الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيارات الجمهوريين بين «بولنتي» و «هوكابي»

18 مايو 2011 22:37
يترك قرار "مايك هوكابي" بعدم خوض الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2012 فراغاً كبيراً داخل الحزب الجمهوري، ليس فقط من ناحية المحافظة الاجتماعية التي تميز بها، بل أيضاً لأن "هوكابي" كان من رواد الشعبوية الاقتصادية التي ربما يحتاجها الحزب الجمهوري لبناء حملة انتخابية فعالة. فمقارنة بباقي خصومه ومنافسيه ضمن الحزب الجمهوري، اشتهر "هوكابي" بمواقفه المثيرة للجدل التي استقطبت نسبة عالية من الناخبين؛ مثل تعبيره عن الاستياء من مدراء الشركات الذين يتقاضون رواتب عالية، وتعاطفه مع "المواطنين في أسفل السلم الاقتصادي"، لاسيما وأنه هو نفسه ارتقى من الحضيض وصعد إلى القمة ليعطي بذلك مصداقية لخطابه غير المنسجم تماماً مع المبادئ الجمهورية التقليدية. هذه المواقف التي عبر عنها "هوكابي" في السابق جعلته هدفاً سهلاً لطهرانيي الاقتصاد الحر الذين ركزوا في انتقاداتهم الموجهة له على سجله كحاكم لولاية "أركنسو"؛ مثل رفعه الضرائب، وفرضه لحظر شامل على التدخين في الولاية، وزيادته للحد الأدنى من الأجور بنسبة 21 في المئة داخل الولاية... وهو ما دفع أحد صقور المحافظين "ريتشارك فيجيري" إلى وصفه بـ"المسيحي الاشتراكي". لكن "هوكابي" لم يصمت إزاء الانتقادات، بل ردّ بعنف أحياناً على المحافظين داخل حزبه، حيث انتقد "نادي النمو الاقتصادي" الذي يروج لأفكار الاقتصاد الحر، وعدم تدخل الحكومة الفدرالية في الاقتصاد ناعتاً إياه بـ"نادي الجشع". وبعد هجوم تعرض له "هوكابي" على يد "جروفر نوركيست"، من جمعية "أميركيين من أجل الإصلاح الضريبي"، رد قائلاً: "لم يتولَّ جروفر قط منصباً حكومياً، ولم يضطر أبداً لإعداد ميزانية الولاية... كما لم يواجه وضعاً عجز فيه عن الاستدانة لمنع رفع الضرائب، أو القول لكبار السن إنه يأسف لإخراجهم من دور الرعاية ورميهم في الشارع لعدم وجود أموال". وفي حملته الانتخابية لعام 2008 بدت المواضيع التي أثارها "هوكابي" متقدمة على سياساته العملية؛ ربما للتخفيف من نبرته الشعبوية، فقد جاءت دعوته إلى نظام ضريبي أكثر "عدلاً وإنصافاً" أقل من سقف مطالبه السابقة بفرض ضريبة على المبيعات التي حلت مكانها دعوته إلى ضريبة تصاعدية على الدخل. لكن حتى عندما قررت بعض القطاعات المهنية في أميركا اختيار مرشحها؛ مثل عمال الصناعة الفضائية، وقع الاختيار على هيلاري كلينتون ثم بعدها "هوكابي". واليوم يجد الحزب الجمهوري نفسه في موقع لا يشجعه على تبني الأفكار الشعوبية في الحملة الانتخابية المقبلة، لاسيما وأن الرأي العام الأميركي لن يقبل العودة مجدداً إلى المواضيع التي صنعت شهرة الحزب مثل الرعاية الصحية وغيرها. لكن الحزب أيضاً محتاج في هذه الفترة، وبصرف النظر عن الانتخابات التمهيدية التي ستجرى داخلياً، إلى خطاب متماسك يتجاوز مجرد الحديث عن التقشف، وخفض الموازنة، إلى ما هو أكثر تفاؤلاً. وفي هذا الإطار يتعين على مرشحي الحزب تناول القضايا الأساسية التي تؤثر على مستقبل أميركا؛ مثل الأعطاب التي تخترق النظام التعليمي، وتراجع المهارات الأساسية لدى الأميركيين ما يحرمهم من فرص العمل مقارنة ببعض البلدان الأوروبية... إذ ليس كافياً التركيز فقط على الموازنة وضرورة خفضها، بل لابد من الإشارة إلى الفرص المتاحة أمام الأميركيين لتحسين أوضاعهم. فمن يستطيع من الجمهوريين اليوم تبني الخطاب الجديد وشق طريقه في الانتخابات المقبلة؟ الحقيقة أن "تيم بولنتي" يمثل هذا التوجه، فهو أكثر استقطاباً لقواعد الجمهوريين من "هوكابي" بالنظر إلى قيمه المحافظة من جهة ولا شعبويته من جهة أخرى. ففي ولاية "مينيسوتا" التي حكمها في السابق، استطاع "بولنتي" الحصول على مرتبة متقدمة في إدارة الموازنة دون التخلي عن مبادئ الجمهوريين في مناهضة الضرائب، ومع ذلك لم يخلُ خطابه من نبرة شعبوية؛ مثل دعوته عندما كان حاكماً للولاية إلى تحسين معايير التعليم، وإعادة استيراد الأدوية من كندا، وقبوله فرض الضرائب على استهلاك السجائر، فضلاً عن اقتراحه دعم الطاقة المتجددة... وهو ما ساعده على الفوز بهوامش ضيقة في ولاية محسوبة تقليدياً على الديمقراطيين. والآن ولتحسين صورته لدى قاعدته المحافظة، يحاول "بولنتي" التقرب من تيار "حفلة الشاي" الذي يتمتع بنفوذ قوي داخل الحزب الجمهوري، بحيث يعتمد في ذلك على استعراض مؤهلاته في إعداد الموازنات والتحكم في الإنفاق، فضلاً عن تدينه الشخصي الذي يتقاسمه مع تيار "حفلة الشاي". ومن النقاط التي قد تصب أيضاً في مصلحة "بولتني" وتؤهله لتزكية الحزب الجمهوري، قدرته على التواصل مع جميع الأطياف بدءاً من عناصر "حفلة الشاي" الأكثر تشدداً إلى المعتدلين داخل الحزب، وليس انتهاء بالمستقلين. هذا ويستطيع "بولنتي" خلال حملته الانتخابية تبني مواقف شعبوية دون حرج؛ أولاً بسبب تاريخه الشخصي، حيث ينحدر من وسط عمالي بسيط، وثانياً بالنظر إلى قدرته التي أثبتها عندما كان حاكماً لولاية "مينيسوتا" في توظيف قوانين السوق والأفكار المحافظة لدعم الحركية الاقتصادية. مايكل جيرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©