السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليهود اشعلوا الفتنة في يثرب فكان الطرد جزاءهم العادل

اليهود اشعلوا الفتنة في يثرب فكان الطرد جزاءهم العادل
20 نوفمبر 2008 01:47
رغم كثرة المؤلفات التي تتناول تاريخ اليهود في الجزيرة العربية خاصة في يثرب وعلاقتهم بالاسلام في بداياته، فإن القليل من هذه الاعمال هو الذي يحمل إضافة فكرية وجهدا علميا، ومعظم الكتابات تنطلق من مشاعر وعواطف خاصة ولا تعتمد البحث العلمي· ومن الكتب التي تجنبت قدر الامكان المشاعر والعواطف وقامت على البحث في المصادر العربية والعبرية، كتاب د· إسرائيل ولفنسون ''تاريخ اليهود في بلاد العرب·· في الجاهلية والاسلام''وكان في الاصل رسالة دكتوراه قدمت إلى الجامعة المصرية عام 1926 وصدرت في العام التالي مباشرة عن لجنة التأليف والترجمة والنشر ونسى الناس الكتاب ونسيه الباحثون حتى صدرت منه مؤخرا طبعة جديدة· ورغم مرور اكثر من 80 عاما على وضع هذه الرسالة فإن البحث على هذا المنوال لم يستمر· الباحث ليس مصريا ولا عربيا، لكنه جاء الى الجامعة المصرية دارسا واقام بمصر واصدر فيها عدة دراسات منها كتابه المهم ''موسى بن ميمون'' وبعد احتلال فلسطين وقيام دولة اسرائيل عام 1948 هاجر إلى اسرائيل، حيث واصل ابحاثه في اللغات القديمة بالجامعة العبرية في القدس· مصادر عربية يلفت النظر ان الباحث جعل مصدره في دراسته التي بين ايدينا القرآن الكريم والسيرة النبوية لابن هشام وكذلك السيرة النبوية لابن اسحاق وصحيح البخاري ورجع بشكل اساسي إلى الاغاني للاصفهاني وعدد من كتب التراث العربي والاسلامي يستقي منها معلوماته وافكاره· وانطلق د· اسرائيل من ان اللغة العربية ليس بها مؤلف خاص باليهود وعنهم في العصر الجاهلي وصدر الاسلام، ويعد ذلك امرا غريبا، خاصة ان اليهود كان لهم حضور قوي وفاعل في يثرب تحديدا في العصر الجاهلي والسنوات الاولى للإسلام والسبب في ذلك، عنده، يعود الى ان المؤرخين العرب المتأخرين اهملوا تاريخ العصر الجاهلي، ولو انهم رجعوا إلى المصادر العربية لوجدوا فيها مادة خصبة تساعدهم على الدرس والبحث ولو عرف الدارسون النتائج العظيمة لمثل هذا البحث ما تأخروا في الالمام به والقيام عليه· ويعترف د· اسرائيل بأنه حين شرع في دراسة هذا الموضوع سمع الاصدقاء يحذرونه من ثوران عواطف بعض المسلمين واليهود من جراء التعرض لموضوع الخلاف بين الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ويهود يثرب، وان الميل إلى احدى الفئتين قد يكون سببا في اثارة سخط الطائفة الاخرى وقال: لكننا نعتقد ان رسالتنا موجهة إلى طائفة المفكرين الذين لا يتبنون دعوة خاصة في كتاباتهم بل يقصدون دائما البحث المجرد من العواطف القومية والدينية· تناول د· اسرائيل ولفنسون في كتابه تاريخ ظهور اليهود بالجزيرة العربية وتركزهم في شمالها وتحديدا في يثرب ويلاحظ انهم كانوا يستعملون اللغة العربية وان كانت مختلطة ببعض الحروف العبرية، لان اليهود كانوا يستعملون العبرية في صلواتهم، وعاد الى تراثهم الشعري، فوجد انه قليل جدا وهذا يعود إلى ان العرب بعد الاسلام اهملوا تراثهم وشعرهم الجاهلي وانعكس هذا بالتالي على اشعار الشعراء اليهود من العرب، ويلاحظ ان الشعر الجاهلي للشعراء اليهود يتشابه مع الشعراء العرب، وذلك يكشف عن ان القيم الاخلاقية والعادات والثقافة كانت واحدة عند العرب واليهود ويقول ''ولا اعلم في تاريخ اليهود اقليما تأثر فيه اليهود بأخلاق وعادات وتقاليد ابنائه الى هذا الحد سوى اقليم الجزيرة العربية''· وكان اليهود في تفاخرهم وتشاجرهم مثل العرب تماما وكذلك كانوا مثلهم في قيم الشجاعة وعلو الهمة واكرام الضيف والنفور من الجبن والبخل وكانوا يوقدون النيران في الليل ليرشدوا السائرين ولهم مآثر في الضيافة والاكرام، كما كان يفعل العرب اعلاء لشرفهم وصيانة لمجدهم· حب واحتواء واكد د· اسرائيل ان الإسلام تناول اليهودية والتوراة بكل الحب والاحتواء حين كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال في مكة المكرمة وقبل الهجرة الى المدينة، كما ورد في سورة سبأ وفي سورة البقرة وتحدث القرآن عن مآثر النبي داود ''وألنا له الحديد ان اعمل سابغات وقدر في السرد'' واشاد بالاحبار الذين يتولون الفصل فيما يشجر بين الناس والقضاء في امورهم· ثم تطور الامر فيما بعد ذلك انه بعد ان هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وتمكن من التوحيد بين الأوس والخزرج، شعر اليهود بأن ذلك التقارب ليس في صالحهم وانه يمس تجارتهم، فسعى بعضهم الى الوقيعة بين الأوس والخزرج، وتمكن الرسول صلى الله عليه وسلم من وأد الفتنة ثم ازداد بعض افراد اليهود فأخذوا يطرحون على المسلمين اسئلة متعلقة بالعقيدة تنطوي على مساس وتشكيك في الاسلام، وهنا تغيرت المعاملة ونزلت آيات من القرآن تنبه المسلمين وتحذرهم، وانتهى الامر على النحو الذي عرفناه، حين اجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن المدينة· وعند المؤلف ان الصراع او العراك بين المسلمين واليهود كان ضروريا او محتما وقوعه ويقول: ''ما من احد ينظر بامعان وانصاف الى حوادث اليهود والانصار في يثرب دون ان تمتلئ نفسه بشعور الاجلال للفئتين لان النضال العنيف الذي وقع بينهما قد برهن على ان هذا النزاع كان من الامور المقدسة وكل من تتبع الحوادث التي وقعت في المدينة بعد ان هاجر اليها الرسول صلى الله عليه وسلم يرى ان النتيجة الطبيعية لنجاح مشروعات المسلمين هي الوصول حتما الى العراك الشديد بين الطرفين''· ويضيف ''من اجل ذلك تغيرت الحالة تغيرا جوهريا بعد ان انتهت الخصومة بين الرسول صلى الله عليه وسلم واهل يثرب حتى شرع اليهود ينظرون بعيون الاكبار والاحترام الى جيوش المسلمين التي كانت تغمر كالسيل اقطار العالم''· وكانت هذه الجيوش قد قضت على سلطة الامبراطورية الفارسية في اقاليمها القاصية والدانية، تلك الدولة التي ملأت تاريخها بحوادث الظلم والعسف واهراق الدماء مدة طويلة من الزمان·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©