الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باحثون ينصحون النساء بتأخير فحص سرطان الثدي

باحثون ينصحون النساء بتأخير فحص سرطان الثدي
15 مايو 2012
بعد الانقلاب الفجائي على طريقة الفحص المبكر التي كانت تُعد بالأمس القريب الطريقة الفضلى لوقاية النساء من سرطان الثدي عبر التشخيص المبكر، يسعى الباحثون لإيجاد مؤشرات أوضح حول الوقت الأنسب للنساء للخضوع لفحوص الماموجرام، وابتداءً من أي عمر بالضبط، وبمعدل كم مرة في السنة أو في العقد، لكن انقلابهم استثنى النساء اللاتي لديهن قريبات من الدرجة الأولى (أمهات أو أخوات) مصابات بالمرض، فهؤلاء يجدُر بهن دون غيرهن الخضوع لفحوص ماموجرام في أوقات مبكرة قبل تلك المتعارف نظراً لارتفاع عوامل الخطورة لديهن. صدرت مؤخراً دراستان جديدتان يبدو أنهما تمكنتا من نفض الغبار عن الشكوك التي كانت تنتاب بنات حواء اللاتي سبق أن أصيبت أمهاتهن أو أخواتهن بمرض سرطان الثدي، أو أولئك اللاتي لديهن أثداء ذات أنسجة زائدة الكثافة، وما إذا كان يتعين على هؤلاء النساء الخضوع لفحوص تشخيصية أولية عند بلوغهن سن الأربعين وتكرار الفحص نفسه سنوياً، أم بعد ذلك. وتفيد الدراستان اللتان نُشرت نتائجهما في العدد الأخير من مجلة “أنالز للطب الباطني” أنه بالنسبة للنساء المعرضات لمخاطر الإصابة بسرطان الثدي في الأربعينيات من عمرهن، فإن فوائد فحوص التشخيص الروتينية ما بين سن 40 و49 تفوق مخاطر الإنذارات الخاطئة والتدابير الوقائية غير الضرورية التي قد تجعلهن عرضةً للإصابة بمخاطر صحية أكثر من أولئك اللاتي لا يخضعن لأي فحص ولا يفعلن شيئاً. ضرره أكبر من نفعه من بين التوصيات المتعددة التي كان فريق المهمة الخاصة للخدمات الوقائية الأميركية قد أصدرها سنة 2009 توصية تفيد بأن إجراء فحص ماموجرام سنوي يمكن أن يضر النساء الأربعينيات أكثر مما يفيدهن، خاصةً منهن اللاتي ليس لديهن أي تاريخ عائلي بالمرض، ولا استعداد مسبق للإصابة به. وينصح أعضاء هذا الفريق النساء الأربعينيات بالتحدث إلى أطبائهن، ثم اتخاذ قرار شخصي بشأن مدى الحاجة للخضوع لفحص ماموجرام يعكس بالضبط القناعة التي خلصن إليها بعد نقاش مستفيض وصريح مع طبيب متخصص. وكان الغرض من إجراء هذين البحثين هو التعرف على النساء اللاتي يمكن أن يحتجن أكثر من غيرهن للخضوع لفحوص ماموجرام في وقت مبكر ولمرات أكثر. وقام الأطباء والباحثون الذين شاركوا في هاتين الدراستين بإقحام عامل خطورة جديد هو كثافة الثدي، وأضافوه إلى قائمة الحسابات والاعتبارات التي يأخذها في الحسبان كل من الطبيب والمريضة المحتملة قصد اتخاذ قرار بشأن الحاجة إلى فحص تشخيصي من عدمه. وباستخدام وسائل بحث منهجية مختلفة، توصل الباحثون في كلتي الدراستين إلى خلاصات ونتائج متقاربة، فإحداهما شملت تجميع وتحليل بيانات 61 دراسة سبق نشر نتائجها. أما الأخرى، فاستخدمت نماذج حاسوبية للتكهن بالمخرجات الصحية لنحو 44 ألف امرأة حاكين خضوعهن لأول فحص تشخيصي بعد بلوغهن 50 سنةً فما فوق. ثم قام الباحثون باستعمال نماذج حاسوبية مماثلة لتوقع المخرجات الصحية لنفس العدد من النساء في حال بداية خضوعهن لفحوص ماموجرام ابتداءً من سن الأربعين، ثم قارنوا معدلات الإنذارات الخاطئة لديهن، وتشخيصات سرطان الثدي، ومعدل الوفاة لدى المجموعتين. الطب المتوائم تقول الدكتورة ديانا بيتيتي التي تعمل منذ 2009 ضمن فريق المهمة الخاصة للخدمات الوقائية، وهو جهة مستقلة تضم نخبةً من خبراء الرعاية الصحية الذين يقدمون مشوراتهم وتوصياتهم للحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة الأميركية “إن توصيات الخضوع لفحوص تشخيصية متوائمة مع الظروف الصحية مع كل امرأة على حدة هي الأفضل”. وأنهى فريق المهمة الخاصة للخدمات الوقائية جدلاً طال أمده بعد أن ساد في أوساط الممارسين والناشطين المتضامنين مع مريضات سرطان الثدي بإصدار أعضائه توصيات تفيد بأن النساء البالغات 50 سنةً فما فوق ينبغي أن يخضعن لفحص ماموجرام مرةً واحدةً كل سنتين بدلاً من مرة واحدة سنوياً، وبأن غالبية النساء الأربعينيات يمكنهن أن يؤجلن هذا النوع من الفحوص في حال لم تظهر عليهن أية عوامل خطورة أو لم يكن لديهن تاريخ عائلي بالمرض، هذا علماً أن النساء الأربعينيات حول العالم كُن إلى وقت قريب يُدفعن دفعاً ويُنصحن في جميع حملات التوعية بسرطان الثدي بالخضوع لفحوص ماموجرام سنوياً. وتصب الدراسات الحديثة في اتجاه جديد يدحض ويفند كافة المقاربات الوقائية والعلاجية السابقة التي كانت تتبنى مبدأ “مقاس واحد يُناسب الجميع”. ويقوم هذا الاتجاه الجديد على مقاربة طبية تتعامل مع كل مريض على حدة، وتشخص المخاطر المحتملة على صحته هو شخصياً، فليس من الضروري أن ما ينطبق على هذا المريض ينطبق على آخر مصاب بالمرض عينه. ويشبه الدكتور أوتيس براولي، الرئيس التنفيذي الطبي للجمعية الأميركية للسرطان، الجهد المبذول للتعرف على من يمكنه الاستفادة أكثر من فحوص الماموجرام بـ”الطب المتوائم” الذي يُستخدَم للتعرف على المرضى الذين يستفيدون أكثر من الجهود المكثفة المبذولة لوقاية الناس من الإصابة بأحد أمراض القلب. قراءات خاطئة بتحليل المزاعم والافتراضات التي دعمت التقرير السابق المثير للجدل الذي أصدرته الخدمات الوقائية سنة 2009، وجد الباحثون أنه من بين النساء البالغات ما بين بين 50 إلى 74 سنةً، فإنه من بين كل حالة وفاة مصابة بسرطان الثدي يمكن تفاديها، تلقى 146 من النساء قراءات إيجابية عن طريق الخطأ بعد خضوعهن لفحوص ماموجرام. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كل سنة إضافية تكسبها المصابة بسرطان الثدي بفضل الاكتشاف المبكر للمرض عبر الماموجرام، هناك 8,3 قراءات إيجابية خاطئة تؤدي إلى إجراء اختبارات طبية لإزالة الخلايا أو الأنسجة لفحصها، وإلى مضاعفات جراحية في بعض الحالات، ناهيك عن قضاء أسابيع من القلق والتوتر. وعندما وجه الباحثون تركيزهم إلى النساء المحاكيات المتراوحة أعمارهن بين 40 و49 سنةً، وجدوا أن الفئات الوحيدة التي كانت تستفيد بقدر متشابه هي تلك التي تشمل نساءً تصل مخاطر إصابتهن بسرطان الثدي ضعف المخاطر المحدقة بغيرهن من النساء اللاتي ينتمين إلى نفس فئتهن العمرية. وتُسلط الدراسة الأخرى الضوء على النصف الآخر من الكأس، إذ تشير إلى وجود طرق عديدة لتقييم حجم مخاطر النساء الأربعينيات للإصابة بسرطان الثدي. وقد وجد الباحثون مثلاً أن وجود قريبة من الدرجة الأولى كأم أو أخت أظهر الفحص التشخيصي إصابتها بسرطان الثدي يُضاعف مخاطر هذه المرأة للإصابة بالمرض مقارنة مع غيرها. أما إذا كان لديها أكثر من قريبة مصابة، فإن ذلك يرفع مخاطر إصابتها أكثر. الأنسجة الغُدَدية وجدت الدراسة أيضاً أن احتواء الثدي على أنسجة غُددية أكثر من الأنسجة الدهنية هو سبب كاف لمضاعفة مخاطر إصابة المرأة الأربعينية بسرطان الثدي. لكن كشْف هذا الأمر يكون أصعب باستخدام فحص الماموجرام نظراً لأن الأورام السرطانية لا تظهر كما يحدث عندما يفوق عدد الأنسجة الدهنية نظيره من الأنسجة الغُددية. وكشف الباحثون أيضاً أن النساء اللاتي يخضعن لاختبارات إزالة أنسجة وخلايا الثدي لفحصها فيتبين أنها أورام حميدة يكن معرضات بنسبة 80% لمخاطر الإصابة بالمرض بعد الأربعين، وأن تناول حبوب منع الحمل يزيد نسبة الإصابة بالمرض بنسبة 30%، وأن مخاطر الإصابة تزيد لدى النساء اللاتي لم يسبق لهن الإنجاب بنسبة 25%، وأن النساء اللائي يُرزقن بأطفال بعد الثلاثين تزيد نسبة إصابتهن بالمرض بنسبة 20%. وفي افتتاحية تزامن نشرها مع نشر الدراستين، قال الدكتور براولي إن التعاطي مع الأثد الأكثر كثافةً لا يقود إلا إلى “ألغاز مختلفة” مثل صعوبة تفسير وتأويل القراءات التي تُشير إليها فحوص الماموجرام. ويُضيف الكاتب أنه إذا أصبحت كثافة الثدي أحد العوامل التي تقود إلى معرفة عدد مرات الفحص المطلوبة من المرأة، فإن تعليمات السلطات الصحية قد تشمل توصيةً تنص على أهمية خضوع كل امرأة تبلغ الأربعين لفحص ماموجرام مرجعي. مشوار الألف ميل تقول الدكتورة باتريسيا جانز، اختصاصية سرطان الثدي في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن هاتين الدراستين قد تُساعدان على “تطوير طرق رعاية أولية بسيطة قد تُسهل على المعالجين مباشرتها” لمناقشة حجم مخاطر إصابة كل امرأة بسرطان الثدي، والخطوات التي يمكن أن يتخذوها للتعامل مع المرض. وتضيف جانز أن النتائج التي خلصت إليها الدراستان تؤكد على الأهمية المركزية لمعرفة تاريخ المرض لدى العائلة وتحديثه باستمرار ليتسنى التعاطي مع كل حالة بمنتهى الدقة ودون هوامش خطأ. غير أن جانز تقول أيضاً إن عامل الخطورة الأساس لكثافة الثدي يحتاج إلى تعريف أفضل حول ما إذا كان يتعين وجود مبادئ توجيهية مساعدة للنساء وأطبائهن. وتضيف جانز بأن علماء الأشعة الذين يراجعون فحوص الماموجرام وأطباء الرعاية الأولية ليس لديهم معايير قائمة بذاتها أو برمجيات تسمح بتعريف كثافة الثدي على نحو دقيق. ولذلك فإن دعوة جميع النساء إلى تقييم كثافة أثدائهن بمجرد بلوغهن 40 سنةً ستكون أمراً سابقاً لأوانه. “فالمرأة لا تكون مستعدةً بعد لهذا النوع من الفحص”، حسب جانز. ويقول بعض الأطباء إن أكبر سلبية تُسجل ضد فحوص الماموجرام هي عجزها عن رصد 60% من حالات سرطان الثدي لدى النساء بأثداء عالية الكثافة. هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©