السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ثقافة الاستهلاك تغزو الاقتصاد الليبي

ثقافة الاستهلاك تغزو الاقتصاد الليبي
20 نوفمبر 2008 00:49
في ظل تساقط الحواجز الاقتصادية بين ليبيا والغرب يسود العاصمة الليبية طرابلس مناخ من النمو الاقتصادي تغذيه حداثة ثقافة الاستهلاك، واستثمارات أجنبية متدفقة· ومع غروب الشمس تهب نسمات باردة عبر ممرات ظليلة تعود الى الحقبة الاستعمارية ويتمشى سكان طرابلس امام المتاجر المليئة بمجموعة كبيرة متنامية من السلع المستوردة من دمى باربي ترتدي الحجاب الى قمصان فريق انجلترا لكرة القدم وحقائب نسائية وأوشحة حريرية لأشهر المصممين· وبالقرب من الساحة الخضراء حيث الأضواء الكاشفة الساطعة والملصقات التي تحتفل بمرور 39 عاماً على الثورة الإسلامية الاشتراكية التي قادها العقيد معمر القذافي يناقش رجال أعمال يحملون أحدث أجهزة الكمبيوتر المحمول مشاريع استثمارية وهم يحتسون القهوة الايطالية وعصائر الفواكه· ووفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في ليبيا الى 2,5 مليار دولار عام 2007 بعد تعاف بطيء منذ عام 2004 وهو العام الذي تلا تخلي ليبيا عن برنامجها لأسلحة الدمار الشامل، ووضعها هذا على قدم المساواة مع المغرب والسودان من حيث التدفقات المالية في افريقيا· ومع تزايد أعداد الرحلات الجوية الى طرابلس امتدت ساحة انتظار السيارات بالمطار الى حقل مجاور، ويجري إنشاء مشروع بتكلفة ملياري دولار لزيادة سعة استيعاب الركاب باكثر من ستة أمثال· ولكن يبدو أن سكان طرابلس لم يتأثروا بمستوى النشاط والعدد المتزايد من الزوار الأجانب، وقال أحمد فكرون المغني ومؤلف الأشعار الغنائية الليبي: ''اذا لم تزر منطقة ما لفترة يصبح من الصعوبة بمكان أن تتعرف عليها''، وأضاف ''تسأل نفسك متى حدث كل هذا؟''· وفي المساء يتكون طابور من سيارات بي ام دابليو والسيارات رباعية الدفع على امتداد شارع بن عاشور الفخم ويستعرض قادة السيارات الشبان محركاتهم القوية بدورات بسياراتهم تصدر صريراً وترسل أعمدة دخان في الهواء، لكن هذا الصخب لا يشتت مجموعة من الرجال المتقدمين في العمر الذين كانوا يلعبون الضامة ويدخنون النارجيلة· وتعلن لافتات في أنحاء البلدة عن إنشاء فنادق شاهقة، ويبدو أن متاجر العطور الفرنسية وملابس مشاهير المصممين الإيطاليين تقدم خدماتها لطبقة جديدة من الليبيين الأثرياء المتطورين الذين يملكون المال ويريدون إنفاقه· ويقول مصطفى وهو تونسي يعمل لحساب مجموعة دويمو للأثاث الإيطالي: ''التجارة مزدهرة وتعد بأن تكون اكبر في العام القادم··· توقفنا عن تلقي المزيد من الأعمال في الوقت الحالي لأننا لن نتمكن من تنفيذ العقود''· وانخرطت شركات أميركية في قطاع النفط والغاز الليبي بعد رفع العقوبات عام 2004 لكن كثيرين أحجموا عن هذا حتى صيف العام الحالي حين اتفقت الدولتان على إنشاء صندوق لتغطية المطالبات بتعويضات في جرائم إرهابية، واليوم لا تزال الماركات الأميركية المعروفة غائبة بوضوح، وهناك مطاعم للبرجر لكن لا يوجد مطعم مكدونالدز، ويرحب رجل يرتدي زي بطة من الفرو بزوار مطعم عائلي لكن لا وجود لمتاجر ديزني على الإطلاق· ويقول ليبيون أجريت معهم مقابلات في طرابلس إن بلادهم بدأت تنفتح على الاقتصاد العالمي بشروطها حيث تشجع الاستثمار الداخلي مع تجنب رموز القوة الاقتصادية الغربية· ويفضلون عدم خوض مناقشات في السياسة، لكن البعض يدافعون عن نظام ليبيا حيث تباع منازل للأسر الشابة بأسعار معقولة، كما أن الطحين مدعم لضمان أن يظل ''أرخص من الرمل'' ولا يضطر الكثير من المواطنين الى التسول· ويصف الكتاب الأخضر الذي ألفه القذافي وهو الأساس النظري لنظام حكمه ونشر في اواخر السبعينيات العلاقة بين المستخدم والموظف بأنها علاقة عبودية، ويقترح ألا يكون الموظفون عمالاً بأجر بل شركاء· ويقول بعض سكان طرابلس إن الإصلاحات لتشجيع الناس على إعادة التدريب للحصول على وظائف حقيقية بدلاً من الاعتماد على الوظائف الحكومية مؤشر على أن البلاد قادرة على التحديث بدون ثورة جديدة· وقال عبد الحفيظ شتيوي (30 عاماً) وهو مهندس بترول: ''تستطيع الحصول على أي شيء تريده في ليبيا لكن يجب أن تجتهد في دراستك··· بعض الناس قد يحصلون على أموال من الحكومة ويمكثون في المنزل لكن هذه ليست حياة''· ويرى آخرون أن المجتمع الليبي بات اكثر اعتماداً على المهارات، حيث أصبح من الممكن رؤية مواطنيهم يعملون ميكانيكيين وحتى عمال نظافة في الشوارع بينما كانوا يرفضون هذه النوعية من العمل فيما سبق· لكن ليبيين من اصحاب الوظائف ذات الرواتب المنخفضة يشتكون من أن تدفق الأجانب زاد من تكاليف المعيشة وأن دخول الأسر لا تستطيع مجاراتها، وتقدر السفارة الأميركية أن معدل البطالة يبلغ 30 في المئة على الأقل في ليبيا بأسرها· ويقول مصطفى وهو سائق سيارة أجرة: ''كل شيء باهظ الثمن··· باهظ الثمن''، وأضاف: ''والدى متوف وأنا أكافح لإعالة شقيقاتي وأشقائي·· البترول هو الشيء الوحيد الرخيص''·
المصدر: طرابلس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©