الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لورا بوش··· تركة غير مثيرة للجدل

لورا بوش··· تركة غير مثيرة للجدل
17 نوفمبر 2008 03:30
إن النساء، وليس الرجال، هن اللواتي سينقذن العالم· لم تكن هذه الكلمات هي ما قالته سيدة أميركا الأولى ''لورا بوش'' حرفياً، ولكن الملاحظات التي أبدتها أمام جمع من كُتاب السير الذاتية، والمؤرخين، والصحافيين، كانت تفيد تماماً هذا المعنى· ولو كانت على صواب فيما قالته من أن النساء سينقذن العالم فإنه ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أنها قد لعبت دوراً كبيراً في هذا التطور· فالمكاسب التي حققتها النساء في مختلف أنحاء العالم، وخصوصاً في أماكن مثل بعض عواصم العالم الإسلامي، ترجع في جزء ليس بالقليل منها، إلى جهود ''لورا'' الهادئة في مجال خدمة المرأة، التي قامت بها بصفتها زوجة لرئيس الولايات المتحدة· وكان الغرض من اللقاء المذكور الذي جرى مؤخراً، وبدأ بوليمة غداء، تلتها جولة في محل إقامتها في الطابق الثاني من البيت الأبيض، تولى فيها أحد أمناء المقر الرئاسي مهمة الشرح والإرشاد، هو إتاحة الفرصة للمؤرخين المحتملين للسيدة الاولى، للاطلاع على أفكارها وخططها المستقبلية عن قرب· وقد قالت السيدة بوش وهي تجلس في الحجرة البيضاوية الصفراء المؤدية لشُرفة ترومان إنها تنوي الاستمرار في مساعدة النساء والأطفال من خلال مبادراتها في المجالين التعليمي والصحي، وإنها تأمل في إدراج مادة تدريب المرأة على القيادة كجزء من المواد التي ستدرس في ''معهد فريدوم'' الذي وضع زوجها خطة إنشائه في جامعة ''ساوثرن ميثوديست''· وفي اختيار مناسب، نشرت صحيفة ''واشنطن بوست'' في مكان مميز من الصفحة الأولى لعددها الصادر يوم الاثنين الماضي قصة خبرية تحت عنوان ''النساء الروانديات يُدِرنَ العرض'' وهو تطور كبير بالطبع، وتبدو أهميته جليةً إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن النساء الروانديات كن يتعرضن لاغتصاب منهجي خلال محنة الإبادة الجماعية التي تعرضت لها البلاد عام ·1994 وفي الشهر الماضي أصبح البرلمان الرواندي هو أول برلمان في العالم أغلبيته من النساء (56%)·· وليس هذا فحسب بل إن النساء في رواندا يشغلن ثلث عدد مناصب الحكومة ويشغلن مناصب أخرى في غاية الأهمية مثل منصب رئيس المحكمة العليا والمفوض العام للشرطة· وداخل عدد الصحيفة افتتاحية كتبها ''فريد حياة'' عن بورما وهي الدولة التي لعبت فيها ''لورا بوش'' دوراً محورياً في الدفع من أجل الإفراج عن الزعيمة الديمقراطية ''أونج سان سوكي'' التي أمضت ما يزيد على 13 عاماً رهن الإقامة الجبرية في منزلها· وفي تلك الافتاحية انتقد ''حياة'' التقرير الجديد لـ''مجموعة الأزمات الدولية'' الذي يحث الغرب على التعاون مع الحكومة البورمية التي اعتادت على انتهاك حقوق الإنسان· وباعتباري إحدى اللائي حصلن على فرصة السفر شهر أكتوبر الماضي، مع السيدة بوش إلى الشرق الأوسط، للدعاية لمبادرة وزارة الخارجية الأميركية الخاصة بمقاومة مرض سرطان الثدي، فإنني حظيت بفرصة مشاهدتها أثناء العمل، وتعرفت عن قرب على جهودها في هذه المبادرة الرامية لإنقاذ حياة النساء اللائي يتعرضن لهذا المرض في أماكن مختلفة من العالم· فبفضل جهودها، وجهود ''سوزان بي· كومن'' الناشطة في حملة إنقاذ النساء من هذا المرض التي تعمل في ''منظمة الشفاء'' فإن النساء في تلك المنطقة من العالم، التي تسودها ثقافة ذكورية خشنة نجحن في جهودهن في سبيل تمكين المرأة ومنحها فرصة التعبير عن رأيها، وإسماع صوتها للعالم· وكما أشارت السيدة بوش أثناء ذلك اللقاء، فإن الصحة ''مسألة تتعلق بالحرية فلكي يكون الإنسان حراً، يجب أن يكون حياً، ولكي يحيا فإن صحته يجب أن تكون جيدة، كما يجب أن يكون متعلماً وعلى درجة من الوعي كي يتمتع بتلك الحرية ويطالب بها في المقام الأول''· ومما يشار إليه في هذا السياق أن إحصاءات المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة، تشير إلى أن هناك قرابة 774 مليون إنسان في العالم لا يستطيعون القراءة والكتابة، وأن ثلثي هذا العدد هن من النساء· وسيدة أميركا الأولى التي عُينت سفيرة شرفية لبرنامج ''عقد المعرفة'' الذي دشنته الأمم المتحدة كانت قد ألقت كلمة في الأمم المتحدة بداية هذا الشهر حول أهمية إغلاق ما يعرف بفجوة ''الجندر'' في مجال المعرفة بالقراءة والكتابة، وكان من ضمن ما قالته في تلك الكلمة: ''إذا ما تعلمت المرأة فإن كل الأشياء المتعلقة بأسرتها تتحسن وتتحول إلى الأفضل''· ومن الأشياء المفهومة على نطاق واسع من قبل المجموعات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان أن الوسيلة الأكثر فعالية لتقليص الفقر والمرض هي تعليم المرأة· ففي أفغانستان التي سافرت إليها ''لورا بوش'' ثلاث مرات تم تحقيق تقدم يدعو للإعجاب في مجال التعليم والعدالة، حيث نجد اليوم أن ثلث عدد الأطفال الأفغان الموجودين في الوقت الراهن في المدارس هم من البنات· وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يقرأ فيها عدد كبير من القراء هذه المعلومات عن الجهود التي تقوم بها ''لورا بوش''، وهو ما يرجع في الحقيقة إلى شخصيتها الهادئة الوقورة غير المحبة للظهور والتي قد قللت من جاذبيتها في نظر وسائل الإعلام· ولكن ذلك لا يعني على الإطلاق أنها شخصية سلبية بل إن العكس تماماً هو الصحيح فهي في نهاية المطاف لاعبة جادة تقدم الجهودُ التي قامت بها دروساً ذات شأن يمكن أن تفيد سيدة أميركا الأولى القادمة· ومن ضمن الدروس التي تعلمتها ''لورا بوش'' أثناء وجودها في البيت الابيض أن السيدة الأولى يجب أن يكون لها منبر للتعبير، وأن تعمل على استخدامه وهو ما لم تتنبه إليه جيدا في البداية· فعلى رغم أنها كانت أول سيدة أولى في تاريخ أميركا تلقي كلمة في الإذاعة عام 2001 حثت فيها على تقديم الدعم للمرأة الأفغانية، إلا أنها لم تقم بجولة فعلية، أو زيارة ميدانية إلا مع حلول فترة ولاية زوجها الثانية· ولكن عندما قامت بذلك لم تكن مهمتها شكلية ولا متواضعة على الإطلاق، وإنما كانت مهمة تهدف إلى إنقاذ النساء، وإنهاء الفقر، وتقليص المرض، وتوسيع نطاق الديمقراطية، والترويج للحرية· ربما لن تتمكن النساء من إنقاذ العالم إلا بمساعدة الرجال المستنيرين، ولكن التاريخ سيثبت دونما شك أن ''لورا بوش'' على وجه التحديد قد أدت دورها في ذلك على أكمل وجه· كاثلين باركر- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©