الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جذور شعبوية ترامب

17 أكتوبر 2016 10:46
في المناظرة الرئاسية الأولى، أحرجت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون المرشح الجمهوري دونالد ترامب حين أشارت إلى أن 50 خبيراً أمنياً جمهورياً وقعوا على خطاب أعلنوا فيه عدم أهلية ترامب لأن يكون قائداً للقوات المسلحة. ورد ترامب بالقول إنه يحظى بدعم اتحاد قوات حرس الحدود و«أكثر من 200» أدميرال وجنرال متقاعدين. ثم هاجم الخبراء واستعلاءهم السياسي. وصرح ترامب أنه يفضل الجنرالات «على المتحذلقين السياسيين الذين أرى أنهم قادوا بلادنا بشكل «رائع» على مدار السنوات العشر الماضية بمعرفتهم. أليس كذلك؟ انظروا إلى الورطة التي نحن فيها!». وهذه النقطة تمثل لبّ نهج ترامب في الحملة الرئاسية. فهو يتبع نهج الاستخفاف بالتخصص والتفاصيل السياسية ويراها غير مهمة. وبهذا النهج يحذو ترامب حذو مرشحين جمهوريين بارزين سابقين. ولطالما أعلن الحزب الجمهوري عن نفسه باعتباره حزب الناس العاديين البسطاء في مقابل الحزب الديمقراطي حزب المثقفين المعقدين. ولكن ترامب صعد بهذا الفارق إلى مستويات جديدة. والدعم الذي يحظى به يوضح أن هناك عدداً كبيراً من الناخبين يؤيدون نهجه. وربما تعكس شعبية ترامب الانحدار في الثقة على مدار عقود في المؤسسات الأميركية التقليدية الذي بلغ مستويات منخفضة قياسية أثناء الأزمة المالية العام 2008 فيما عرف بالركود الكبير وما تلاها. ويرى ماثيو ويلسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة «ساثرن ميثوديست» أن ترامب «يعارض بكل قوة المثقفين وهذا قد يجدي نفعاً... وهذا يلقى صدى عند قاعدة مؤيديه وقد يتجاوز ذلك. فالناس سئموا إلى حد كبير الخبراء هذه الأيام». ولطالما كانت معاداة المثقفين والتخصص والتفاصيل الدقيقة جانباً من شخصية ترامب بالطبع. وفي مقابلة مع «واشنطن بوست» هذا الصيف قال ترامب إنه لم يضطر قط إلى أن يقرأ كثيراً لأنه يستطيع التوصل إلى القرارات الصحيحة بالمعرفة القليلة التي لديه وباللجوء إلى الفطرة السليمة. وكان ترامب قد أعلن لصحيفة «واشنطن بوست» أيضاً أنه يشكك في الخبراء لأنهم يركزون على التفاصيل ويعجزون عن رؤية الصورة الأكبر. وذكر ترامب أنه أحياناً يكون «أكثر دقة من الأشخاص الذين عكفوا على دراسة الموضوع طويلاً». وفي مناظرة يوم الإثنين الماضي، تصادم استخفاف ترامب بالتوجه المؤيد للبحث ومشقة العمل الذهني مع تركيز كلينتون على أهمية الدراسة والتدريب. فقد كانت كلينتون مستعدة لكل شيء حتى للهجوم على استعدادها للحضور نفسه. فقد أشار ترامب إلى أنها قررت البقاء في المنزل قبل المناظرة بينما عقد هو اجتماعات في مناطق حضرية. وردت كلينتون بأن ترامب ينتقدها على استعدادها للمناظرة فيما يبدو! وأضافت: «نعم لقد كنت أستعد... أتعلمون ما الذي استعددت له أيضاً؟ استعددت لأن أكون رئيسة وأعتقد أن هذا جيد». ولا يتعين على الحزب الجمهوري إلا أن يلوم نفسه عن ميل ترامب الذي يمثل في جوانب كثيرة تمجيداً لتركيز الحزب الجمهوري طويل الأمد على المرشحين الذين يحاولون أن يكونوا أقرب إلى «الأصالة» أو الاعتماد على الحس الفطري للشخص العادي وليس على الذكاء الأكاديمي. وقد أشار الكاتب «ماكس بوت» وهو من أبرز خبراء السياسة الخارجية ومن بين مَن وقعوا على مبادرة «لا لترامب» إلى هذه النقطة في يوليو الماضي في مقال رأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز». وبدأ بالقول إنه من الصعب أن نعرف «بالتحديد الوقت الذي ارتدى فيه الحزب الجمهوري رداء الحزب الغبي». وربما بدأ هذا حين فاز الجمهوري جنرال الجيش السابق دوايت أيزنهاور الذي كان حاد الذكاء في الواقع على الديمقراطي المثقف الشهير أدلاي ستيفنسون. ثم جاء رونالد ريجان الذي تفوق على جيمي كارتر، ثم جورج بوش الابن الذي حقق نجاحاً غير متوقع أمام آل جور ثم أمام جون كيري. وكتب بوت أن «ترامب هو في الوقت نفسه عرَض ونتيجة لميل الحزب لمعاداة التخصص. ويتعين على الحزب أن يعيد التفكير في تحيزه المتنامي لمعاداة المثقفين وكراهيته التلقائية للصفوة». وغالبية الأميركيين على أي حال ليسوا من المثقفين إذا استخدمنا التعليم كمعيار. فنحو 39 في المئة من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و64 عاماً حاصلون على درجة جامعية مدتها عامان أو أربعة أعوام فقط. وهذا يعني أن 60 في المئة من السكان ليست لديهم درجات جامعية عليا. وترامب محق في شيء واحد هو أن الخبراء قد يخطئون، ويخطئون بشدة. فقد اعتقد ألمع العقول الأمنية في ستينيات القرن الماضي وجاهة تورط الولايات المتحدة بقوة في فيتنام. وأيد الخبراء تخفيف القيود المالية وتحرير معايير الإقراض لشركة «فاني ماي» عملاق الرهون العقارية وهو ما تسبب جزئياً في الأزمة المالية لعام 2008. والخبراء كانوا على يقين أن خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي لن يفوز في الاستفتاء البريطاني، وحدث العكس. ومعاداة ترامب للمثقفين قد تتسبب في أن يرى أكثرية من الأميركيين أنهم يريدون كلينتون الأفضل استعداداً كي تدير البلاد. أو قد يفضل عدد أكبر من الناخبين المرشح الأقل استعداداً ويفتخر بذلك كي يروا ما الذي سيحققه في واشنطن. * كاتب صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©