الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المغربي نيد علي يرصد غراميات جزاره المحب لزينب

المغربي نيد علي يرصد غراميات جزاره المحب لزينب
20 نوفمبر 2008 01:51
يمكن اعتبار هذا الكتاب، من كتب فن الحب والهوى، إنه مثل كتاب أوفيد، يليق لأشياء كثيرة، منها تعلم الحكمة من الكتب، ومنها أيضا استغوار عالم المرأة بتتبع خيط الحب إلى آخره حتى وإن كانت اللحمة الأساسية التي تقوم عليها رواية ''غراميات متعلم جزار'' لمحمد نيد علي الصادرة عن منشورات ''الفنك'' لا تقوى على حمل القارئ إلى مناطق بعيدة، لكنها مع ذلك ونظرا لطابع موضوعها الطريف، تفرد لنفسها مكانا في حديقة السرد المغربي· يشكل عنوان رواية الكاتب المغربي محمد نيد علي عتبة أساسية فيها درجة مركوزة من الإغراء ومن دهاء وضع العناوين، وهو حين وضع العنوان التالي يكون قد فكر فيه جيدا ''قطع مختارة، غراميات متعلم جزار''، إنه عنوان مركب من بنيتين لغويتين، تؤكد الواحدة على الأخرى في نوع من التضامن الدلالي، عن قصدية أن يقع في دائرة التشابه مع كثير من القصص في موضوع شواكل الغرام، لكنه ينفرد عن هذه القصص في كون سروده المذكورة تتعلق بغرام مخصوص، هو غرام متعلم جزار، والذي بحسب التنامي الحكائي سيصبح ''معلما'' حقيقيا في فرم اللحم وتقطيعه ببراعة نادرة، وأيضا سيتحول من مجرد بصاص لزبوناته إلى مفتون بهن ومراود لهن ومقتنص للذة متخفية في ثياب المنع· سيكون قدر بطل الرواية ''التهامي'' أو لنقل الشخصية الرئيسية المتكلمة في الرواية والتي تسيطر على دفتي الحكي من البداية إلى النهاية سيطرة مطلقة و ببراعة تجمع بين حنكة الجزار وبين فتوة الشباب وطلاوة اللسان، سيكون قدره أن يقع في حب زينب، الزوجة الشابة غير المقتنعة بزوجها في فراش الزوجية، والتي تخرج من البيت بعلة التسوق واقتناء كيلو من اللحم كل يوم·· موعد في التوطئ من أجل كيلو لحم بين المتعلم الذي صار معلما جزارا يشهد الجميع بجودة ''لحمه'' وبين الفتاة الشابة طرية العود واللحم، ينتهي بتلك الخلوات التي يختلط فيها المنع بالشوق الجارف بالولع بمساندة من ''الحاجة'' المرأة ذات الماضي المقدود من اللذة، تلك اللحظات التي تمر سراعا دون أن يتمكن الجزار الشاب من إطفاء جمرة الشوق من زينب الجموح، والتي لا تكفي ساعة أو بعض ساعة كي يكون الوطر أحسن ما يكون· مناصات وحواشي في هذه الرواية التي كتبت أساسا بالفرنسية وقام بترجمتها كل من حسان بورقية ومحمد الناجي بدعم من القسم الثقافي للسفارة الفرنسية في المغرب ووزارة الثقافة المغربية، الكثير من ''المناصات'' الجميلة والتي تكتسي طابعا ترصيعيا أو طابع الحواشي أو بعدا زخرفيا، أو تتشابه مع لعبة المطالع في القصيدة العربية، يستقي الروائي أو لنقل السارد مادته من الكتب، من كتب قديمة وكتب حديثة، بما يخدم ''التوجه'' السردي العام، وهو يفلح في ذلك من حيث جعل نصه الروائي ينفتح على نصوص أخرى أو أنه يهويه بشراجم كثيرة حتى ليبدو النص مثل المعمار المشيد· ربما كانت هذه هي قصدية الكاتب الفعلي، لكنه من حيث لا يدري سقط في لغة ''عالمة'' ربما تتجاوز موضوعه أو طبيعة موضوعه، ذلك أن صلب الحكاية وتفرعاتها لا يحتملان هذه المثاقفة العالية، بل أن الكثير من المقاطع السردية الجميلة والفاتنة فعلا، تدعونا إلى طرح السؤال التالي: هل يستطيع مجرد جزار أن يتكلم هذه اللغة العالمة، الفارهة التي لا يستطيع أبوه ''الفقيه'' العدل، في الرواية أن يتكلمها؟ ولماذا كلما ثاقفنا كلامنا صار غير حقيقي؟ وهل يجوز للروائي مالا يجوز لغيره؟ ثم ما وظيفة هذه القصة الطويلة من حب النساء، العامرة بالمنولوغات والتداعيات في الوقت الذي كان فيه ''التكنيك'' الروائي المتاح يوفر للكاتب فرصا أكبر لبناء روايته على صروح أخرى؟· هذه الأسئلة، وغيرها، يوفر لنا مداخل لقراءة هذا العمل غير المسبوق على مستوى موضوعه، لكونه تيمة غير ''مستحبة'' بالنسبة للكاتب الروائي على وجه العموم، فعالم كتاب الرواية المغربية ما يزال يحلق غالبا في فضاءات ''نموذجية'' هي حصر على الفضاء الثقافي العام، وكأن الرواية أو الأدب عامة حين يزيغ عن هذه الفضاءات يضع نفسه خارج الأدب الصافي، وهي النظرة المهيمنة على فضاء الكتابة في المغرب أو على جلها، في الوقت الذي تتسع فيه الحياة، وتمتد إلى أرخبيلات ومجاهل سحيقة وفي غاية الطرافة، كما هو الأمر بالنسبة لهذه القطع المختارة من ''غراميات متعلم جزار''· لمحمد نيد علي، والذي بدون شك يمتلك شجاعة اختراق موضوع غير ''مستطرق'' روائيا، لكنه دال وعميق ويدعو إلى التفكير في عوالم أصحاب المهن و''الأغلبية الصامتة''، تلك العوالم التي تتطلب الكتابة عنها معرفة عميقة وملازمة لصيقة، وتقمصا، في تدليل على أن الخيال الروائي هو المادة الأساسية للكاتب، مهما كانت القصص حقيقية في الواقع ومهما كانت حياة ألوف الجزارين تسير على غير منوال صاحبنا في الرواية· نصوص مستقلة مما يثير في الرواية هو المقتبسات التي انتقاها الكاتب الفعلي بدقة، وهي نصوص مستقلة بذاتها لكنها ترتبط في نفس الوقت مع المناخ الروائي العام، وهو يلجأ إلى هذه التقنية لتكسير رتابة السرد وأيضا لخلق فجوات في النص تسمح بامتدادات أخرى أو ربما كي يمنح نصه نوعا من التغذية المتوازنة التي تتيح له الوجود على قدم وساق مع تلك الإحالات الدالة على الإنتماء الأدبي أو القيمة البيانية· نجد ترصيعات من الثقافة العربية لكل من أبي تمام وجبران وطوق الحمامة لابن حزم وأبي فراس الحمداني وألف ليلة وليلة والطاهر بن جلون، وترصيعات من الثقافة الأوروبية لكل من بازان ووتيرينس وتينسي وليامز وماكين وكازانوفا وجول فالي وغيرها من الإحالات والتي تتقدم في النص الروائي باعتبارها مرشدا ودليلا من أدلاء القراءة، فالنص الأدبي ايضا مثل صحراء مقفرة يحتاج إلى دليل أمين يقودك إلى المخرج والنجاة، وإلا دونك والهلاك· رواية تدور في المدينة القديمة في مراكش، لاشك أنها تلتبس مع الواقع وتفرخ الكثير من الأسئلة، في مغامرة القراءة، قراءة قصة التهامي ابن العادل، التهامي متعلم الجزارة الذي صار ''ماشاء الله'' جزارا معلما يعرف كيف يفرم اللحم، وله علم ومعرفة بلحم النساء من النظرة الأولى، هو الذي يعرف اللحم الطيب من الخبيث كيف لا يعرف موطن المرأة الزكية من العجفاء؟· هل رواية نيد علي رواية في ''فن الهوى''؟ وهل هي نص إيروتيكي؟ اعتقد أن الفعل الإيروتيكي في الرواية لا يأتي من لغتها لأنها لا توغل في الوصف ولكنها رواية إيروتيكية إذا جاز الوصف لناحية الموضوع الذكي، فالبطل منذ نعومة أظافره افتتن باللحم وبمنظر رؤية اللحم يقول المتكلم في الرواية ''أحب الشحوم الطافحة بالنعومة والصفاء، احب المخ الموضوع بعناية على سيقان الكزبرة، وقلوب العجول القوية، المنتزعة كأجراس خرساء، كنت أحب حتى الأحشاء الملفوفة، اللامعة، وهي تقطر ماء، وهي لا تزال تنبض بالحياة''· هل هناك أقوى من جزار يتكلم لغة رفيعة كهذه، لغة الشعراء لا لغة الجزارين· شعراء طَيّ النسيان أبو محجن الثقفي وأبو بحر صفوان التجيبي وابن مرج الكحل أحمد عوض سعداوي، الشعر ديوان العرب ويحتل مكانة كبيرة في نفوسهم، وكانوا يسجلون فيه مآثرهم وأيامهم، حتى أن العرب القدامى كانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم أو فرس ينتج، وإذا نبغ في القبيلة شاعر أتت القبائل، فهنأتها وأقيمت المآدب والاحتفالات احتفاءً بظهور هذا الشاعر، وكتابنا هذا ''من ديوان الشعر العربي'' للدكتور محمد سالمان الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يتعرض لثلاثة من الشعراء العرب الذين لم يأخذوا حظهم من الشهرة، برغم جميل شعرهم وتراثهم الفني والمكانة المرموقة التي حظوا بها في الفترات الزمنية التي أطلوا علينا بشعرهم فيها· وأول هؤلاء الشعراء هو أبو محجن الثقفي الذي عاش في الجاهلية والإسلام معاً، وكان له دور ملموس في الانتصار الذي حققه المسلمون على الفرس في معركة القادسية، وذلك برغم حياته الماجنة حتى بعد إسلامه، حتى قيل أن عمر بن الخطاب حده عليها (سبع مرات) إلا أنه توقف عنها بعد العهد الذي أخذه على نفسه أمام سعد ابن أبي وقاص بعد انتصار المسلمين في القادسية، ومن جميل شعره الذي ارتجله أثناء مشاركته في معركة القادسية· لأضربنَّ بالحسام المرهفِ عن ديـن رب ماجد مؤَّلفِ بين قلوب طالما لم تألف حتى أتاها ببيانٍ أشـرف كما نجده يقول في الخمر: رأيت الخمر صالحة وفيها مناقب تهلك الرجل الحليما فلا والله أشـربها حياتي ولا أسقي بها أبداً نديماً· ومن شعرالفخر لديه يقول: لقـد علمت ثقيفا غير فخرٍ بأنا نحن أجودُها سيوفا وأكثرها دروعاً صافياتٍ وأصبرها إذا كرهوا الوقوفا وقد استشهد ابن هشام، وابن منظور، بشعر أبي محجن، كما اعتبره ابن سلام من فحول الشعراء وهو ما يوضح المنزلة الرفيعة التي وصل إليها ابو محجن برغم ضياع الكثير من شعره··· أما الشاعر الثاني الذي يتحدث عنه الكتاب فهو أبو بحر صفوان التجيبي وهو من شعراء دولة الموحدين التي قامت في الأندلس، حيث يحدثنا الكاتب عن دولة الموحدين وكيف قامت وإلى ما آلت، متناولاً الأحداث التاريخية التي صحبت قيام وانهيار هذه الدولة، باعتبار أن الأحداث السياسية والاجتماعية والبيئية تُعد مؤثراً هاماً في عملية الإبداع الأدبي، ورغم أن شاعرنا توفي قبل أن يبلغ الأربعين إلا أنه كانت له مكانة مرموقة في عصره وأخذ العلم عن شيوخ أجلاء، وترك لنا تراثاً كبيراً من الشعر والنثر، نحاول أن نذكر بعضاً منه·· فمن شعر الغزل نجده يقول: يا حسنه والحسن بعض صفاتـه والسحر مقصور على حركاته بدراً لو أن البدر قيل له أقترح أملاً لقال أكون من هالاته ومنه أيضاً قوله: أُولع من طرفه بحتفي هل يعجب السيفُ للقتيلِ؟ تهيَّبوا بالحسامِ قتلي فاخترعوا دعوةَ الرحيل! كما أن لأبي بحر إبداعات نثرية ذات مكانة فنية عالية وإن كان لا يتسع المجال لذكرها، ولكنها تدل على أن أديبنا بلغ شأناً رفيعاً في عصره، وكان ممن تساوى حظهم في النظم والنثر، وهو ما لم يتيسر لكثير من شعراء العرب· أما الشاعر الثالث وقد كان معاصراً لأبي بحر التجيبي، هو ابن مرج الكحل، الذي أشاد القدماء بشاعريته وتمكنه من أدواته الفنية، وقيل عنه إنه شاعر جليل القدر، من مشايخ شعراء الأندلس، ويُعد وصف الطبيعة والغزل من الموضوعات البارزة في شعر ابن مرج الكحل، ولعل ما بقى من قصائد وأبيات يدل دلالة واضحة على براعته في التصوير والوصف، ومن أشهر ما كُتب في وصف الطبيعة قصيدته التي مطلعها: عرّج بمنعرج الكثيف الأعفرِ بين الفرات وبين شط الكوثر· وقد احتفى مؤرخو الأدب والشعراء كثيراً بهذه القصيدة، وذُكرت في عديد من المصادر· ومن شعر الغزل عند ابن مرج الكحل قوله: يا نظرة أودت بشرخ شبابي وقضى عليّ نعيمها بعـذابِ ما كنت أحسب نظرةً من نضرةِ تقضي على مُشـتـاقـها بعـقـاب· ويرى الكاتب أن ما وصل إلينا من شعر ابن مرج الكحل على قلته، إلا أنه يزيح الستار عن شاعر كبير طواه الزمن، وما هذا الكتاب إلا محاولة من المؤلف للتعريف بابن مرج الكحل وكذا أبي محجن الثقفي، وأبي بحر صفوان التجيبي، بوصفهم من الشعراء العرب المبدعين، الذين لم يأخذوا نصيبهم من الشهرة، برغم أن نتاجهم الشعري كان ذا قيمة فنية عالية· أحلام جيل من اللاجئين وعذاباته انثيال الذاكرة: هذا ما حصل لفتحي البس عمر شبانة، يكتب فتحي خليل البس في كتابه ''انثيال الذاكرة: هذا ما حصل'' سيرة حياته وحياة جيله من اللاجئين الفلسطينيين ممن ولدوا في مخيمات الشتات داخل حدود فلسطين أولا، ثم مخيمات الشتات العربي في ما بعد، بدءا بطفولته وما انطوت عليه من شقاء وعذابات، وصولا إلى اليوم الذي كتب فيه هذه السيرة ونشرها حلقات في صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية· وهو في ذلك كله يسرد سيرة جيله ممن تحدوا الصعاب وحققوا إنجازات معلومة، فهو ابتداء يهدي كتابه هذا إلى ''كل من قهرته الأيام لكنها لم تهزمه بعد'' معتبرا نفسه واحدا من هؤلاء''· ويجدر بالذكر أن الكتاب قد تم منعه من قبل الرقابة الأردنية· وإذا كان فتحي البس مؤلف الكتاب هو اليوم صاحب واحدة من كبريات دور النشر العربية، هي دار الشروق للنشر والتوزيع التي تتوزع مكاتبها بين عمان ورام الله، فإنه يحكي في كتابه هذا حكايات البؤس والتشرد التي عاشها طفلا وشابا، سواء على الصعيد الشخصي الخاص أو الوطني الفلسطيني العام، فينتقل من زمن المخيم في أريحا الخمسينات إلى عمان وبيروت أواخر الستينات، عبر رحلة معاناة وكفاح لا تتوقف· وعبر هذه الرحلة الشاقة يطوف بنا المؤلف فيقدم صورا وحوادث واضحة حينا، وصورا وحوادث ملتبسة حينا آخر، وحوادث تستدعيها الذاكرة حسب ما تمنى أن تكون· وتبدأ الحكاية من ''ولدت في خيمة في مخيم الفوار عام ،''1951 ثم تأخذ ذكريات البؤس في ''الانثيال'' على نحو مكثف يكشف من خلاله المؤلف عن شخصية متميزة من حيث القدرة على مواجهة الصعاب وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترض طريقه وطريق أسرته، بدءا من بؤس المخيم وما زاوله الطفل من أعمال لمساعدة الأسرة، أو حتى التميز على مستوى الدراسة في مدارس وكالة الغوث، ثم في بيروت، وكذلك في قضية الانتساب إلى ''فتح'' التي كانت تشهد انطلاقتها الثانية في العام ،1968 وانتهاء بما آلت إليه ظروفه اليوم· كما يكشف، عبر حوادث محددة، عن شخصية قيادية لا يتوانى هو عن القول إنه قد بلغها في مرحلة ما، خصوصا حين يعرض كيف حل قضية التعاطف مع طالب عربي صغير تعرض للاضطهاد من قبل المشرف على القسم الداخلي في (الإنترناشيونال كولدج) في بيروت الأميركي مستر سوليفان، وكيف عالج الموقف بالدعوة إلى الإضراب، وينجح في إلغاء معاقبة الطفل، ويقول في هذا الصدد ''تلقيت من الطلاب التهاني على النجاح''، ثم يؤكد ''كرستني هذه الحادثة قائدا في أعينهم''· يتجه فتحي البس في كتابه هذا، وهو الأول له حسب علمي، توجها يراعي خط السرد الزمني أساسا، لكنه خط يبدأ منه وينتهي إليه، وسواء كان يروي عن حياته الاجتماعية، أو عن علاقاته العاطفية، أو عن ظروفه المادية، أو عن الظروف السياسية المحيطة به، فهو يلتزم تقديم حوادث ووقائع تتعلق بدوره وإسهاماته في ما يجري من حوله، وتبرز مدى تأثيره هو في ذلك كله، يقول عن ذلك ''مزهوا بعضويتي في فتح، بدأت أرى نفسي مساهما في صنع تاريخ جديد''· من مواقف الطفولة المؤثرة والتي ينطبق عليها وصف ''شر البلية ما يضحك''، ما يرويه عن تفوقه رغم أنه يقضي وقتا طويلا في بيع أشياء متفرقة، وفي إحدى السنوات جاءت نتيجة نهاية العام، وحصل على المرتبة الأولى، فطلب من والده أن يشتري علبة سجائر ''كمال'' كي يهديها لمربي الصف، فرد عليه والده بحزم أن يعود إلى أستاذه ويطلب منه أن يضعه في نهاية الترتيب ''روح قله يحطك الطش·· مين قلك تطلع الأول''· ومما يستوقف قارئ هذه السيرة ما يقوله المؤلف من أنه ''مع كل الشقاء، كنا نعيش، نسمع أم كلثوم، فكلما أذاعت ''صوت العرب'' لها حفلة، التزم الناس بيوتهم، وخلت الشوارع· وأذكر يوم غنت ''انت عمري'' ـ اللقاء الأول لها مع عبد الوهاب ـ كنا بعض الأقران نفترش الأرض في الخلاء، خارج المخيم، نشرب الشاي ونسمع بحسرة المراهقين، وكلما قالت ''انت عمري'' نتفاعل ونطلق الآهات ونستذكر حبيباتنا كما نتخيلهن''· كما يستوقف القارئ موقف مبكر لدى المؤلف من شعار كانت تطلقه المقاومة الفلسطينية يقول أصحابه ''زغرد يا رصاص واخرس يا قلم''، معتبرا أنه يتناقض مع تفوقه في الدراسة، فيستمر في هذا التفوق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©