافأ ويُعاقب أيضاً متى دعت الحاجة إلى ذلك، وبقدر ما يستحق دون مغالاة». تقمص دور القاضي كثير من الأمهات يقعن في خطأ اختيار دور القاضي الذي يحكم في قضية الخلاف بين الأبناء - حسبما يقول الدكتور البدوي - موضحاً أن مثل هذا الموقف يدعم مشاعر الغيرة فيما بينهم، لأن كل طرف سيحاول جاهداً أن يثبت لأمه أنه بريء، أو أنه الطرف المجني عليه، أو أنه الطرف الأضعف الذي يستحق العطف والحنان، وليس شقيقه. وأحياناً لا تكون الحقيقة هكذا، مما يشعر الطرف الآخر بالظلم والغبن، ومن ثم الشك والغيرة والكراهية لأخيه. بل قد يصبح في حالة تأهب لنيل حقه منه في أول فرصة. وننصح الأم في مثل هذه المواقف أن تتجنب أداء دور القاضي، وتتدخل لوقف الصراع بثقة وحزم تجاه الطرفين، ولا تفتح مجالا للنقاش والشكوى على الإطلاق، فإن الواقع الأسري الصحي كفيل بإذابة مثل تلك الأمور بين الإخوة بشكل سريع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©