افرض·· مثلا

افرض مثلا أنك كنت مدعوا على سهرة عائلية في منزل أحد الأصدقاء، وأن صاحب الدعوة اتصل بك قبل الموعد المحدد بساعات قليلة وأخذ يطرح عليك هذه الأسئلة: هل تعاني من الأنفلونزا؟، هل حرارة المدام ،يقصد زوجتك بالطبع ـ مرتفعة؟، هل يشعر أي من الأبناء بفقدان الشهية مع أعراض خمول وبدايات حمى؟· تخيل أنك قلت له ضاحكا أن طفلك الصغير يعاني من ارتفاع بسيط في الحرارة وأن حالته تحسنت بعد أن أعطيته دواء وصفه له الطبيب، وسألته في دهشة عن علاقة ذلك بالسهرة العائلية، وبدلا من أن يجيبك خيرك بين عدم اصطحاب الطفل المريض، أو تأجيل السهرة حتى لا ينقل العدوى لأبنائه·· كيف ستتصرف تجاه هذا السلوك ''غير الحضاري''؟·· غالبا ستغضب، وربما تقطع العلاقات الثنائية والعائلية وتوقف الاتصالات المباشرة والهاتفية·· ''فالأمر كله لا يعدوا محاولة للتهرب من الدعوة''· الكثيرون منا لا يتقبلون مثل هذا التصرف، فاصطحاب طفل مريض لزيارة قريب أو صديق أمر عادي في مجتمعاتنا، ولكنه في حقيقة الأمر جريمة، لأن الطفل المريض من حقه أن يرتاح ويتلقى العلاج المناسب، وليس من الصواب إجهاده بالسهر والزيارات، ولأنه قد ينقل العدوى إلى أطفال أخرين· أحد الأصدقاء عاش تجربة مؤلمة خلال عطلة صيفية أمضاها في وطنه·· فقد تعرض طفله الوحيد والذي لا يتجاوز عمره عاما ونصف العام لأكثر من خمس أزمات صحية خطيرة خلال الإجازة ، والسبب أقاربه وأصدقائه· في أول أيام الإجازة زارته شقيقته ومعها أطفالها، وكان أحدهم يعاني من التهاب في اللوزتين، والتقط الطفل العدوى، وبعد أن تماثل للشفاء، التقط العدوى بالأنفلونزا وأصيب بالتهاب شعبي، ومرة ثالثة أصيب بتسمم غذائي بسبب طعام لا يناسب سنه قدمه له قريب، وعندما عاتبه، غضب القريب، واتهمه بالمبالغة في الاهتمام بطفله مؤكدا أن ''الطفل لابد أن يمرض لكي يكتسب مناعة''، كلام غريب، وسلوك أكثر غرابة·· وعندما يتعلق الأمر بالأطفال يصبح جزءاً من جريمة علينا أن نمنع وقوعها· أبو أمنية alhefnawi@yahoo.com