هلا عراقي (الشارقة) - نجحت الشارقة مجدداً، بنقل سحرها وإبداعاتها للعالم أجمع، مقدمة نموذجاً رائعاً لاستيعاب التنوع الثقافي والانفتاح على الآخر من دون أن تفقد شخصيتها، حيث احتضنت الإمارة مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية بنسخته الأولى، الذي التقى فيه الموسيقيون من الشرق والغرب، محملين بأروع المعزوفات لتعيش الشارقة معهم أياماً موسيقية ثقافية.
عروض حية
عكس المهرجان، الذي تنظمه القصباء الوجهة الترفيهية الأبرز في الإمارة، بالتعاون مع مركز فرات قدوري للموسيقى في الفترة ما بين 15 و18 يناير الجاري، رؤية المنظمين والقائمين عليه في التميز والتفرد عن باقي المهرجانات، حيث أتحف الجمهور بعروض موسيقية مميزة لاحت بشائرها بحفل الافتتاح، بمشاركة قامات موسيقية عريقة جاءت لتدلي بدلوها في هذه التظاهرة الثقافية العالمية، التي سلطت الضوء على جماليات الموسيقى حول العالم.
وأثبت المهرجان أن الموسيقى لغة عالمية تتجاوز الأبجدية ولا تقيدها حدود؛ فقد جمع مهرجان الشارقة الموسيقي العالمي بين شرق العالم وغربه، حيث شاركت فيه نخبة من الموسيقيين البارزين من دول عربية وأجنبية عدة، من أبرزهم الملحن والموسيقي نصير شمه. وقدم عروضاً لمقطوعات كبار الملحنين والعازفين الموسيقيين من العراق، ولبنان، وسوريا، والأردن، وكولومبيا، واليابان وفرنسا، وباكستان الذين سيعزفون على العود والفلامنكو، والسيتار والجاز في عروض حية.
واحتفى المهرجان بالمواهب الشبابية الواعدة حيث افتتحت المهرجان فرقة كورال مركز فرات قدوري للموسيقى، بوصلة غنائية طربية فلكلورية تحلق حولها جمهور القصباء، مردداً الأغاني ومصفقاً للموهوبين. واستطاع المهرجان أن يستقطب أعداداً هائلة من الجمهور الذي جاء متعطشاً لحدث موسيقي عالمي أطرب مسامعهم، وقد تفاعل الحضور مع العرض الخارجي للفنان ألكس الكنتانتي من كولومبيا، وعلى وقع أنغام الموسيقى الكولومبية تعالت صيحات الجمهور وزادت حماستهم.
بشائر الافتتاح
مسك ختام حفل الافتتاح كان مع «زرياب الصغير»، الفنان العالمي نصير شمه حيث غصت قاعة مسرح القصباء بعشاق الفن واللحن والموسيقى، الذين توافدوا من أنحاء الإمارات، كافة للاستمتاع بليلة موسيقية ساحرة كان نجمها المبدع نصير شمه شاركه فيها من الهند عازف السيتار الرائع أشرف شريف خان، حيث قدما ألحاناً جمعت بين الألحان العربية والهندية؛ فقدما فناً يعكس ثقافة بلديهما في حوار راق بين العود والسيتار وقدما قطعا موسيقية عالمية كانت عنوان النجاح الباهر الذي حققه المهرجان منذ اليوم الأول. ولمدة ساعتين من الزمن عاش جمهور مسرح القصباء حدثاً موسيقياً ينقش في سجل الذاكرة مع ألحان نصير شمه وأشرف شريف خان، حيث رفرفت هذه الألحان بجناحيها لتملأ المكان بعطر موسيقي أخاذ رحل بنا إلى أجواء عدة بدأت بلحن «من الذاكرة» الذي تناول التراث، ثم قدم نصير شمه لحن «الاتحاد» إعجاباً منه بالتجربة الحقيقية الفعلية للوحدة وأهداها للإمارات. ولبلاد الرافدين قدم لحنه الجميل «بغداد طاب صباحك»، بعدها نقلنا إلى مقام النهاوند، وهو أحد المقامات المشتركة بين العرب والغرب، لكن الموسيقى العربية لها دور أساسي فيه فقدم معزوفة يصف فيها حالة التطور والإبداع والحضارة للشرق، عندما كان يصدر ويبدع فأمتع الحضور «بزمان النهاوند»، ولم ينس نصير أن يهدي فلسطين لحناً فعزف «الدلعونا» بأسلوبه الفريد، وبعد أن أطرب الحضور بلحن «إشراق»، أهدى نصير صاحب اللحن الإنساني معزوفة لمن ضحوا من أجل الحرية من تونس إلى مصر وليبيا إلى كل من قدم الكثير من أجل التغيير، وأسهم في صناعة الشعوب التي تكون جزءاً من المستقبل وتصنع مصيرها فأهداهم معزوفة «بياض».
وقبل الختام لم ينس سوريا والشعب السوري فأهداه معزوفة «يا مال الشام».
رصيد ثقافي
حول المهرجان، قال فرات قدوري، مؤسس مركز فرات قدوري للموسيقى، إن «المهرجان الذي تنظمه القصباء بالتعاون مع مركزه للمرة الأولى يشكل حدثاً فنياً مميزاً، يضاف إلى رصيد إمارة الشارقة الثقافي، التي تنظم على مدار العام معارض ومهرجانات مرتبطة بالكتاب والشعر والأدب والمسرح والسينما والفن التشكيلي»، مضيفا «ستشكل الموسيقى نقطة جذب أخرى لمحبي المقطوعات العذبة والأصوات الجميلة، حيث سيكونون على موعد يومي مع أمسيات لمجموعة من الموسيقيين والعازفين والملحنين في العالم طيلة أيام المهرجان».
ضفائر الإبداع
أنهى نصير شمه الحفل ببيتين للأخطل الصغير قال فيهما:
شكت فقرها فبكت لؤلؤا ... تساقط من جفنها وانتشر.
فقلت وعيني على دمعها ... أفقر وعندك هذي الدرر.
وتمنى شمه للشارقة أن تبقى كضفائر متصلة من النشاطات والفعاليات النوعية والإبداعية في الفنون كافة، كما تمنى أن يرى في المستقبل فريقا من العازفين الإماراتيين، وحث الجميع على تعلم الموسيقى.
كما في بيت العود في أبوظبي بالتعاون مع مركز فرات قدوري للموسيقى، مضيفاً «يجب أن ندخل الموسيقى في كل بيت عربي».
قائمة المشاركين
تتضمن قائمة كبار الموسيقيين المشاركين في المهرجان عازف العود نصير شمه، وعازف السيتار أشرف شريف خان، والفنانة جاهدة وهبة، والفنان عازف القانون فرات قدوري، وعازف جيتار الفلامنكو فيسنتي آيندي، والفنانة الأردنية مكادي نحاس، والمغني والعازف ألكيس الكانتاني، والمغنية أوكسانا أونكو والمغني أمير آدم، وعازف الكمان والبيانو هاروكا هوري، ومغني الجاز والرقص الغجري الكسندر فالس، إضافة إلى فرقة يوروبيان فيوجن.
عدد اليوم
