الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«يوميات رجل أمن».. ثمن الكتابة

«يوميات رجل أمن».. ثمن الكتابة
18 مايو 2011 20:09
فيليب بيشون، ضابـط برتبة رائـد في الشّرطة الفرنسية، وهو في الأصل ابـن بائع زهور وطـالب سابق في اختصاص الآداب، وفي الكتـاب الذي ألـفه عن تجربته في مهنته يتبيـن انه مختلف عن الصّورة الكلاسيكيّة النمطيـة لرجل الأمن. يجـزم بيشون في كتابه “يوميات رجل أمن” أن مهنة الشرطة تخوّل لمن يمارسها فهم التحولات الاجتماعية أكثر من غيره، مضيفاً:” إن رجال الشرطة لا يتكلمون إلا نادراً وإذا تكلموا وألفوا مثل هذا الكتاب: هل هناك من يستمع اليهم؟”. جمع المؤلف في كتابه بين رواية تجاربه الشخصية وبين تسريب آرائه وأفكاره واقتراحاته كاشفاً عن الروابط بين الشرطة والسلط القضائية والسياسية . يقول متحدّثاً عن نفسه: “10 بالمائة من القطارات في فرنسا لا تصل في المواعيد المحدّدة لها و 5 بالمائة تحيد عن السّكّة. هل يمكن لكم أن تتكهّنوا لأي نسبة من هذه النسب سأولي كل اهتمامي، هل أهتم بالـ 85 بالمائة الباقية؟ أبداً، بل بالخمسة عشرة في المائة... وهذا مثال أضربه بالقياس على مهنتي، فأنا لم أنخرط في الأمن بحثاً عن قصص القضايا “الجميلة” فإنّ ما يهمّني هم النّاس العاديّون”. وهذا الضّابط في الشّرطة الفرنسيّة هو من طينة رجال الأمن الجدد، كما نراهم في المسلسلات التّلفزيونيّة، فهو يلاحق طبعا اللّصوص والمجرمين ولكنّه أيضا يهتمّ بالإحصائيّات، و هو محلّ تتبّع من رؤسائه في الجهاز الأمنيّ الذي ينتمي إليه وتمّ مثوله أمام مجلس التأديب بتهمة قرصنته لنظام معالجة الملفات الخاصّة بالمخالفات التي يرتكبها المواطنون، وهو نظام سرّيّ خاصّ بالأمن، ويتضمن معلومات تجمعها الشّرطة، عن الشخصيات المهمة، وتحتفظ بها لاستغلالها عند الحاجة أو عندما يقتضي الأمر. وقد سرّب الضّابط للإعلام ملفّ المغنّي الشّهير جوني هوليداي والممثّل من أصل مغربي جمال دبّوز، وقدّم هذه الخدمة للإعلام بقناعة دون مقابل ماديّ ، وهو يعلّل موقفه وتصرّفه ذلك بقوله بأنّ هذه المنظومة غير قانونيّة. ويقول موضحاً رأيه في كتابه: “إن مـن واجبي أن أعلن على الملأ أسرار وخفايا عمل الشرطة غير القانوني، وقد سعيت لإحاطة رؤسائي في عملي بذلك ولكن لم يصدر اي ردّ فعل، ولذلك رأيت أنّ الصحافة هي السبيل الوحيد لأسمع صوتي”. ويقول محاميه وليام بوردون William Bourdond أنّ موكّله الضابط فيليب بيشون هو من طينة من يمكن وصفهم “مطلقي صفّارات الإنذار”. والجدير بالذّكر أنّ المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان تحمي الأعوان والموظّفين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على كشف بعض الحقائق والإعلام عنها. وبيشون – كما يظهر في كتابه - يتّسم في عمله بالمثاليّة وحبّه للواجب بعيداً عن أي حسابات، وهذا النّوع لا يكون عموما محبوبا من زملائه أو رؤسائه، وهو في الكتاب الذي ألفه يدين منظومة الملفّات التي يتمّ إعدادها عن المواطنين الأبرياء تجسسا على حياتهم. يؤكّد بيشون في كتابه أنّ بعض رجال الأمن يجدون مشقّة في إعداد ملفّ عن هذا أو ذاك من عباد الله الطّيّبين، وهذه الملفّات تحتوي معلومات يتمّ جمعها وأحيانا يتمّ التقاطها من مجرّد إشاعات قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة. إنّ هذه الملفّات هي ذاكرة ضرورية لكلّ شرطيّ، يقول أحد رجال الشّرطة: “إذا تمّ حذف هذه المنظومة فنحن ميّتون”. وجد الكتاب إقبالاً كبيراً لدى القرّاء لكنه كان السبب في أن يتلقى صاحبه إنذاراً من قبل رؤسائه لإخلاله بواجب التحفّظ باعتباره ينتمي إلى سلك الأمن، ولكن شخصيّات كبيرة ـ خاصّة من اليسار الفرنسيّ ـ ساندته على غرار روبار بادنتار وزير العدل سابقا. يشار إلى أن فيليب بيشون ألّف ثلاث روايات، ومجموعة قصائد أيضاً اختار لها عنوان “ظلّ مغلق” Ombre close، كما انّ كتابه طفولة مسروقة Enfance volee الذي يروي فيه مأساته لاقى نجاحا هاما، وقد أحيل المؤلف على المعاش ـ قبل الأوان ـ كعقاب له ولكنّه رفع قضيّة لا تزال رهن النّظر. وهو ضابط شرطة له من العمر 39 عاما، وأحيل على مجلس التأديب لخرقه سرّ المهنة، ثمّ رفعت به قضيّة. الكتاب: يوميّات رجل شرطة المؤلّف : فيليب بيشون النّاشر: فلاماريون
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©