الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«الهجرة النبوية» نقطة تحـول في تاريخ البشرية

«الهجرة النبوية» نقطة تحـول في تاريخ البشرية
30 سبتمبر 2016 00:26
محمد مختار جمعة أحمد مراد (القاهرة) دعا عُلماء الدين المسلمون إلى ضرورة الاستفادة من دروس الهجرة النبوية وتطبيقها في حياتنا ومجتمعاتنا المعاصرة، ووصفوها بأنها نقطة تحول مهمة في تاريخ الإسلام، وبداية البناء العملي لدولة الإسلام التي أقيمت على أسس المؤاخاة وترسيخ فقه التعايش المشترك بين البشر. وأكد العلماء أن الهجرة التي يحتاجها المسلمون في زماننا هذا هي الهجرة من البطالة والكسل إلى العمل والإنتاج والهجرة من الكذب والغدر والخيانة والشقاق والنفاق إلى مكارم الأخلاق والهجرة من التدين الشكلي إلى التدين الحقيقي ومن المتاجرة بدين الله عز وجل إلى خدمة هذا الدين لا استخدامه. أفضل نموذج وصف د.محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، الهجرة النبوية بأنها نقطة تحول مهمة في تاريخ الإسلام، وبداية البناء العملي لدولة الإسلام في المدينة المنورة، ذلك البناء الذي قام على المؤاخاة وترسيخ فقه التعايش ومبدأ العيش المشترك بين البشر، ذلك المبدأ الذي اتخذ من المدينة المنورة أفضل نموذج في تاريخ البشرية، سواء فيما بين المسلمين، أو فيما بينهم وبين الطوائف الأخرى من سكان المدينة. وقال، إن الإسلام من خلال الهجرة النبوية إلى المدينة مبدأ الأخوة والمؤاخاة ووحدة الصف، وفيما بين المسلمين وبين غيرهم تعد وثيقة المدينة أعظم نموذج لفقه التعايش في تاريخ البشرية، فقد أكد نبينا صلى الله عليه وسلم أن يهود بني عوف، ويهود بني النجار، ويهود بني الحارث، ويهود بني ساعدة، ويهود بني جشم، ويهود بني الأوس، ويهود بني ثعلبة، مع المؤمنين أمة، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم. وأوضح د.جمعة أن المفهوم الأعظم للهجرة فهو كونها لله ورسوله، وكونها هجرة من الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، ومن الظلم إلى العدل، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن مخالفة العهد إلى الوفاء به، ومن البطالة والكسل إلى العمل والإنتاج، مؤكداً أن الهجرة النبوية أصلت ورسخت دروساً عظيمة يجب أن تستفيد منها الأمة. معية إلهية وأضاف جمعة: أول هذه الدروس هو أن من كان مع الله عز وجل كان الله معه ومن كان الله عز وجل معه فلا يحزن ولا يجزع ولا يضيق ولا ييأس وقد تجلى أثر هذه المعية والتأييد الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مراحل الهجرة من لحظة انطلاقه من داره بمكة المكرمة إلى المدينة المنورة وتجلت هذه المعية في أعلى صورها فيما يصوره القرآن الكريم في قول الحق سبحانه تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى? وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، «سورة التوبة: الآية 40»، وذلك حينما تتبع المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه حتى وقفوا على مشارف الغار الذي كان فيه النبي وصاحبه، فقال الصديق: فداك أبي وأمي يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له النبي: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا»، فقال أحد المشركين إن هذا العنكبوت لينسج خيوطه على هذا الغار من قبل ميلاد محمد، ثم انصرفوا، حيث أعمى الله سبحانه وتعالى أبصارهم عنه، وحفظ نبينا صلى الله عليه وسلم وصاحبه من كل سوء ومكروه. منارة الوسطية وشدد د.شوقي علام، مفتي مصر على ضرورة الاستفادة من دروس الهجرة النبوية وتطبيقها في حياتنا ومجتمعاتنا المعاصرة، مؤكداً أن الهجرة النبوية لم تكن تحركاً عشوائياً، أو هروباً من واقع شديد القسوة أحاط بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها جاءت عقب إعداد مسبق ودراسة شاملة، لتصبح نقلة استراتيجية عظيمة انتقل المسلمون بعدها من الضعف إلى القوة وتكون المدينة المنورة مركزاً لنشر الإسلام في ربوع الدنيا. وأوضح مفتي مصر أن أول ما بنى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة كان المسجد الذي جمع المسلمين، لينبذوا أشكال الفرقة والشقاق، ويوحدوا صفوفهم من أجل مصلحة دينهم ودولتهم التي وضعوا حجر أساس بنائها عقب الهجرة لتصبح الدولة الإسلامية منارة للوسطية والتسامح وبناء للإنسان في أرقى صور التعامل البشري واعترافاً بحقوق الإنسان وتفضيله على جميع المخلوقات، وإعلاء لقدره بالمحافظة على دمه وأمنه وسلامته. ودعا مفتي مصر شعوب العالم العربي والإسلامي إلى جعل السنة الهجرية الجديدة بدايةً لبناء جديد للذات ونشرٍ لروح المحبة والعمل والبناء ونبذ للفرقة والكراهية والهدم والإرهاب حتى نرقى بأمتنا، وأن يبدأوا السنة الهجرية الجديدة، كما بدأها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة بالبناء والوحدة بعيداً عن النزاع والشقاق. حديث الهجرة وأكد الداعية الإسلامي الشيخ أسامة فخري الجندي، من علماء الأزهر، أن التخطيط الجيد والأخذ بالأسباب يعد من أهم الدروس المستفادة من حدث الهجرة النبوية، حيث إن من رحمة الله تعالى بنا أنه وهبنا عقلاً، وأمرنا أن نتدبر به ونتأمل سننه الكونية، ونعمل الأسباب فيها، فلا بد من الأخذ بالأسباب، فإذا تعذرت الأسباب وجب أن نجتهد وأن نبذل الوسع من أجل ذلك، فقد اتخذ النبي في هجرته طريقاً مخالفاً للطريق المعتاد الذي تذهب فيه قريش إلى المدينة وهو شمال مكة، واتخذ طريقاً عكسياً، وهو جنوب مكة، وكان في مشيته صلى الله عليه وسلم يمشي بالتعريج، أي يميناً تارة ويساراً تارة أخرى، والعلة في ذلك أن لا يراه أحد ويعلم بخروجه ومكانه، وهو أمر يجب أن يستفيد منه المسلمون اليوم، بحيث يعتمدون على التخطيط الجيد لحياتهم، ويأخذون بالأسباب. وقال الشيخ الجندي: نتعلم من حدث الهجرة النبوية أيضاً ضرورة إقامة مجتمع إنساني واحد كالذي أقامه رسول الله في المدينة بعد الهجرة، فإذا عدنا إلى صفحات التاريخ وقبل أي تقدم حضاري وقبل ظهور أية مواثيق أو معاهدات أو إقرار أي دستور يسير عليه البلاد، لوجدنا أن أول وثيقة أبرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التاريخ تقضي بالوحدة الوطنية، والتي عرفت باسم «الصحيفة»، وهذه الصحيفة تبين أن الألفة بين الجماعات المختلفة على أرض واحدة هي حجر الأساس في بناء الوطن، وهي السبيل إلى بناء مستقبل قوي يتمتع به أبناء الوطن، وهذه الصحيفة أرست أسمى القواعد وهي كرامة النفس وحرية العقيدة، والتعايش السلمي والإخاء الإنساني. مزيج مختلف يورد الداعية الإسلامي الشيخ أسامة فخري الجندي، أنه كان في المدينة المسلمون والوثنيون، واليهود والأعراب والعبيد، ومع هذا التنوع، وذلك المزيج المختلف، فقد وفق النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه الانتماءات، وبين هذه الاتجاهات وتلك الأديان، وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل المدينة جميعاً أمة واحدة، سلمهم واحد، وحربهم واحدة، ومضى الإسلام يرسم منهج الوحدة، ويضع أسس التآخي، وينظم المجتمع في وحدة الصف، وحدة لا تعرف تفرقة بين جنس وجنس، ولا بين لون ولون، ولا بين طبقة وأخرى، وهذا الذي نحن في أمس الحاجة إليه اليوم، كي نستطيع أن نقف في وجه الفتن التي تتعرض لها الأمة العربية والإسلامية. دروس الهجرة يقول محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري: ومن أهم دروس الهجرة أنه لا هجرة الآن إلى أي بلد بزعم إقامة دولة الإسلام فيه، كما تزعم بعض الجماعات والتنظيمات الإرهابية الضالة، التي تحشد الشباب وتجنده وتغرر به بزعم إقامة دولة الإسلام وهدفهم تخريب ديار الإسلام خيانة لدينهم وأوطانهم وعمالة لأعداء أمتهم، فقد انقطعت الهجرة بمعنى الانتقال من وطن إلى وطن لإقامة دولة الإسلام فيه بفتح مكة، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©