البطاطس بديلاً للقمح والأرز في مواجهة أزمة الغذاء

في الوقت الذي تكافح فيه حكومات الدول الفقيرة من أجل توفير الغذاء لأعداد متنامية من الجوعى، وتشهد فيه أسعار الحبوب الكثير من التقلبات، فقد أوصى العلماء بأحد الحلول المبتكرة لأزمة الغذاء العالمية يتمثل في التوسع في زراعة واستهلاك البطاطس· وكانت الحبوب مثل القمح والأرز تعتبر الغذاء الأساسي في معظم أرجاء العالم والعملة الرئيسية في مجال توفير المساعدات والدعم الإنساني، ولكن مجموعة من العلماء وخبراء الأغذية والمختصين في مجال المساعدات أصبحوا على قناعة بأن البطاطس، هذا الغذاء المتواضع والواسع الانتشار، آن له أن يلعب دوراً أكبر بكثير في ضمان التدفق المستمر لإمدادات الأغذية في العالم النامي· وكما يقولون فإن الدول الفقيرة بإمكانها زراعة المزيد من البطاطس لاستبدال الحبوب التي يتم شحنها من مناطق بعيدة، بينما تخضع للتقلبات الحادة في الأسواق· وحتى قبل ارتفاع الأسعار الى عنان السماء في أوائل هذا العام، فقد شرعت حكومات دول من الصين وحتى بيرو ومالاوي في حث وتشجيع المواطنين على زراعة وتناول البطاطس كوسيلة تعمل على ضمان الأمن الغذائي وتعزيز المداخيل في الأرياف· وكنتيجة لذلك فقد قفز الإنتاج في الصين بمعدل 50 في المائة في الفترة ما بين عام 2005 و2007 لدرجة أن الحكومة أطلقت على البطاطس وصف بوابة الخروج من دائرة الفقر · وفي بيرو حيث البطاطس تعتبر الغذاء الرئيسي التقليدي في المناطق الريفية العالية فقط، فقد قاد الرئيس آلان جارسيا حملة تهدف للترويج الى تناول البطاطس في باقي المدن والمدارس والسجون وفي مقاصف معسكرات الجيش عبر توفير الخبز المصنوع من البطاطس وبشكل ساعد على زيادة استهلاك البطاطس بمعدل بلغ 20 في المائة في هذا العام· وقبل عقد من الزمان، كانت الغالبية العظمى من كميات البطاطس تزرع وتستهلك في العالم المتقدم وخاصة في أوروبا وأميركا، أما الآن فقد احتلت الصين والهند - التي لم تكن أي منهما من كبار الدول المستهلكة للبطاطس في السابق - المرتبة الأولى والثالثة على التوالي في القائمة العالمية لإنتاج البطاطس· وفي عام 2005 أنتجت الدول النامية ولأول مرة الكمية الأكبر من البطاطس في العالم، وكما يقول نيبامبي لوتالاديو أخصائي الجذور واللقاحات الزراعية في منظمة الزراعة والأغذية في روما: ''لقد أصبح استهلاك البطاطس في الدول النامية يمضي في توسع وبقوة بعد أن أصبحت البطاطس مصدراً هاماً للغذاء والعمالة والدخل''· وعلى الرغم من أن أسعار الحبوب قد تراجعت في الأشهر الأخيرة من مستوياتها التاريخية إلا أن أسعار الحبوب ما زالت تعتبر باهظة بالمقارنة مع أسعارها قبل عامين من الآن· لذا فقد اتجهت المنظمة التابعة للأمم المتحدة الى تشجيع الدول بقوة من أجل التنويع عبر إنتاج البطاطس، إذ يقول لوتلاديو: ''لقد دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة من التقلبات الحادة، إذ أن الأسعار الجديدة العالية ما زال من الممكن عودتها مرة أخرى في موعد قريب''· وتعتبر البطاطس مصدراً رئيسياً لنشويات البروتين والفيتامينات والمواد المغذية مثل الزنك والحديد، وهي تحتاج الى كمية من الطاقة والمياه أقل مما يحتاجه القمح في زراعته، كما لا تستغرق سوى فترة ثلاثة أشهر ما بين زراعتها وحصادها في نهاية المطاف· ولما كانت البطاطس تتسم بثقل الوزن وصعوبة نقلها الى أماكن بعيدة، فإنها لا يتم التعامل معها عادة في أسواق السلع والأموال الرئيسية في العالم مما جعل أسعارها أقل عرضة للتقلبات والمضاربات· وهي لا تستخدم أيضاً في إنتاج الوقود الحيوي الذي يعتبر استغلالاً جديداً للمحاصيل الزراعية وبشكل ساعد على رفع أسعار الحبوب· لذا فإن أسعار البطاطس ظلت ثابتة ومستقرة عندما ارتفعت أسعار الحبوب الى عنان السماء· وبالإضافة لذلك فإن إنتاج البطاطس يمكن التوسع فيه بسهولة في معظم أنحاء العالم، حيث لا يزال يزرع بكميات صغيرة وبدون الفعالية والجودة المطلوبة· عن انترناشيونال هيرالد تريبيون