الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أشياء مجنونة

18 نوفمبر 2008 01:32
طيلة الشهور الأربعة المنصرمة، ظللت مسكوناً بأحد المقاطع المصورة التي كنت رأيتها في موقع ''يو تيوب''للقس ''جوزيف لاوري''المؤسس المشارك لـ''مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية''، وهو يبارك ترشح ''باراك أوباما''لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية· كان هذا المقطع مصورا بتاريخ الرابع من مارس ،2007 في وقت كانت فيه الغالبية العظمى من الشخصيات القيادية الأميركية من أصول أفريقية تؤيد السيناتورة هيلاري كلينتون· في ذلك المقطع قال ''لواري'' لمستمعيه: ''هناك أناس في هذا البلد يقولون إن هناك أشياء لا يمكن أن تحدث، بيد أنني أرى أن هناك الكثير من الأشياء المجنونة التي يمكن أن تحدث في هذا البلد''· في ليلة الانتخابات، وعندما بدأت أرقام النتائج تتدفق، ويتبين لي أن الولايات التي كان الخبراء قد قالوا من قبل أنها ستشهد أصعب معارك أوباما الانتخابية(أوهايو، وبنسلفانيا، وفلوريدا) كانت هي ذاتها التي ساعدته، وأن الولايات التي كنا نعتقد، منذ أقل من عام فقط، أنه لا يمكن لأي''ديمقراطي'' أن يكسبها(إنديانا وفرجينيا مثلاً) قد صوتت بالفعل لصالح ''الديمقراطيين''، أو على الأقل كانت أبعد ما تكون عن تأييد ''الجمهوريين'' بتلك الأرقام الخاصة بالناخبين الكبار التي كانت مكتوبة على تلك الخرائط الضخمة الملونة· عندما كنت أشاهد كل ذلك، تذكرت مرة أخرى كلمات ''لاوري''· وأدركت أن الرجل كان يتحدث عن نمط مختلف تماماً من الشجاعة: فأن تؤمن بنفسك، وتعتقد أنك تستطيع أن تقطع حمام سباحة عميقا على ظهرك، وأنك تستطيع أن تكسب عيشك من خلال الكتابة، دون أن يكون لديك شهادة جامعية شيء عظيم في حد ذاته، بيد أن الأكثر عظمة من ذلك، أن تؤمن إلى جانب إيمانك بنفسك بالناس الذين لم يسبق لك أن قابلتهم في حياتك· هنا تحديداً هي النقطة التي يلتقي عندها باراك أوباما، وغيره من زعماء حركة الحقوق المدنية العظام، وهي تلك المتعلقة بالإيمان المطلق بالبشرية، وهو شيء كان متوافراً لدى رواد هذه الحركة ولكن الأجيال اللاحقة لهم افتقدته كثيراً· إن أولئك الأميركيين من أصول أفريقية الذين لم يصدقوا أنفسهم وهم يرون أوباما يعلن ترشحه للرئاسة، لم يكونوا يرون أنه غير قادر على المواجهة، وإنما كل ما هنالك هو أنهم كانوا يتشككون في إنسانية الناس الذين كان أوباما في حاجة لإقناعهم بجدارته كي يتسنى له الفوز· دعونا هنا نتجنب الخوض في موضوع المساواة الزائفة بين البيض والسود، ونقول إن السود كانوا متشككين، بسبب الأجيال التي كانت إنسانيتهم فيها موضع شك، وبسبب الأجيال التي كانت فيها هذه الإنسانية مسروقة من قبل نفس الناس الذين كان أوباما يطلب منهم أن يثقوا به· لقد آمن مارتن لوثر كنج بإنسانية البيض فانتهت حياته برصاصة، وكان هذا في حد ذاته عبرة جعلت معظم الأميركيين من أصول أفريقية يتشككون في إمكانية فوز أوباما، بل ويتمنون لو أن الرجل لم يرشح نفسه في الأساس·بعد أن فاز أوباما، فإنه سيكون من الذكاء بالنسبة لنا كأميركيين من أصول أفريقية، بالغوا في الخوف من خطورة الدور الذي يمكن أن تلعبه العنصرية في الانتخابات، أن نعاود التفكير مجدداً في الأسباب التي جعلتنا نخطئ إلى هذا الحد· كما أن على هؤلاء الذين يريدون الاستئثار بثمار هذا الفوز، أو ينسبونه لأنفسهم أن يخففوا من غلوائهم ويفكرون في الدرس، الذي يمكن لنا أن نخرج به من هذه الحملة· إن هذا الدرس الذي خرجنا به ليس هو أن العنصرية قد انتهت، ولكن هو أن الناس أعقد كثيراً مما نعتقد، وأن أكثر العنصريين البيض تطرفاً قد يكون من بين هؤلاء الذين يعانون من نفس المشكلات التي تعاني منها الأغلبية العظمى من الأميركيين، وسيكون كل همه في الانتخابات، هو أن يختار الرجل الذي يعتقد أن لديه القدرة على حل تلك المشكلات بصرف النظر عن لون بشرته· تا-نهيسي كويتس محرر مشارك بمجلة ذي أتلانتك الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©