منتخب غينيا يتحول من سمكة صغيرة إلى حوت يبتلع الكبار

إذا كان عام 2005 قد شهد ظهور فرسان جدد للقارة الافريقية في كأس العالم حيث كانت أبرز معالم المنافسات الافريقية في عام 2005 هو تأهل أربعة منتخبات من القارة السمراء لاول مرة إلى نهائيات كأس العالم وهي غانا وكوت ديفوار وأنجولا وتوجو فإن بطولة كأس الامم الافريقية المقامة حاليا في مصر أظهرت بزوغ نجم وفارس جديد على الساحة الافريقية هو المنتخب الغيني الذي أصبح الحصان الاسود للبطولة·
ونجح الفريق الغيني في الفوز بمبارياته الثلاث في المجموعة الثالثة بالدور الاول للبطولة حيث تغلب في المباراة الاولى على جنوب أفريقيا بهدفين ثم على زامبيا 2/1 وأخيرا حقق المفاجأة الكبيرة وهي أكبر مفاجآت البطولة حتى الان وتغلب على المنتخب التونسي حامل اللقب '3صفر ليتصدر مجموعته ويؤكد ظهور قوة أفريقية جديدة·
وكانت جميع الترشيحات قبل بداية البطولة تتجه نحو فوز المنتخب التونسي بصدارة المجموعة·
ولكن المنتخب الغيني الذي خاض البطولة وهو خارج الترشيحات بنسبة كبيرة وكانت أكثر التوقعات تفاؤلا للفريق هو أن ينافس المنتخبين الزامبي والجنوب أفريقي على البطاقة الثانية للمجموعة إلى الدور الثاني نجح في تفجير كبرى المفاجآت واحتل المركز الاول في المجموعة بجدارة·ووجه المنتخب الغيني بذلك إنذارا إلى الكبار في الادوار التالية من البطولة خاصة وأنه لم يتأهل عن طريق الصدفة وإنما نتيجة مجهود اللاعبين والتزامهم بتعليمات مدربهم الفرنسي باتريس نوفو الذي تفوق على مواطنه روجيه لوميير المدير الفني السابق للمنتخب الفرنسي والمدرب الحالي للفريق التونسي·وربما يكون نوفو قد أعرب عن شكواه قبل بداية البطولة من قصر الفترة التي قضاها اللاعبون سويا في فترة الاعداد ولكن كانت هذه الشكوى هي نفسها سر التألق في البطولة فقد أراد اللاعبون تعويض هذه النقطة السلبية فلجأوا إلى تنفيذ تعليمات مديرهم الفني حرفيا ومن هنا جاء الفوز في المباريات الثلاث·
ولعل أبرز العوامل التي ساعدت الفريق الغيني في هذه البطولة أيضا أن الفريق يضم عددا من اللاعبين المحترفين بالخارج ولكنهم بالطبع ليسوا بنفس شهرة العديد من نجوم تونس وجنوب أفريقيا باستثناء باسكال فيندونو نجم الهجوم الغيني الذي سجل بمفرده ثلاثة أهداف من إجمالي سبعة أهداف في الدور الاول للبطولة ليدخل صراع الهدافين·وخلال سبع مشاركات سابقة للمنتخب الغيني في كأس الامم الافريقية لكرة القدم فشل الفريق في تجاوز الدور الاول للبطولة سوى مرتين فقط كانت الاولى عندما حصل على المركز الثاني في بطولة عام 1976 والثانية عندما وصل لدور الثمانية في البطولة الماضية عام 2004 بتونس·ولذلك فإن البطولة الحالية في مصر (كروكونايل 2006) تمثل للفريق صفحة جديدة نجح من خلالها في كتابة التاريخ الجديد للفريق خاصة وأن الترشيحات الخاصة بالفريق الغيني تزايدت بقوة في مواصلة الانتصارات في الادوار التالية·ورغم تواضع تاريخ المنتخب الغيني على الساحة الافريقية إلا أن طموحات جماهيره دائما ما تكون في القمة حيث يرى مشجعوه أن الفريق قادر دائما على التأهل لنهائيات كأس العالم وكذلك على الفوز باللقب الافريقي أو المنافسة بقوة عليه·
ويمثل ذلك ضغوطا شديدة على المنتخب الغيني في جميع المباريات التي يخوضها في التصفيات أو النهائيات ولكنه نجح في التخلص من هذه الضغوط في البطولة الحالية ربما بسبب الترشيحات الضعيفة له قبل بداية البطولة· وجاء وقوع المنتخب الغيني في المجموعة الثالثة ليمنحه بعض الامل بعيدا عن المجموعات الثلاث الاخرى الاكثر صعوبة ولذلك لم يكن غريبا على باتريس نوفو المدير الفني للفريق أن يعرب عن أمله في أن يتأهل الفريق لدور الثمانية في البطولة رغم أنه يدرك تماما أن فريقه وصل للنهائيات ليكون سمكة صغيرة وسط الحيتان·ورغم التاريخ المتواضع للمنتخب الغيني إلا أن باقي المنتخبات المشاركة في البطولة الافريقية لم تكن تستهين بالمواجهة معه خاصة وأن الفريق قدم عروضا قوية في التصفيات الافريقية المؤهلة لكأس أفريقيا 2006 وكأس العالم 2006 بألمانيا ونجح الفريق في تقديم عروض أفضل وأقوى في البطولة الحالية ليكون عند حسن الظن به·
ورغم صعوبة فوز الفريق باللقب الافريقي في ظل وجود أكثر من عملاق أكثر منه شهرة وخبرة إلا أن وجوده في المجموعة الثالثة منحه أملا كبيرا في العبور إلى دور الثمانية وبالفعل نجح الفريق في تحقيق الامل وتأهل لدور الثمانية ليكون ذلك نتيجة رائعة لهذا الفريق·ويشارك المنتخب الغيني في النهائيات الافريقية للمرة الثامنة علما بأن أول مشاركة له في النهائيات تعود إلى عام1970 واحتل الفريق الغيني المركز الثالث في المجموعة الخامسة من التصفيات برصيد 17 نقطة من الفوز في خمس مباريات والتعادل في مباراتين والهزيمة في ثلاثة لقاءات·وحل الفريق في المركز الثالث بفارق أربع نقاط خلف المنتخب التونسي المتصدر وثلاث فقط خلف الفريق المغربي الذي احتل المركز الثاني·
واستهل المنتخب الغيني مسيرته في التصفيات بالتغلب على منتخب موزمبيق في الدور التمهيدي بالفوز عليه 1/صفر ذهابا و4/3 إيابا·وفي المجموعة الخامسة بالتصفيات فاز الفريق على تونس2/1 ذهابا وخسر منها صفر/2 إيابا وتعادل مع مالاوي 1/1 ذهابا وفاز عليها 3/1 إيابا وفاز على بوتسوانا 4/صفر ذهابا و2/1 إيابا وتعادل مع المغرب 1/1 ذهابا وخسر منها صفر/1 إيابا وخسر من كينيا 2/1 ذهابا وفاز عليها 1/صفر إيابا·
وبذلك يكون المنتخب الغيني هو الفريق الوحيد الذي تغلب على تونس في التصفيات المؤهلة لكأس العالم وكرر هذا الفوز عليه في النهائيات ولكن بنتيجة أكبر·وقبل بداية البطولة أكد الكثيرون أن المنتخب الغيني فريق أفراد لانه يضم بين صفوفه عددا من اللاعبين البارزين الذين يتألقون مع أنديتهم الاوروبية ولكنهم يفشلون في قيادة المنتخب بنفس المستوى بينما أظهر المنتخب الغيني العكس في البطولة حيث وضح الانسجام والجماعية في الاداء عليه خلال المباريات الثلاث بالدور الاول للبطولة·ويضم الفريق الغيني مجموعة لاعبين بارزين مثل باسكال فيندونو المحترف في سانت اتيان الفرنسي وأبو بكر تيتي كامارا وإبراهيما كامارا وكابا ديوارا نجم أجاكسيو الفرنسي·
واعتمد الفريق بشكل كبير في هذه البطولة على مديره الفني الفرنسي باتريس نوفو لاضفاء صبغة الاداء الاوروبي على الفريق في البطولة الافريقية·