الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أولوية الناتو لأوكرانيا وليس جورجيا

أولوية الناتو لأوكرانيا وليس جورجيا
16 نوفمبر 2008 03:10
عندما التقى رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء في ''حلف شمال الأطلسي'' (الناتو) بالعاصمة الرومانية بوخارست في شهر أبريل الماضي، أجمعوا على أن أوكرانيا وجورجيا، وهما الجمهوريتان التابعتان سابقاً للاتحاد السوفييتي، ستنضمان لا محالة في يوم من الأيام إلى الحلف العسكري، وأن العملية مسألة وقت ليس أكثر· لكن أمام معارضة موسكو لهذه الخطوة التي رأت فيها روسيا تهديداً لحدودها الغربية، وتردد بعض أعضاء الحلف أنفسهم، لم يتمكن قادة دول ''الناتو'' من توجيه دعوة رسيمة لأوكرانيا وجورجيا للشروع في تطبيق الإصلاحات والأجراءات المتعارف عليها وتحديد موعد نهائي لانضمامهما··· فتحول الوضع دبلوماسياً إلى ما يشبه اقتراح الزواج دون تحديد موعد رسمي لحفل الزفاف· والأهم من ذلك أن التعثر في انضمام البلدين أعطى مؤشراً واضحاً على مدى الرفض الذي تلاقيه السياسة الأميركية الرامية إلى توسيع حلف شمال الأطلسي شرقاً· وبدلا من المضي في الإجراءات والتعجيل بانضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حظيرة ''الناتو'' استمرت اللجنة الخاصة المكونة من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانبا المكلفة بدراسة ملف الالتحاق، في تجميد جهود واشنطن في هذا الاتجاه والتي تشاركها فيها دول أوروبا الوسطى والشرقية· هذه القضايا المرتبطة بتحفظ أعضاء في ''الناتو''، إضافة إلى العلاقة بين روسيا والغرب، هي ما سيطرح للنقاش يومي الأربعاء والخميس المقبلين في اللقاء الذي سيجمع وزير الدفاع الأميركي، روبرت جيتس، مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي بأستونيا، لمناقشة سبل ضم أوكرانيـــا على الأقل إلى الحلف في حال تعذر التحاق جورجيا بسبب تورطها في الصراع مع روسيا· وفي هذا السياق أشار جيتس إلى الحرب بين جورجيا وروسيا التي اندلعت في شهر أغسطس الماضي باعتبارها دليلا آخر على ضرورة التقيد بالتزامات ''الناتو'' تجاه دول أوروبا الشرقية وحمايتها من التدخل الروسي، وهو ما عبر عنه ''جوف موريل''، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية قائلا: ''لست متأكداً أن وزير الدفاع كان سيحضر الاجتماع لو لم تكن روسيا قامت بغزو جورجيا، لذا أراد وزير الدفاع من خلال مشاركته في الاجتماع إيصال رسالة واضحة مفادها أن أميركا تدعم أوكرانيا وباقي دول البلطيق''· لكن ومن جهة أخرى لعب الجدال الذي أثير بشأن حرب جورجيا والسؤال المطروح حول ''من أطلق الرصاصة الأولى؟''، دوراً مهماً في تعزيز موقف الدول الأوروبية الأعضاء في حلف ''الناتو'' التي تفضل التريث قليلا في مسألة ضم جورجيا إلى الحلف· فمع ظهور تفاصيل جديدة تشير إلى تحرك جورجي مستفز وغير مبرر للقوات الروسية قد يكون ساهم في إشعال شرارة الحرب، يشعر الكثير من أعضاء حلف شمال الأطلسي بارتياح كبير إلى أن جورجيا لم تكن عضواً في الحلف وإلا كانوا تورطوا في حرب مع موسكو· فبموجب ميثاق الحلف يستدعي أي هجوم على أحد الأعضاء نهوض الجميع للدفاع عنه وصد العدوان، وهكذا ربما كانت حرب أغسطس الماضي ستنتهي بحرب أوسع ينجر إليها جميع أعضاء الحلف لمواجهة روسيا، أو على الأقل السعي إلى إخمادها قبل التمدد والانفجار· وتجنباً لموضوع جورجيا الشائك، قرر وزراء دفاع دول الحلف في اجتماعهم الخاص، التركيز على انضمام أوكرانيا لما تكتسيه من أهمية خاصة، سواء بالنسبة للحلف أم لروسيا· فبعدد سكانها البالغ 46 مليون نسمة، وبمواردها الفلاحية والصناعية الكبيرة، تحتل أوكرانيا موقعاً استراتيجياً حيوياً بين روسيا والجمهوريات المستقلة التي كانت جزءاً من حلف وارسو· لذا ستكون أوكرانيا أكبر وأهم بلد يدخل حلف شمال الأطلسي بعدما كان في السابق جزءاً من الاتحاد السوفييتي، خلافاً لدول أخرى صغيرة مثل إستونيا ولاتفيا ولتوانيا التي لم تكن لها قط أهمية مماثلة ولم تجمعها بروسيا نفس العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية التي تربطها بأوكرانيا· هذه الأهمية التي تحظى بها أوكرانيا على الصعيد الاستراتيجي هي ما يفسر تسامح روسيا، وإن على مضض، بانضمام الجمهوريات التابعة سابقاً لحلف وارسو إلى حلف شمال الأطلسي ومعارضتها الشديدة لدخول أوكرانيا ''الناتو''· وفي هذا الإطار يقول أحد المسؤولين الأميركيين الذين سيحضرون اجتماع ''الناتو''، وقد رفض ذكر اسمه، إن روسيا ''أطلقت جميع أنواع التحذيرات والتهديدات'' في مسعى منها لعرقلة انضمام أوكرانيا إلى الحلف واستقطابها من قبل الغرب· ولمواجهة المعارضة الروسية، تعتزم إدارة بوش طرح قضية انضمام أوكرانيا إلى الحلف أمام الكرملين والدفاع عنها باعتبارها مسألة تخص الأوكرانيين وحدهم وبأن التحاق بلادهم بالناتو لا يعني أبداً تهديد المصالح الروسية· ويبقى القرار الرسمي بمنح أوكرانيا فرصة الانضمام إلى الحلف رهيناً باجتماع وزارء خارجية الدول الأعضاء في الحلف ببروكسيل خلال الشهر المقبل، إذ لا توجد لحد الآن إشارات تدل على حصول أي تغيير في الموقف المتحفظ لأعضاء الحلف· ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة لأوكرانيا الصراع السياسي الداخلي بين الرئيس فكتور يوشينكو ورئيسة وزرائه يوليا تيموشينكو الذي تغذيه الانتخابات المنتظرة في شهر ديسمبر المقبل، ناهيك عن انقسام الشعب الأوكراني حيال انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، لاسيما أن 17% من الأوكرانيين ينتمون للقومية الروسية· توم شانكر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©