الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتش عن الطفل المدلل في سلوك أمه وأبيه

فتش عن الطفل المدلل في سلوك أمه وأبيه
31 يناير 2006
إعداد- مريم أحمد:
لا أحد منا يرغب في طفل مُدَلل، وذلك لما لهذا الطفل من صفات مزعجة لكل من الوالدين، والأخوة الأشقاء· فالطفل المدلل ليس سوى طفل مزعج، أناني، مُتطلب، ولا يراعي مشاعر وحقوق، واحتياجات الآخرين من حوله· لكن هل هذا ذنبه؟ هل جاء إلى هذه الدنيا مُدَلّلا، أم أن هناك عوامل كان لها دور في إكسابه هذه الصفة؟ وهل لحب الوالدين دور في تنشئة طفل مدلل؟
كثيرا ما ينصحنا الآخرون بترك الطفل يبكي، أو بعدم احتضانه كثيرا حتى لا نكون سببا في إفساده، لكن هذا قد لا يكون صحيحا، لأن الحب لا يمكنه إفساد الطفل، وتحويله إلى طفل مدلل ومزعج· فالطفل يحتاج إلى الحب والحنان كحاجته للماء والغذاء، لكن المشكلة تكمن في طريقة تعريفنا لكلمة 'الحب'· فالكثيرون يعتقدون أن حبنا لأبنائنا يعني توفير كل ما يطلبونه على المستوى المادي، وهناك الكثير من الآباء والأمهات ممن يعتقدون أنهم يُعبّرون عن حبهم للطفل بكمية الألعاب التي يشترونها له، أو بالاستجابة لكل مطالبه ورغباته، من دون أن يفكروا في النتائج والعواقب المترتبة على التساهل مع الطفل، وإشباع رغباته الطفولية، وبمعنى آخر 'تدليله'·
عواقب التدليل المادي
هناك ثلاثة عواقب سلبية ناتجة عن تدليل الطفل عبر توفير كل احتياجاته ومطالبه المادية:
* تدليل الطفل يُنَمّي لديه سلوك الإدمان على الأمور المادية، وهذا بدوره يقلل من اهتمامه بالآخرين، ويُضعف- أو يقضي على- الإبداع الداخلي لديه· وقد يمتد ذلك إلى مرحلة ما بعد البلوغ· وعلى سبيل المثال، لو كان يعاني من توتر وقلق، فلن يبحث عن سببهما للتخلص منه، بل سيلجأ إلى إخفاء توتره وقلقه خلف غطاء الإدمان على نشاط معين كالتسوق، أو مشاهدة التلفاز، أو الإفراط في تناول الطعام· وهذا السلوك ليس سوى شكل من أشكال عدم اعتماده على نفسه· ويجب على الأهل الذين يُغدِقون على أطفالهم الهدايا والألعاب، أو يسمحون لهم بقضاء أوقات طويلة أمام شاشة التلفاز، أن يعلموا أنهم بذلك لا يحبون أطفالهم فعلا كما يظنون· بل هم يعلمونهم عدم الاعتماد على أنفسهم، وعلى الإدمان على أنشطة وأمور معينة عوضا عن البحث عن أسباب المشاكل التي تواجههم بهدف إيجاد الحلول المناسبة·
* تدليل الطفل يعني تخلي الأهل عن مطالبهم واحتياجاتهم الخاصة، وذلك لأن الوالدين لا يفكران سوى بتلبية احتياجات الطفل المدلل، الأمر الذي يدعوهما إلى تجاهل احتياجاتهما· وليس من العدل، بل ولا يدل ذلك على الحب أن ينسى المرء نفسه، ويُهمِلَها·
ولاشك في أن الطفل عندما يرى أو يلمس تجاهل الوالدين لمطالبهما واحتياجاتهما الخاصة بهدف إرضائه، سيتعلم أنه لا بأس بالتغاضي عن، أو تجاهل، احتياجات الآخرين من حوله، والاهتمام فقط بتلبية مطالبه· ليس هذا فحسب، بل سيُعامِل والديه بنفس الطريقة التي يعاملان بها أنفسهما، أي أنه سيتجاهل ولن يكترث باحتياجاتهما، ومطالبهما· ومن القواعد الأساسية في التربية، قاعدة مفادها: إذا ما لم تحترم مطالبك واحتياجاتك، ونفسك، فانك بذلك تعلم أبناءك عدم احترامك، وعدم احترام الآخرين·
* العاقبة الأخيرة تُعَدّ من أكثر الظواهر المنتشرة في مجتمعاتنا، وهي أن الطفل يتعلم كيفية تقدير نفسه من خلال مظهره الخارجي، ومن خلال كمية الألعاب التي يمتلكها، وكذلك من خلال ملابسه الباهظة الثمن- أي أنه يربط بين تقديره لذاته وبين استحسان واعجاب ومدح الآخرين له· وذلك صحيح إلا في حال قام الوالدان بتعليم الطفل أن القيم والمبادئ هي المقياس الحقيقي للشخصية، وكذلك الصفات والمزايا الداخلية كالاهتمام بالآخرين، والابتكار، والابتسامة· ومن هنا، كان لابد من إفهام الطفل أن تقدير المرء لنفسه لا يأتي إلا من خلال شخصيته، وما هوعليه، وليس من خلال المظهر، والشكل الخارجي·
ولسوء الحظ، أن مجتمعاتنا المادية تُنَمّي فينا وفي نفوس أبنائنا حقيقة الربط بين تقدير الذات، وبين استحسان الآخرين لما نملكه من سيارة فخمة، أو منزل ضخم، أو ثياب راقية· ومن الجدير بالذكر أن تدليلنا للطفل من خلال حب الامتلاك المادي سيُنَمّي لديه صفة الاعتماد على استحسان ومدح واعجاب الآخرين من أجل أن يُقدّر ذاته· مما يعني أنه بلا استحسان، وبلا إعجاب الآخرين به، فلن يُقَدّر ذاك الطفل المدلل ذاته وشخصيته·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©