الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنيف 2 ... سقف توقعات منخفض!

15 مايو 2013 22:53
ترودي روبن كاتبة ومحللة سياسية أميركية من كانوا يعارضون تورطاً أميركياً أكبر في سوريا شعروا، دون شك، بالارتياح بعد إعلان كل من موسكو وواشنطن عن رغبتهما في عقد مؤتمر دولي لإنهاء الحرب الأهلية المشتعلة في ذلك البلد. فتصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري من جهة، لا يتضمن أي تلميح عن اختراق دبلوماسي، ومن جهة أخرى، ليس أمام الدبلوماسية أي فرصة لتحقيق تقدم، ما لم يقم أوباما أولاً بعمل ما تجنبه طويلاً، وهو أخذ زمام المبادرة في مساعدة المعارضة السورية المسلحة على كسر حالة الانسداد العسكري الناتجة عن عدم قدرة أي طرف على حسم الوضع على الأرض لمصلحته. وما قاله كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف بصدد المؤتمر الدولي المزمع يتمثل في أن دولتيهما ستعملان على ترتيب اجتماع بين ممثلي الحكومة السورية، والمعارضة، من أجل بحث كيفية تنفيذ خطة سياسية انتقالية مبنية على الاتفاقية التي توصل إليها أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمون في اجتماعهم المعقود بجنيف في يونيو 2012. ولكن هذه الاتفاقية لم تصل إلى شيء على مدار عام، حيث لم يبد نظام الأسد، ولا موسكو، ولا المعارضة السورية، أي اهتمام ذي شأن بها. وحتى عندما أبدى قادة المعارضة رغبة في الحديث، رد الأسد بارتكاب فظائع، والتزمت موسكو من جانبها الصمت. فهل تغير أي شيء في موسكو الأسبوع الماضي؟ ليس الكثير. صحيح أن كيري قد تخلى علناً عن مطلب بلاده الخاص بـ«رحيل الأسد» الذي اعتبر شرطاً مسبقاً لانطلاق المفاوضات، ولكن ذلك لن يحدث فارقاً يذكر لأن الأسد عمل منذ البداية على ألا تمضي مفاوضات «خريطة طريق جنيف» إلى ما هو أعمق من هذه النقطة (رحيله عن الحكم). فوثيقة جنيف كانت تدعو إلى حكومة انتقالية تدير شؤون البلاد بصلاحيات تنفيذية كاملة، حتى يتم انتخاب حكومة جديدة، ولكن المعارضة لم تكن لتقبل بأي حكومة انتقالية تضم الأسد نفسه، أو أي شخص من دائرته الضيقة. والأسد من ناحيته «لم يكن ليوافق على الرحيل أولاً، بل كان يريد التشبث بالسلطة بأي ثمن» كما يقول «لؤي السقا» الأميركي السوري الأصل، والشريك المؤسس لـ«مجموعة الدعم السورية» ومقرها الولايات المتحدة. ولمزيد من التوضيح يقول البروفيسور «فرِد هوف» المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، الذي شارك في مفاوضات وثيقة جنيف، إن الأسد قد أدرك أن هذا الشرط «يعني حكماً بالإعدام» على حكم عائلته لسوريا، وهو ما أدركته روسيا أيضاً، ودفعها ذلك الإدراك لتأييد الأسد في رفضه للمبادرة. ولم تكن هناك مؤشرات في موسكو الأسبوع الماضي على أن الرئيس فلاديمير بوتين قد غدا أكثر حماساً فيما يتعلق بـ«التخلي عن الأسد». ومع ذلك، ركز العديد من الصحفيين على تصريح وزير الخارجية لافروف الذي قال فيه «إن روسيا ليست مهتمة بمصير أشخاص معينين، بل بمصير سوريا ذاتها». ولكن لافروف قال أشياء مشابهة من قبل، وربما يقصد بتصريحه الأخير عدم ممانعة بلاده في رحيل الأسد إذا ما اختارت دائرته الضيقة ذلك. ولكن هذا احتمال ضئيل للغاية، حيث تدرك تلك الدائرة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأسد أنه إذا ما ذهب فستكون هي التالية. وتشير كافة الدلائل على أن الأسد ما زال مقتنعاً بقدرته على التغلب على المعارضة، وخصوصاً على ضوء حقيقة عدم رغبة أوباما في تقديم مساعدة ذات شأن لها. ويقول «هوف» إنه ربما يكون استخدام الأسد المشتبه به للأسلحة الكيمياوية على نطاق محدود مقصوداً به إرسال إشارة للمترددين في دائرته الضيقة بعدم نية الرئيس الأميركي الوفاء بوعيده الخاص بعدم السماح باجتياز «الخط الأحمر، وطمأنة مؤيديه بعدم نية الغرب كذلك التدخل». ويقتنع «هوف» أيضاً بعدم احتمال حدوث اختراق دبلوماسي ما لم يتغير التوازن العسكري على الأرض، وأن بوتين لن يقوم بالضغط على وكيله إلا إذا ما أيقن بخسارته للمعركة. وهو ما أوافقه عليه في الحقيقة. وتغيير الميزان العسكري بين الجيش النظامي السوري والمعارضة المسلحة لن يحتاج لوضع جنود أميركيين على الأرض، كما لن يتضمن استخداماً لطائرات وصواريخ أميركية، بل كل ما سيتطلبه هو مساعدات عسكرية إضافية من الولايات المتحدة وحلفائها، ودوراً أميركياً أكبر بكثير من الدور الحالي -قائماً على القيادة من القمة- لضمان أن المساعدات ستمر فقط عبر قنوات «المجلس العسكري الأعلى» الجديد للمعارضة. وبناء على هذا الالتزام من جانب أميركا، فسيكون ممكناً منع أي أسلحة إضافية من الوقوع في أيدي «الجهاديين». والحقيقة هي أن «الجهاديين» لديهم قدرة على الحصول على الأسلحة الثقيلة تفوق كثيراً -كما تحققت «سي آي إيه» من ذلك- قدرة قادة المعارضة السورية المسلحة التي ندعي مساعدتها. وخلاصة القول أنه: ما لم يتغير الميزان العسكري على الأرض، فلن يزيد أي حديث عن الدبلوماسية عن كونه مجرد عذر لتجاهل الفظائع والخطوط الحمراء العديدة التي تنتهك من جانب الأسد. والخيار هنا ليس بين الدبلوماسية وبين الانخراط الأميركي الأوسع نطاقاً كما يظن البعض. فالحقيقة ببساطة هي: بدون الثاني سيكون مصير الأول الفشل المحتوم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©