الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

مذهل أنت يا برشلونة

18 مايو 2011 23:00
مذهل هذا الذي يأتي به برشلونة هذا الموسم، أسطوري وملحمي وملمح من ملامح الإعجاز أن يقبض نجوم البلوجرانا على اللقب الثالث لهم على التوالي لليجا الإسبانية، وهم الذين سحروا العالم وفتنوا الأرقام قبل سنتين، عندما وقعوا على سداسية غير مسبوقة، وقد نحتاج لعقود لنرى شبيهاً لها. المذهل أن برشلونة، وفي زمن يكرس فكرة الغاية تبرر الوسيلة ظل ثابتاً على فلسفته، على نهجه وعلى مقومه الفكري الذي يقوم على الكرة المطبوعة أولاً بالانسيابية والقائمة على مبدأ التطابق ثانياً والحريصة على الدفاع بضراوة عن قيم الجمال في كرة القدم ثالثاً. هذه الكرة الجميلة التي تجعل اليوم من برشلونة فريق الحلم، إذ لا نكاد نعثر في زمننا الحالي على شبيه لتلك اللحظات السحرية والوصفات التكتيكية واللمحات الفنية الجميلة التي تقوم عليها، ليست بكل تأكيد وليدة هذه السنة ولا حتى السنة التي قبلها ولا حتى العقد الذي انتهى، إنها وليدة ثمانينيات القرن الماضي عندما جعل برشلونة من الهولندي يوهان كرويف فيلسوفه ومفكره وواضع أساسات حاضره ومستقبله الفني. كرويف الذي يحمل كلاعب رمزية الكرة الشاملة التي جاء بها الهولنديون في بداية السبعينيات بوحي من الهلامي كوفاكس صاغ رؤاه الفلسفية كمدرب فاقتنص بعض الألقاب، بل إنه بلغ القمة عندما قدم للعالم الملمح الأول لفريق الحلم، عندما كان يلعب برشلونة مع كومان، جوارديولا، روماريو وستويشكوف، كرة قدم قيل إنها من كوكب آخر. وبرحيل كرويف عن البارسا منزعجاً مما كان عليه التدبير من طبيعة لا توافق فكره وفلسفته ومجزوعاً من خسارة مذلة أمام العملاق الإيطالي ميلان في موقعة قيل إنها أنهت زمن الكرة الرومانسية، دخل البارسا مرحلة فراغ فكري بدليل أنه ترك ساحة الإلهام والإبداع فارغة ينحت فيها الغريم ريال مدريد. وعندما فطن رجال البارسا القائمون على المعبد إلى أن العودة بنهم مضاعف وبشهية مفتوحة وأيضاً بضمانات قوية على ضبط خط السير، استنجدوا مجدداً بكرويف فجعلوه حاكماً مطلقاً على إمارة البلوجرانا.. أعطوه المفاتيح وتركوه يضع أساسات جديدة لإمارتهم، فعمد إلى خيارين من النادر أن يجمع فريق بينهما إما لغياب الجسارة والجرأة وإما لانعدام الإمكانات، وإما لقصور في العمل بشكل متقاطع. كان أول الخيارين هو أن يلون كرويف برشلونة بألوان هولندية من طبيعة ما هو مؤمن به، فجاء أولاً بمواطنه فان جال وهو مدرب بكاريزما خاصة وبطاقة خلق رهيبة، ثم أتبعه بعد ذلك حفاظاً على ذات المقوم الفكري بالهولندي الآخر فرانك رايكارد، وقد تمكن في ذلك كله وعلى امتداد عشر سنوات كاملة (من 1997 إلى 2007) من زرع أولى بذرات فريق الحلم الذي يمثل برشلونة بأروع صورة. أما ثاني الخيارين فهو إعادة تقويم كروي وتربوي لفلسفة التكوين داخل برشلونة، فقامت هذه الفلسفة على سلطة النهج الذي يفرض المنهج والأسلوب ويقرب من طبيعة اللاعبين الذين ينتقون بالاحتكام المطلق للمعايير الصارمة التي وضعها هذا الفكر الجديد. ولم يكن عبثاً أن يشير كرويف سنة 2008 على رجال البارسا بوضع جوارديولا على رأس العارضة الفنية، فالرجل متشبع بالفكر وبالفلسفة وبروح الكرة الجميلة، فكان من حظه أنه حصد بأريحية كاملة ما زرعه قبله فان جال ورايكارد قطف وهذا هو الأهم ثمرات العمل القاعدي الذي بدأ منذ 20 سنة. كان الإعجاز الأكبر في البارسا ميسي، وهو صناعة كاملة الأوصاف وعالية الجودة ومحفوظة بالكامل لمدرسة البارسا التي صرف عليها هذا الموسم فقط 30 مليون دولار، وأكثر من 150 مليون دولار خلال عشر سنوات. بعد كل هذا، يبطل العجب بأن يكون برشلونة هو ملهم كل عاشق ومحب. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©