الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطـر و«الإخوان» تاريخ أسود من العلاقات المشبوهة

قطـر و«الإخوان» تاريخ أسود من العلاقات المشبوهة
15 أغسطس 2017 01:04
أحمد مراد (القاهرة) منذ ما يقرب من 63 عاماً، وبالتحديد في سنة 1954، ارتبطت دولة قطر بجماعة الإخوان «الإرهابية» بروابط ومصالح وثيقة، وجمع بينهما «تاريخ أسود» من العلاقات المشبوهة، حيث أصبحت الإمارة الصغيرة جزءاً حقيقياً من التنظيم العالمي للجماعة الإرهابية، وفي المقابل أصبحت الجماعة أداة وورقة ضغط تستخدمها الإمارة الصغيرة في إلحاق الضرر بجيرانها سواء في محيطها القريب الخليجي أو محيطها البعيد العربي، وذلك في ظل سعيها الدؤوب إلى أن يكون لها دور إقليمي ودولي مؤثر حتى ولو كان على حساب الأمن القومي العربي والخليجي. وفي السطور التالية، يرصد المحللون والباحثون الجذور التاريخية للعلاقات المشبوهة التي جمعت قطر بجماعة الإخوان، ومراحل تطورها على مدى العقود الستة الماضية.. وإلى التفاصيل: بداية، أوضح د.وحيد عبدالمجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الروابط الوثيقة التي تربط بين قطر وجماعة الإخوان، تكتسب أهمية قصوى لدى حكام الدوحة، ويظهر ذلك من سياقها التاريخي الذي يدل على أنها أكثر من مجرد علاقات بين طرفين، ومن الصعب فهم مدى عمق الحضور الإخواني في الدوحة من دون الإلمام بهذا السياق. وقال د. عبدالمجيد: نتذكر هنا حدثاً بالغ الأهمية قد يوضح طبيعة العلاقة التي تجمع قطر بالإخوان، ويتمثل هذا الحدث في قرار تنظيم الإخوان في قطر حل نفسه طواعية عام 1999، وذلك في سابقة لم تتكرر في تاريخ هذا التيار، ولم يتنبه إلى أهمية هذا القرار في حينه إلا قليل من الباحثين والمؤرخين الذين كانوا يعرفون علاقة أمير قطر السابق حمد بن خليفة مع الإخوان قبل استيلائه على السلطة عام 1995، وقربه من تنظيمهم، ولذلك فعندما تولى السلطة، لم تبقَ حاجة إلى وجود تنظيم الإخوان الصغير في الدوحة، بل أصبح الحاكم الجديد حينها في حاجة إلى أعضائه أو بعضهم في أجهزة السلطة، وتفيد المعلومات القليلة المتوافرة أن إخوان قطر حلوا تنظيمهم عندما تأكدوا أن هدفهم الأساسي تحقق، وهو التأثير في اتجاهات السلطة وسياساتها، ولم تكن الدراسة التي أعدوها حينئذ، وتوصلوا في ضوئها إلى حل تنظيمهم، إلا إخراجا متقنا لقرار أرادوا التمويه على دافعه الحقيقي عن طريق طرح أسئلة عن مغزى العمل التنظيمي ومستقبله. وعن جذور العلاقة بين قطر والإخوان ومراحل تطورها في العقود الستة الماضية، أوضح الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، أن علاقة الإخوان بالدوحة ممتدة عبر التاريخ، حيث يمكن القول، إن الإمارة الصغيرة أصبحت جزءاً حقيقياً من التنظيم العالمي للجماعة، أو العكس صحيح، وإن الجماعة أصبحت أداة وموظفة لدى السياسات الخارجية القطرية. وقال فرغلي: لقد وصلت موجة الإخوان الأولى إلى قطر من مصر عام 1954، وذلك بعد أزمتهم مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وفي ذلك الوقت نالت الجماعة ثقة حاكم قطر آنذاك الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، والذي هيأ لهم إنشاء تيار إسلامي داخل قطر، وكان لهم تأثير كبير على المجتمع المحافظ في قطر، وقد كان 9 قيادات إخوانية من رفقاء حسن البنا قد هربوا إلى قطر منذ الصدام مع جمال عبدالناصر، وهم الذين زرعوا أفكار الإخوان في قطر وانتشروا في مؤسسات حيوية مؤثرة، منهم على سبيل المثال يوسف القرضاوي الذي سيطر على جامعة قطر وأنشأ كلية الشريعة، وعبدالبديع صقر الذي ارتقى في المناصب حتى وصل إلى منصب المستشار الثقافي لحاكم قطر، وحسن المعايرجي الذي وصل إلى أرفع المناصب في وزارة التعليم للدرجة التي جعلته يقوم بتدريس الشيخ حمد بن خليفة، وأحمد العسال الذي عمل في قطر طوال فترة الستينيات، وعبدالحليم أبوشقة الذي ألف الكثير من الكتب المتعلقة بالمرأة في قطر، وسيطر على الجمعيات الخيرية، وعبدالمعز عبدالستار الذي تولى تأليف المناهج المدرسية القطرية. وأضاف فرغلي: ووصلت الموجة الإخوانية الثانية إلى قطر من سوريا سنة 1982 بعد أن قام حافظ الأسد بأحداث مدينة حماة، ووصلت الموجة الثالثة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر قادمة من المملكة العربية السعودية، ووصلت الموجة الرابعة بعد طرد قادة حركة حماس، وعلى رأسهم خالد مشعل من الأردن، وكانت الموجة الخامسة مصرية أيضاً عقب سقوط الجماعة وعزلها في أعقاب ثورة 30 يونيو. وتابع فرغلي: حرص الإخوان الذين وفدوا إلى الدوحة على التوغل في المؤسسات القطرية، والتواصل مع القيادات السياسية، كما ركزت الوفود الشعبوية على العمل في المؤسسات التعليمية، وهو ما أثر بالفعل في توغل الجماعة في كل مؤسسات قطر فيما بعد، ومارست هذه الحركة أدوارها في التربية والإغاثة والعمل الخيري، والتي كانت تزاولها عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية. وواصل فرغلي رصده لمراحل تطور علاقة الإخوان بقطر قائلاً: في عام 1995، تولى الأمير السابق حمد بن خليفة الحكم في قطر، وبعدها أنشأ قناة الجزيرة، وبدأت الدوحة تبحث عن دورٍ إقليمي، وربما دولي في حدود ما يسمح به الأميركيون، وفي هذه الفترة استغل حمد بن خليفة وجود الإخوان الذين أصبحوا موظفين رسميين لدى المخابرات القطرية، فالإمارة الصغيرة لا تملك أدوات صنع الصراع الرئيسة، وهي القوة البشرية والجغرافيا؛ لذا اعتمدت على الإخوان كأداة من أدوات القوة الناعمة. وأضاف: ومولت قطر الإخوان عن طريق عبدالرحمن النعيمي، الذي أنشأ منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، ومقرها الرئيس في جنيف بسويسرا، ولها فرع بالدوحة، وجميع أعضائها من المنتمين لجماعة الإخوان، ويمثلون الأغلبية في التنظيم الدولي للإخوان، وهم من المطلوبين أمنياً لدى كثير من أجهزة الأمن العربية، ومنهم رشيد مسلى وعباس العروة وخالد العجيمي وعبداللطيف عربيات، أما النعيمي فهو أيضاً موضوع على قوائم الإرهاب كممول رئيس، للجماعات الإرهابية في العراق وجبهة النصرة في سوريا وجماعة الشباب في الصومال وغيرها. وتابع فرغلي: في أعقاب ثورة يناير، اجتمع خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان بحمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق، وطلب منه قبل الانتخابات الرئاسية المصرية أن يخبر أميركا أن الإخوان سيحافظون على كامب ديفيد، وجميع العلاقات الدولية بالدول الغربية، وفي المقابل طلب دعماً مادياً، وهو ما وفرته قطر بالفعل للجماعة، عن طريق بنك قطر الإسلامي، حيث يتم تحويل الأموال إلى حساب بنكي يخص أكاديمية التغيير التي يديرها هشام مرسي زوج ابنه الشيخ يوسف القرضاوي. ومن جانبه، أكد القيادي الإخواني المنشق، د.محمد حبيب، نائب مرشد جماعة الإخوان سابقاً، قوة ومتانة العلاقات والروابط التي تربط قطر بالإخوان، مشدداً على أن قطر لن تتخلى عن سياساتها الرامية إلى دعم الإخوان مالياً وإعلامياً وسياسياً. وقال د. حبيب: لا يمكن لقطر أن تتخلى عن جماعة الإخوان بأي وجه من الوجوه، وذلك لأن الجماعة تمثل إحدى أهم الأدوات والأوراق التي تستخدمها قطر في تحقيق مكاسب سياسية عبر ممارسة الضغوط على العديد من الدول العربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©