الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رب ضارة نافعة

رب ضارة نافعة
17 نوفمبر 2008 01:27
رب ضارة نافعة هذه المقولة تنطبق على أضرار السيول الجارفة التي أصابت محافظة حضرموت شرق اليمن بأضرار مادية وبشرية كبيرة، لكنها من جهة اخرى كشفت عن معالم مدينة مطمورة تنادي المختصين بحمايتها والمجيء اليها لدراستها وتدوين معالم حضارة سادت وطمرت· فقد اكتشف عدد من مواطني منطقة بور بمديرية سيئون بمحافظة حضرموت آثاراً قديمة لمدينة تحت الرمال، بدت أطرافها العلوية تظهر من جراء جرف السيول للتربة التي عليها والتي تستعمل كمزرعة لأحد المواطنين· اكد مدير مكتب الآثار والمتاحف بالوادي والصحراء عبدالرحمن حسن السقاف ان فريقاً متخصصاً باشر النزول إلى الموقع لحصر الموجودات، واخذ عينة من العظام والجماجم لمعاينتها في مختبر الآثار بالعاصمة صنعاء، مشيرا إلى إنجاز التدابير الأمنية الخاصة بالموقع، وحفظ ما يحتويه من مدّخر عريق من عهد الأجداد القدماء· وقال مختصون في الآثار اليمنية ان المنطقة تبدو كأنها مدينة كبيرة، ففيها آثار الحياة القديمة واضحة ومتناثرة في الموقع، حيث كانت الأواني المنزلية الخزفية القديمة التي يتم استخدامها في البيوت الطينية قديما مثل الحرى والزير والمرهي والعالي وغيرها كثير، ناهيك عن بقايا هياكل عظمية بشرية وبعض الجماجم· وحذرت مصادر في السلطة المحلية من الأيدي العابثة التي طالت المنطقة الاثرية خلال يومين فقط من اكتشافها· التعريف بالمدينة تقع مدينة سيئون، عاصمة وادي حضرموت، في الجانب الغربي للوادي، وهي تبعد عن مدينة شبام (12 ميلاً)، وعن مدينة تريم (22 ميلاً)· ويبدو أن أقدم ذكر لمدينة سيئون هو الذي جـاء في النقش الموسوم 73 Ir الذي يعود إلى عهد الملك ''ذمار على يهبر، ملك سبأ وذي ريدان وحضـرمـوت ويمنـات'' الذي حكم في مطلع القرن الرابع الميلادي· ووتقول المصادر التاريخية عن هذه المدينة في الفترة الإسلامية إنَّ سيئون غدت قرية في عهد الخلفاء الراشدين، وتتبع إدارياً مدينة تريم، وظل الأمر كذلك في عهد الدولة الأموية، وفي سنة (129هـ) تحولت إدارياً إلى تبعية مدينة شبام التي كانت في حينها عاصمة للأباضيين، وهكذا ظلت تارة تابعة لشبام وتارة تابعة لتريم· وكانت تقوم فيها في بعـض السنين ثورات حيث حكمها في سنـة (593 هجرية ) بنو حـارثة· و لم تستعد مكانتها كمركز إلا فـي سـنـة (22 هجرية ) عندما أصبحت عاصمة للوادي في عهد بدر أبي طويرق (922-977 هجرية)· سلطنة وقد ورد في موقع الاستاذ مسعود عمشوش ان سيئون وجدت كوحدة إدارية (سلطنة) امتدت من عين بامعبد غرباً إلى مدينة ظفار شرقاً· وفي القرن الثاني عشر الهجري تغلبت يافع على مدن حضرموت واستولى آل كثير على سيئون، وقامت فيها الدولة الكثيرية وأعلنت في ( 1273هـ) عاصمة للدولة الكثيرية، وكان حصنها المعروف بالحصن الدويل مقراً للسلطان الكثيري ''غالب بن محسن الكثيري''· وبعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني انتهت الدولة الكثيرية، وأصبحت مدينة سيئون عاصمة المديرية الشمالية في المحافظة الخامسة حضرموت· وهي حالياً مركز إداري لمديريات الوادي والصحراء في حضرموت· أما عن تطورها المعماري فتشير المؤلفات الخاصة بالعمران البشري إلى أنَّه في القرن السابع الهجري غدت سيئون قرية صغيرة محصورة في ناحية شهارة- السحيل، ثم تطورت بعد ذلك لتشمل أماكن أخرى، وقد أقيم حولها سور في عهد السلطان بدر أبي طويرق في سنة (922هـ) وكان السور يمتد من السحيل إلى ما بعد الحصن الدويل، فينعطف حتى يكون أمام المقبرة الحالية ثم يتجه غرباً حتى الجبل القبلي، وكانت البوابة - التي يطلق عليها باللهجة الحضرمية السدة - القديمة في موضع المقهى المحاذي للتربة المقابل للصيدلية الوطنية حالياً، وقد ظل هذا السور إلى سنة (1347 هـجرية) · تطور المدينة وتروي المدونات التاريخية المتخصصة أنَّ مدينة سيئون تطورت في القرن العاشر الهجري على إثر اتخاذها عاصمة للسلطنة الكثيرية في عهد بدر أبي طويرق (922-977هـ) وفي سنة (1120هـ) اختط عـلي بن عبد الله السقاف قطعة أرض في الناحية القبلية وبنى بها مسجداً وكانت أرضاً صحراء، وكان جامع المدينة في القرن العاشر الهجري هو مسجد (عبد الله باكثير) لا تـزيـد مساحته عن (50*60 قدماً) وتطور العمران في سنة (1310هـ) عندما اختط أبوبكر بن سالم الصبان قطعة أرض صحراوية في وادي جثمة وبنى بها مسجداً، وكان آخر بيت هو بيته في اتجاه وادي جثمة، واختط هادي بن حسن السقاف داره والزاوية في سنة (1327هـ) ، ثم بنى جامع سيئون في القرن الرابع عشر الهجري عقب تطور المدينة ليستوعب ذلك التطور، وفي القرن الرابع عشر أعيد بناء مسجد طه كجامع لصلاة الجمعة وأصبحت في سيئون أربعة مساجد تؤدى فيها الجمعة هي مسجد الجامع، ومسجد طه، ومسجد القرن، ومسجد باسالم· وقد شهدت مدينه سيئون بعد قيام الوحدة اليمنية، كغيرها من المدن، نهضة تنموية شملت مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية· السور الحديث وتروي المصادر التاريخية أنَّ هذا السور اختط في عهد السلطان منصور بن غالب باكثير عندما بدأ تحرشت القبائل المجاورة بالمدينة، مما اضطر السلطان إلى اختطاط سور ليحمي المدينة، وابتدأ العمل فيه في سنة (1350هـ) الموافق (1931م) وكانت بداية عمل السور من (حصن الفلس) في خط مستقيم حتى بير زوية، واتجه بعد ذلك إلى الغرب حتى مسجد الحداد، ثم انعطف إلى الجبل القبلي، وجعل لهذا السور ثلاث بوابات (سدات) كانت تغلق من مغيب الشمس حتى الصباح· حصون وسجون ويجد زائر مدينة سيئون عدة معالم شهيرة منها حصن قارة العر وفيها حصن قديم ورد ذكره في عام (616هـ) حيث أورد المؤرخون أن السلطان عبدالله بن راشد القحطاني سجن وقتل فيه، ثم جدد هذا الحصن عام ( 855هـ) في عهد السلطان بدر بن عبد الله بن علي الكثيري، الذي اتخذه كسجن للسلاطين· وحصن الفلس وهو ايضا حصن قديم ورد ذكره عند المؤرخين في عام (603 هـ)· وفي منطقة مريمة يحد الزائر لشرق سيــــــئون ''حصـــن مريمة'' أو ''قلعة مريمة'' التي شيدت بأحجار خفان على أساســـــــات حجرية، وعلى أركانهــــا أقيمت منشآت دفاعيــــــة تمثلت بأبراج إسطوانية الشكل كانت تتصل بالسير، ولم يبق من مبانيها الداخلية خلف الأســـــــوار سوى بعض الأساسات الحجرية للجدران الطينية المطلية بمادة الجص· قصر السلطان من أشهر القصور في سيئون قصر السلطان الذي يطلق عليه (الحصن الدويل) والواقع وسط المدينة ، وهو من أبرز معالم المدينة وحضرموت قاطبة، ويعتبر واحداً من أروع التحف المعمارية في اليمن· وأقيم هذا القصر على ربوة ترتفع عن مستوى سطح الأرض المجاورة قرابة 35 متراً مما جعله يشرف على سوق المدينة ومركز نشاطها التجاري· وبدأ ظهور هذا الحصن كمقر للسلطان في عهد السلطان بدر بن عبدالله بن جعفر الكثيري المشهور بـ ''أبي طويرق'' ( 922-977هـ) وذلك يعني أن هذا الحصن كان موجوداً من قبل ظهور السلطان أبي طويرق الذي اتخذه كمقر سلطاني وأضاف له مسجداً، وإلى جانب بنائه للمسجد قام بتجديد الحصن· وفي عام (1125هـ) جدد عمر بن جعفر الكثيري عمارة الحصن، وفي عام (1272هـ) وصل غالب بن محسن الكثيري إلى سيئون، واتخذها عاصمة له، واتخذ الحصن الدويل مـقـراً لحكمه· وقام بتجديد عمارته وتوسعاته ثم أكمل عمارته ابنه المنصور بن غالب في حدود عام (1345هـ)· ويضم القصر متحفاً يحتوي على كثير من المصنوعات الحرفيه· وكثير من الأدوات التي كانت تستخدم في تلك المرحلة· ويرتاد المتحف العديد من الزوار طوال أيام العام واختارت الحكومة اليمنية صورة القصر لتكون على واجهة العملة الجديدة فئة ألف ريال باعتباره من أهم المعالم التاريخية اليمنية· قرية بور ··اطلال ومدينة مطمورة كما يجد الزائر لمديرية سيئون قرية بور وهي عبارة عن بقايا أطلال صغيرة تقع على الضفة الشمالية لوادي حضرموت الرئيسي شـمال شرق مدينة سيئون وتبعد عنها بحوالي (12 كم) لكن سيول الأمطار قد كشفت ان هذه القرية فيها إطلال مدينة مطمورة لم تكن معروفة من قبل ولم تصل اليها الأيادي المنقبة عن الاثار والمعالم التاريخية · وحسب المصادر التاريحية كانت قرية بور في عهد الدولة الكثيرية الأولى (723هـ) واحدة من قرى السليل الخارجة عن نفوذ الكثيرين، فقد رفضت قبيلة آل بانجار التسليم وكانت تستوطن القرية، ولم تنجح الوساطات الكثيرة للوصول إلى حل سلمي كي تصبح تحت النفوذ الكثيري· حتى هجم الكثيرون على القرية بور واستولوا عليها بعد أن قتلوا جماعة من آل بانجار سنة (723هـ)، بعد ذلك هُجرت القرية ولم يبق منها سوى الأطلال·
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©