الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا: طموح تجاري

14 مايو 2013 22:41
جنك سيدار مدير مؤسسة «سيدار جلوبل أدفايزرز» للبحوث والاستشارات بواشنطن تايسون باركر مدير العلاقات عبر الأطلسي في «مؤسسة بيرتلسمان» الشهر القادم، سيسافر أوباما إلى أوروبا لبدء مفاوضات رسمية حول تكتل تجاري يفوق من حيث حجمه وأهميته أي تكتل آخر في تاريخ العالم، غير أنه يجدر به إيجاد طرق لإدماج تركيا في هذا النظام الجديد. التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مازالت تمثل ثلث كل واردات العالم وصادراته، بـ645 مليار دولار العام الماضي؛ في حين تمثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر من 3?7 تريليون دولار. وعليه، فلا غرو أن يشعر الناس، وسط أزمة اقتصادية عالمية، بالحماس والإثارة بشأن الدفعة التي يمكن أن يمنحها ذلك للنمو. لكن قبل مناقشة تفاصيل «الشراكة العابرة للأطلسي للتجارة والاستثمار» الجديدة، ينبغي على أوباما ونظرائه في الاتحاد الأوروبي تأمل الوضع الصعب الذي ستخلقه لحلفاء مقربين وشركاء تجاريين آخرين لن يكونوا جالسين حول طاولة المفاوضات. تركيا هي واحدة من أهم هؤلاء. ومن المتوقع أن يتصدر موضوع موقعها ضمن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أجندةَ رئيس الوزراء التركي عندما يلتقي أوباما في واشنطن في 16 مايو الجاري. ولدى تركيا شراكة استراتيجية مهمة مع الولايات المتحدة واتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، غير أنه لن تكون لديها فرصة لتقول كلمتها ولتدلو بدلوها في اتفاقية التجارة العابرة للأطلسي. هذا ويقدِّر نائب رئيس الوزراء التركي أن بلاده قد تخسر 2?5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو 20 مليار دولار سنوياً إذا تركت خارج الاتفاقية. وحسب بعض وسائل الإعلام التركية، فإن أردوجان عبَّر عن التخوفات التركية بشأن هذا الوضع التجاري المجحف في رسالة إلى أوباما في مارس الماضي. ويفترض أن يرد أوباما على هذه التخوفات المبررة، ذلك أن إقصاء الاقتصاد السابع عشر في العالم من منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سيشكل فرصة ضائعة وقد يعرِّض للخطر «الشراكة النموذجية»، التي سعى أوباما لإنشائها مع تركيا. لقد شكلت تركيا اتحادها الجمركي مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995 بنية الانضمام إلى هذا التكتل في نهاية المطاف. وتنص أحكام ومقتضيات هذا الاتحاد على أن الحكومة في أنقرة لا يمكنها أن تسعى لتوقيع اتفاقية تجارة حرة ثنائية مع أي بلد قبل أن تكون للاتحاد الأوروبي اتفاقية مماثلة. وبالمقابل، فعندما يوقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارية مع بلد آخر، فإنها تتيح الوصول إلى السوق التركي دون موافقة تركية. والنتيجة هي أن السياسة التجارية لتركيا تتبع وتخضع لسياسة الاتحاد الأوروبي التجارية، حيث تسير وراء المفاوضين التجاريين التابعين للمفوضية الأوروبية وهم ينتقلون من كوريا الجنوبية، إلى اليابان، إلى الهند. غير أنه في حالة اتفاقية تجارية طموحة من قبيل الاتفاقية، التي سيناقشها أوباما مع الاتحاد الأوروبي، وُضعت تركيا في وضع لا يصب في مصلحتها. ذلك أن تركيا ستضطر للتفاوض بشأن اتفاقية خاصة بها مع الولايات المتحدة، وإلا فإنها ستجد نفسها تقوم بخفض التعرفات على الواردات من الولايات المتحدة دون الحصول على أي شيء بالمقابل. وفي هذه الأثناء، لن تكون لدى الولايات المتحدة حوافز اقتصادية كبيرة لتوقيع اتفاقية منفصلة مع تركيا عندما تصبح لديها اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي، لأن هذه الأخيرة ستخول لها الحصول على مزايا مثل هذه الاتفاقية. وقد كانت هذه هي النتيجة عندما وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات تجارية مع عدد من البلدان الأخرى. والواقع أن هناك خطوات يمكن للحكومة التركية أن تتخذها للرد على هذه المشكلة، مثل فرض ضرائب إضافية على المنتجات الأميركية. غير أن تلك ليست طريقة بناءة. كما أنها ستكون بمثابة إشارة تحذير للكونجرس، الذي ستكون تركيا في حاجة إلى دعمه من أجل أي اتفاقية تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة. بعض المسؤولين الأتراك يقترحون مراجعة الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي (وهو ما قد يعني مغادرته) من أجل منح تركيا حرية تحديد وتقرير علاقاتها التجارية مع البلدان الأخرى. والواقع أن هذه الطريق قد تساعد التجارة التركية على المدى القصير، إلا أنها يمكن أن تؤشر أيضاً إلى أن تركيا قد تخلت عن كل أمل في أن تصبح عضواً كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي. إنه سؤال مهم ما إن كان حزب أردوجان الحاكم - العدالة والتنمية – مازال يرغب في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وما إن كان سيختار ربما استغلال إقصائه من المحادثات التجارية العابرة للأطلسي كذريعة للانسحاب من مزيد من الاندماج مع الاتحاد الأوروبي. وإذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك ستكون له تداعيات سياسية جدية في وقت تسعى فيه تركيا إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية بشكل أكثر شراسة مع بلدان مثل إيران وروسيا. كما أن من شأن إنهاء عملية الدخول إلى الاتحاد الأوروبي القضاء على ما كان يشكل قوةً مؤثرةً في تعزيز الديمقراطية التركية وتقويتها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©