الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دبي.. كطائر منتشٍ بالنسيم

دبي.. كطائر منتشٍ بالنسيم
15 مايو 2013 20:14
دبي.. كطائر منتشٍ بالنسيم، يطل من شرفة على البحر، يفرد أجنحة الهوى متحاشياً غبار السنوات.. كسفينة بأشرعة الشاهقات، تعانق هامات النجوم، وترسو عند شغاف القمر.. كفراشة تلون المكان، ويفوح من جناحيها عبير الزهر، والشجر، وما سطره المجدُ من وجد وجد، وسد، وحد، وأمد، يمتد على مد التضاريس، المبهرة. دبي.. أسطورة تسطر في النواحي، ملاحم الخلود، وتسرد قصة ما رواها أقدم الحكماء، فريدة، عتيدة، مجيدة، تليدة، مديدة، عنيدة، قديمة جديدة، هي قصيدة ترتل أبياتها هذه السامقات الباسقات، اليانعات الحادبات، الحاديات حدو الجياد النبل، الذاهبات بالوجدان سطوة وصبابة، الآتيات من رحم النبوغ ببلوغ الهاطلات والنواصل.. دبي.. سمة، ووسامة، قمة، وشهامة، هِمة، وشامة، نعمة، وعلامة، هي الكلام والكليم، هي الوسام والنعيم، هي الأحلام والحليم، هي الحكمة البالغة، هي الترنيم، هي الجزالة والفضيلة، هي السلالة الفيحاء، والنبيلة، هي الفكرة والرؤية الأصيلة، هي الفجر المتفجر من ترائب النجوم، ومواهب الغيوم، ومناكب الأرض الرؤوم، وسواكب المزن الرحوم، ومواكب الإرث الزموم، ومراكب الفضل الهضوم، ومناقب الحلم الجشوم، وذوائب الخيل اللجوم، ومذاهب النوق الرزوم. دبي.. كحكيم إغريق غارق في الأسئلة، يبحث عن شيم الله في الخَلْق، والأخلاق، يفتح رواق الحكمة، يمنح المريدين، نواصي المعرفة، عينه معلقة في السماء، وبهاء النجوم، قلبه صفحات منقوشة بحروف التعلق بالحكمة، ونعيم القرائح المزدهرة. دبي.. كفيلسوف شرقي، عاكف على قراءة شجرة الخلود، واقف على المعرفة، بمشاعر نازقة عازفة غارفة من معين العقل المتوقد، وأيامها جياد صاهلة، مناضلة من أجل منجزات ومعجزات تتوالى كأنها الليل يتبعه النهار، كأنها الأقمار تستدير حول كوكب الدهشة، كأنها السحب، تختزن ماء الحياة، وتفشي أسرار التفوق بامتياز وانحياز نحو القمم الوارفة.. قارة في حضن إمارة دبي.. نهوض الشجر على ربوات الهاجس المتألق بنخوة النبلاء، وصبوة النجباء، ونشوة الطير المحدق في وجه السماء. دبي.. الذاهبة بثقة نحو الشواطئ المذهلة المجلجلة بجلال ودلال، واستدلال، واعتدال، وابتهال، الذين وشموا الطموح، بعلامات التفرد، والذين كتبوا القصيدة من حبات الرمل، ولؤلؤ الفؤاد، وكريات الدم، ونسجوا حرير المعرفة بأنامل الثبات، ونبات الأحلام الزاهية، الذين ناولوا التاريخ رغيف النصوع، وحرروا العقل من أصفاد، الجمود. دبي.. قارة في حضن إمارة، ومحيط في رعاية مضيق، وسماء بحماية كوكب، وعين تكحل رموشها بأثمد المجد، وتغرد بصوت وصيت، ووجنة شامتها، إبهار منقطع النضير. دبي.. لا تشبهها إلا دبي، لا تقارعها إلا ذات تفوق الذوات، ولا تتفوق إلا على نفسها فلا بديل ولا عديل، يقارع المستحيل. دبي.. كلوحة زخرفها كائن أسطوري، مستدعياً وعي الخالق في تسكين الخوارق، بلا عوائق. دبي.. الفاصلة في جملة الكلام المدهش، هي العبارة، المجللة بالمعنى، هي الرواية في حضرة الإبداع المذهل. دبي.. كحسناء عجز الشعر أن يضاهي فتنتها، وتقاعست القافية عن مجارات دالها، وبائها، ويائها. دبي.. تَحضْر في المكان وتُحضِّر فصولها الأربعة، في ربيع واحد، عشبه وجوه تلونت بلون الطيف، وطيوره قلوب رفرفرت للفرح بفرح، والبحر يطوق العنق والحدق، ويستأنف عشقه، على السواحل، بدنف الكائنات المفرطة في الشوق. دبي.. في كل صباح ترتب أشياءها في حقيبة السطر، تغادر دوماً باتجاه الجديد، وتصوغ حليها من ذهب، الطموح وتلون فستانها من زرقة البحر، وخضرة الشجر، وبياض الأفئدة، وخيوط الشمس المذهبة. دبي.. عند شروق كل شمس، تقرأ كتاباً جديداً وتصدر ديواناً جديداً، وتطبع في القلوب، قصيدة جديدة بعنوان بالإرادة، تتقاعس المستحيلات، وتصير صهوات الجياد أهدافها ما بعد الأفق، وما فوق الشفق، عند المناطق القصوى لقدرات العقل البشري. دبي.. الطور والدور، والعين الحور، والطير الحر. دبي.. القُبلة والسنبلة، والقِبلة المجلجلة، والجملة والفاصلة، والمدينة الفاضلة، والفصيلة، والقافلة، والجديلة المجندلة، والخلخال والجلجلة، هي المأل وبوح المرحلة، هي الموال والنشيد والمنزلة، هي السؤال المتوهج عبقاً ودهشة، وزلزلة، هي الغصن الوارف، هي القرنفلة، هي الدمقس، والجديلة المفتلة، هي خريطة الحب، والتضاريس المفصلة، هي القصيدة العصماء المرسلة، هي الفاتنة الحسناء والمدللة. دبي.. الفرض والنافلة، والرحلة المطولة، والنجمة الطائلة. دبي.. المنطق والناطقة، والجملة الفعلية، والعبارة الشاهقة، والسماء ذات البروج، والحدقة، هي العقود والعناقيد، والحتمية المتدفقة، هي الصعود، والصناديد، الدافقة، هي الرعود والمزون، البارقة، هي الوعد الناهض من ترائب وتربه طارقة، هي الغيمة الحبلى، بنث الساكبات المرفقة. دبي.. الراجحة في المعنى، الرابحة في المضمون، المفعمة بالجزالة. دبي.. النخلة والنحلة، والقصيدة السهلة الممتنعة. دبي.. الطريق إلى منطقة العشب الكوني، وازدهار العشق، وزهو العاشقين. دبي.. الناصية والصواب والصبابة، والصبيب، والصبا، والصبوة، والصباح الصبيح. دبي.. الجدل، والجديلة، والجدول، والجمال، والجميل. دبي.. العنق والعناق، والعناقيد، والعقود، والعقيدة. دبي.. الحبكة، والحنكة، والحكاية، والنشوة، والإنشاء، والنشيد، والشدو، والإشادة. دبي.. الطَرَفُ والطَرْف، والطُرفة، دبي السُبل، والسلامة، والسلسبيل. دبي.. كقصيدة على لسان حكيم شرقي إذ يحكي عن سمو الروح: «ما أكبر الروح.. مستحيل قياس علو السماء.. لكن الروح تذهب أبعد من السماء مستحيل قياس الأرض لكن الروح تذهب أبعد من عمق الأرض مستحيل الذهاب أبعد من نور الشمس والقمر لكن الروح تذهب أبعد من سطح نور الشمس والقمر». والأشياء، لا تكبر إلا عندما، تستوطن الروح، وعندما تتفرع أغصانها في سماء الروح، فتكبر، ويكبر الإنسان معها.. دبي.. تذهب في روح الأشياء، تأتي من صلب الأشياء، والأشياء لا تغني إذا ما لا مست الروح، لأنها أصل الخلود. دبي.. في المستقر، والقرير، والقرار، والاستقرار، والوقار. دبي.. الكون المتجسد في منطقة شمال القلب في منطقة الاستواء العشبية، عند مصب أنهار الدماء، بمحاذاة سواحل الإنسانية جمعاء. وصفة إماراتية لا معادل لها دبي.. تلميذة نجيبة تخرجت من مدرسة التفكير ومن أنجاب الفكرة لفكرة، ومن استقطاب الخبرة من عِبرة، ومن استتباب العقل على ومضات فيلسوف التفكير ابن طفيل، إذ يقول: «من لا يفكر لا يبصر، ومن لا يبصر يعيش أعمى».. ففي البدء كانت الفكرة، وفي الطريق إلى المجد عبرت دبي طريق الحرير من أجل تحقيق أجمل ما في الكون ألا وهو صياغة المكان بأشجان من عمروا الوجدان بالصدق والإيمان، فلذا، فإن السفينة عبرت المحيط، وتصالحت مع الموجة العارفة بألفة المشاعر، واستعدت كل ما يكمن في العقل من طاقة، ولباقة، ولياقة، وأناقة، لكي يشد أزره ويمضي نحو غايات الرسم على لوحة التراب، والاعتناء بأنامل الفكرة، لتكون ريشة فنان أدمن الفن كمعطى، ومنجز، ونتيجة إبهار، ودهشة. دبي.. توحد الثلاثي المذهل في زمن واحد، فالماضي، والحاضر، والمستقبل، ثلاثة أضلاع لزمن واحد، هو زمن دبي، حالة دبي الراهنة والفريدة، سمتها المميزة، بوصفة إماراتية، لا معادل لها، سوى شهوة الصحراء للمطر، وشظف الطير للشجر، وشغف السفينة للبحر، ولا سقوف، ولا وقوف، ولا عكوف إلا أمام محراب المجد، والغد المتصل بحاضر وماض. دبي.. كأنها تختزل الزمان، كأنها تمدد أجنحة المكان، لمكان عند سطح الشمس، كأنها تضع للأمان، مشاريع غير قابلة، للتوحد إلا مع دبي، كأنها تريد أن توقع عقداً مع ضوء القمر، لكي لا يطفئ فوانيسه ولا ينكفئ نهاراً. دبي.. هي هكذا مشاريعها خارج إطار المألوف، بعيداً عن التقليد. دبي.. حلقة جديدة من حلقات التاريخ، وهي المكون الأساسي لمدارات الكون، كون الكون أصبح غرفة ضيقة، يقطنها المليارات من البشر، محور تواصلهم، مدينة تعج بالحب، تفوح من شرايينها رائحة الانسجام ما بين الأجرام السماوية. دبي.. كأنها في ليلة عرس تحشد قواها الوجدانية، لأجل تتويج الحياة بفرح أبدي، صورته المثلى هذه الحركة الدائبة، الذاهبة، في المستقبل، بثقة بدون مواربة أو تورية. دبي.. والمجد سيان صنوان لا يفترقان، وعلى طريقة «التأملية» تفتح نافذة الأمل، وتتأمل لوحة السماء وسبورة الأرض، تقرأ في النجوم جمالها، وفي الأرض احتمالاتها الأكيدة في التخصيب، والتخضيب، والتصويب، والتشذيب، والتهذيب، والترتيب. دبي، هي هكذا صيغت من لؤلؤ السماء، وعشب الأرض، فأزهرت أشجارها قلقاً صحراوياً شيمته الوصل، بنصل وفصل، وأصل، الذين يعشقون الإنسان، كما يعشق الماء التراب، وكما تمج الأرض اليباب، وكما تكره الحقيقة السراب. دبي.. هي هكذا مثل قنديل يسقط نوره في ظلام الناس، فتشتعل الأرض بهاء، وتستورد القلوب صفاء، وتستنير الدروب نقاء. دبي.. هي هكذا، حزمة من أمل لا ينكفئ، وشعاع من نور لا ينطفئ. دبي.. هكذا، مدينة في التضاريس، منطقة في القلوب..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©