الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ربنا يبعده عنا

17 نوفمبر 2008 01:10
وكأنهن بحاجة الى حلقة خاصة من برنامج أوبرا وينفري عن سرطان الثدي، حتى يهرعن الى العيادات بداعي الكشف· وكأن كل حملات التوعية التي أطلقت وتطلق سنوياً لم تكن كافية لتحرك فيهن الحافز على تلك الخطوة القابعة في غياهب التسويف· ولأنني واحدة منهن ولا أبعد نفسي عن دائرة التقصير في حق صحتي، أعرف ما يفكرن فيه وما يخالجهن من أحاسيس· لم أتمكن من النوم بالأمس بعدما شاهدت أوبرا فجئت مسرعة الى هنا، هذا ما أخبرتني به إحدى من التقيت بهن حيث كان يجب أن نكون قبل هذا الوقت بكثير· ثم انضمت الى الحديث صبية في العشرينات وقالت: أنا مثلك أصبت بإحباط وأنا أتابع تلك الحلقة، وبلا تفكير قادتني سيارتي الى هنا· أما أنا التي تزعم أنها قرأت الكثير عن المرض، وساهمت في نشر التوعية عنه، اكتشفت أني كنت جاهلة بأبسط تفاصيله وهي الأهم· وأخيراً نزعت عني هاجس الخوف والحجج الواهية التي حاولت دوماً إقناع نفسي بها، وبكل بساطة وصلت الى غرفة الفحص· عندما أغلقت الطبيبة المختصة باب العيادة، تناسيت سبب وجودي· ورحت أسألها عن أمور سوداوية علقت في ذهني منذ ليلة البارحة· أجابتني بتنهيدة: أنت كذلك من متتبعي أوبرا؟ أريد أن أبعث إليها برسالة ألومها فيها على تصوير المرض بهذا السوء· الحلقة كانت مؤثرة جداً لما تضمنته من حالات صعبة وصفت معايشتها لسرطان الثدي· وربما أكثر الفقرات التي بثت الذعر بين المشاهدات، تلك التي تحدثت فيها أمهات شابات كيف واجهن اللحظات الأولى· وكيف ندمن على تأخرهن في الكشف الشعاعي الذي لو كن أجرينه في وقت مبكر لكان الأمل في شفائهن أكبر· أم مصابة، لم تجف الدموع من مقلتيها مع أن كل ما فيها شارف على الجفاف، أكثر ما يقلقها كيف ستترك أبناءها الصغار وترحل من دون أن تتمكن من رؤيتهم يكبرون· وأخرى خارت قواها في مرحلة تلقي العلاج الكيميائي، فلم تعد قادرة على الاهتمام بتفاصيل تربية ابنتها ولا حتى تحضيرها للذهاب باكراً الى المدرسة· الظن السائد بين الغالبية من النساء، أن المرأة تحتاج الى الفحص الشعاعي بين سن 35 و40 عاماً، لكن هذا لا يلغي ضرورة أن تخضع كل فتاة وامرأة الى الفحص السريري بمجرد أن تبلغ العشرين من العمر· وإذا كان الاحتمال الأكبر للإصابة بسرطان الثدي لمن لعائلتها تاريخ مع المرض، كأن تكون أمها أصيبت به أو أختها أو حتى ابنتها، الا ان الاستثناء وارد وبنسب كبيرة· الخوف من المجهول لدى الكثير من النساء يبطئ من خطواتهن تجاه عيادات الكشف، وهن يتعاملن مع الأمر من باب ''ربنا يبعده عنا''· الا أن هذا التخاذل في حق النفس أمر غير مقبول· والمطلوب أن تذهب المرأة الى العيادة بكامل إرادتها وصحتها النفسية، لا أن تذهب اليها وهي مذعورة من حلقة شاهدتها أو قصة سمعتها من هنا وهناك· نسرين درزي nisso03@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©