الحجامة.. داء ودواء

تحقيق: منى الحمودي يعتبر العلاج بالحجامة، إحدى وسائل الطب البديل التي يتجه إليها بعض المرضى، غير أن هناك مخاوف من العشوائية في ممارستها، لخطورة ما قد ينتج عن ذلك من مضاعفات صحية عندما يقع البعض ضحية للعلاج من جانب غير المؤهلين، خاصة بعد ضبط وزارة الصحة ووقاية المجتمع، بالتعاون مع البلديات والدوائر الاقتصادية، 5 مخالفين يمارسون الحجامة دون الحصول على ترخيص من الوزارة، 3 منهم في محال بيع الأعشاب، واثنان في مراكز طبية، ونتج عن ذلك حدوث بعض المضاعفات مثل الجروح وقطع واضح في الجلد لدى بعض المرضى الذين خضعوا للحجامة. تجربة سيئة يروي محمد.ع.ح معاناته إثر خضوعه للعلاج بالحجامة على يد شخص غير متمرس في إحدى الدول العربية، فيقول، إنه شعر بألم شديد عند الكتف، وبحكم إقامته في تلك الدولة اقترح عليه أحد الأصدقاء التوجه لإمام مسجد يقوم بعمل الحجامة، وتوقع بأن يكون الإمام مرخصا بحكم السمعة التي يتمتع بها في المنطقة، وعبارات المديح التي تتغنى باسمه وبموهبته، ولكنه فوجئ بأن الغرفة لم تكن مهيأة بالشكل المطلوب، وبالرغم من ذلك جازف وأقبل على عمل الحجامة. ويضيف: شعرت بالندم الشديد، بعدما أصبت بجروح وتشوهات لا تزال ندوبها حتى الآن على ظهري، وما زاد الأمر سوءاً هو الحالة النفسية التي مررت بها من ألم كتفي والجروح، فضلا عن تحذيرات المقربين بضرورة إجراء فحوص للتأكد من عدم انتقال أي مرض فيروسي لجسمي عبر إحدى الآلات الحادة التي تم استخدامها خلال الحجامة. أما عبدالله الساعدي، فيرى أن الأمر تغير فيما يتعلق بممارسة الحجامة عن الوضع السابق، حيث كانت هناك أوراق توزع وبطاقات لخدمات الحجامة عبر أشخاص يجوبون المنازل ويقدمون الخدمة في المنزل، وكان هناك بالفعل من يتجه لهؤلاء الأشخاص غير المرخصين بسعر لا يتجاوز 150 درهماً، بعيداً عن الاشتراطات الصحية والتدابير المفترضة لمثل هذا النوع من العلاجات. وأشار إلى أنه عندما احتاج لعمل الحجامة تم تزويده برقم لشخص عربي يمارس الحجامة في المنزل، ولكنه رفض الذهاب إليه، بغض النظر عن القول إنه متمرس وصاحب خبرة، وأدواته نظيفة ويعتبر سعره أرخص من المراكز المرخصة. وأضاف، أن من يمارس الحجامة من دون ترخيص يعتبرها تجارة مربحة له، ولكنه مخالف للقانون، فإذا كان متمكنا فعلا ومؤهلا لذلك، فعليه التوجه للجهة المختصة للحصول الترخيص حتى يصبح وضعه قانونياً. ممارسات خاطئة أشار خليفة المزروعي إلى أن هناك ممارسات خاطئة في مجال الحجامة لم تتوقف حتى الآن وعلينا أن نساهم في ايقافها عبر إبلاغ الجهات المختصة عن أي شخص يمارس الحجامة من دون ترخيص حتى وإن كان ذا خبرة ومتمرس، فكلما دعم أفراد المجتمع هؤلاء الأشخاص فإنهم يتمادون في عملهم، وبالتالي لا يتحمل أي أحد المسؤولية في حالة حدوث أي مكروه لمن ذهب بنفسه لشخص لا يمتلك رخصة لعمله. وذكر أن أحد أقاربه تعرض لجروح شديدة في الظهر بسبب الحجامة لدى شخص غير متمرس والذي قام بوضع عشر كؤوس مرة واحدة، واتضح لاحقاً أنه أمر خاطئ. وذكرت أمل سليمان أنها كانت بحاجة لعمل الحجامة بعد آلام أصابتها بالكتف والرقبة والظهر، وعندما حاولت أخذ موعد في المراكز الطبية المعتمدة كانت في أوقات بعيدة تصل إلى شهرين، ومن ثم حصلت على رقم أحد النساء من الجنسية الآسيوية تمارس الحجامة، كانت مستعدة للقدوم لمنزلها بنفس اليوم لعمل الحجامة، مما جعلها تتردد في إحضارها للمنزل، وحذرت من أن هناك الكثير من الأرقام المتداولة لنساء يمارسن الحجامة وهن غير مرخصات ولكن للأسف الكثير من السيدات يتجهن لهن خصوصاً وأن الحجامة تتم في المنزل دون تكلف عناء الذهاب للمركز الطبي. قواعد الحجامة وأكد الدكتور أمين حسين الأميري وكيل الوزارة المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص رئيس لجنة تراخيص الطب التكميلي بالدولة، أن وزارة الصحة وضعت قوانين وقواعد لممارسة الطب التكميلي، ومنها الحجامة والتي يجب أن تكون خاضعة للشروط التي تم اعتمادها للترخيص بممارسة هذا النوع من النشاط، وأهمها أن تكون في مركز طبي معتمد، وتحت إشراف طبي مباشر، وألا تتم في المنازل أو في محلات الأعشاب أو غيرها من الأماكن المرخصة لمزاولة الأنشطة الطبية. وأوضح أن الوزارة مسؤولة عن مراقبة المنشآت الصحية والصيدلانية المرخصة من قبلها، وفي حالة وجود أشخاص يزاولون الحجامة في المنازل، وداخل متاجر لبيع الأعشاب والعسل، والتي تعتبر خارج مسؤولية الوزارة، فإن هناك تنسيقا بين وزارة الصحة وجهات أخرى للحد من هذه الظاهرة. وقال إن عدد الحجامين المرخصين في الدولة بلغ عددهم 44 حجاما منهم 7 أطباء و4 من ممارسي الطب التكميلي، و13 فنيا في مجالات فنية مختلفة منها الصيدلة والتمريض والعلاج الطبيعي من غير الحاصلين على شهادات علمية مع حصولهم على شهادات ثانوية ودورات تدريبية في الإسعافات الأولية وتم اجتيازهم الاختبار المقرر من الوزارة، لافتا إلى أن هناك 28 حجاما من الذكور و16 من الإناث على مستوى الدولة. وأوضح الأميري أن الإمارات من أوائل الدول التي عملت على ترخيص الحجامين، وتدعم ممارسة الحجامة تحت الإشراف الطبي وفي المراكز الطبية المعتمدة وذلك لما لها من فوائد في التخلص من بعض الأمراض، لافتاً إلى أن الحجامة عبارة عن عملية تشريط سطحية لمناطق معينة من الجسم تستهدف خروج بعض الأخلاط الدموية من الشعيرات الدموية، لافتا إلى أن الحجامة تندرج تحت ما يسمى بـ «الطب التكميلي»، الذي يعمل على المساهمة في العلاج إلى جانب نظريات الطب التقليدي المعروفة للجميع، والتي تنسجم والمفاهيم العلمية الحديثة وتخضع للبحث العلمي والدراسات المتخصصة. وأشار إلى عدم توفر دليل علمي قاطع على أن الحجامة تعالج الأمراض التي يشير إليها الحجامون، ولكنها تساعد على الحد من الآلام من خلال المساعدة على إفراز الأندروفين والتخفيف من حدة الأعراض، كما أنها تشكل عاملاً مساعداً لأساليب الطب الحديثة في معالجة بعض الأمراض من خلال تحفيزها لعمل جهاز المناعة. آثار صحية إيجابية من جهته، أوضح المواطن يوسف سعيد المطلعي الحاصل على ترخيص (فني حجامة) من وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن الحجامة من الممارسات العلاجية السليمة، والتي تندرج ضمن الممارسات العلاجية المعترف بها على مستوى عالمي، وأثار رواج الحجامة بين لاعبي أولمبياد 2016 اهتماما كبيرا لدى الجميع خاصة بعد ظهور علاماتها على أجسام نجوم الرياضة ومنهم السباح الأميركي مايكل فيلبس ولاعب الجمباز اليكس نادور، وبالرغم من أن الترويج للحجامة في الوقت الحالي ليس كافياً، لكنني حريص وغيري من ممارسيها على الإسهام في إبقائها حية في المجتمع وذلك لما لها من آثار صحية إيجابية ومساهمات في التخلص من الأعراض للكثير من الأمراض. وقال توجهت إلى القاهرة لدراسة ممارسة الحجامة بالصورة الصحيحة السليمة، وتم اختباري أمام لجنة الترخيص بوزارة الصحة ووقاية المجتمع في الدولة نظرياً وعملياً، وأيضا كان علي اجتياز دورة الإسعافات الأولية والتي هي شرط أساسي للحصول على ترخيص مزاولة المهن الطبية. فوائد الحجامة وذكر المطلعي أن أبرز فوائد الحجامة هي التخلص من الأخلاط الدموية والشوائب العالقة في الجسم، وامتصاص الأخلاط والسموم وآثار الكيماويات والأدوية، كما أنها تعمل على تنشيط وإثارة الدم في المناطق ذات التدفق البطيء وتنظيم الهرمونات وأجهزة المخ وتقوية المناعة في الجسم، وتسليك الشرايين والأوردة الدقيقة والكبيرة وتنشيط الدورة الدموية، وتسليك العقد والأوردة الليمفاوية ومسارات الطاقة. وتنظم الحجامة الهرمونات خاصة في الفقرة السابعة من الفقرات العنقية، وتنشيط أجهزة المخ، والحركة، والكلام، والسمع والذاكرة، وتعمل على امتصاص الأحماض الزائدة في الجسم، وزيادة نسبة الكورتيزون الطبيعي في الدم فيختفي الألم. بالإضافة لهذه الفوائد فإن الحجامة تقلل من الكوليسترول الضار في الدم وترفع نسبة النافع منه وترفع نسبة المورفين الطبيعي في الجسم وتحفز المواد المضادة للأكسدة. وأشار إلى أن يستقبل شهرياً ما يقارب 250 شخصا يعانون من متاعب صحية لم تنجح الأدوية في علاجها من أبرزها الروماتيزم، وخشونة الركبة أملاح القدم، وعرق النسا، وآلام الظهر والرقبة والكتف، والنقرس، وضعف المناعة، وتنميل الأذرع والأرجل، والصداع. أضاف أن هناك قناعة بأن الحجامة تعمل على تنقية الدم وتسهل عملية جريانه إلى القلب وإزالة الخثرات الدموية العالقة على جدران الأوعية فهي تمنع الجلطات وإذا خضعت لمزيد من التجارب العلمية فإنها يمكن أن تكون سبيلا لعلاج العديد من الأمراض . كما تستخدم في علاج الكثير من الأمراض مثل البواسير ، وأمراض الرئة، ارتفاع ضغط الدم، تصلب الشرايين، السكر. وبالنسبة للنساء فإن هناك عدة أمراض تعاني منها النساء ويتجهن للحجامة مثل نزف الرحم، انقطاع الدورة الشهرية، التوتر العصبي والحالات النفسية. ويفضل أغلب المراجعين الاتجاه للمرخصين في مجال الحجامة والذين يمتلكون الخبرة في مجال الحجامة وأسس التعقيم الصحيحة، فالاتجاه لغير المرخصين وعديمي الخبرة قد يتسبب بمضاعفات لا تحمد عقباها منها الجروح العميقة بسبب المشرط مما يؤدي للنزيف الحاد وزعزعت غضاريف العمود الفقري ولربما للشلل، وربما يتسبب ذلك بعاهة دائمة. أنواع الحجامة وعن أنواع الحجامة أوضح المطلعي أن هناك نوعين من الحجامة، الأول الحجامة الجافة أي من دون تشريط، حيث يوضع كأس الهواء على المنطقة المحددة على الجلد في مكان ثابت، والثاني الحجامة الدموية وفيها يُشرط الجلد تشريط سطحي، ثم يوضع الكأس لشفط الدم. موضحاً بأنه لا يزال هناك من يتخوف من الحجامة وأنها من الممكن أن تنقل الأمراض عبر الأدوات المستخدمة. شروط للمتقدم لامتحان معالج الحجامة قال الدكتور أمين حسين الأميري وكيل الوزارة المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص، إن هناك شروطاً وضعتها الوزارة للمتقدم لامتحان معالج الحجامة وهي أن يكون طبيبا أو ممرضا أو حاصلا على شهادة في التخصصات الطبية المختلفة، وبحد أدنى أن يكون حاصلا على شهادة الثانوية العامة، شريطة أن يكون ملما ببعض الأساسيات والأمور الطبية، التي تؤهله لاجتياز الامتحان الخاص بهذا الشأن في الوزارة، كما يتطلب أن يجتاز المتقدم مقابلة مع فريق من الأطباء المختصين في مجال الطب التكميلي، بنجاح حتى يسمح له بمزاولة المهنة. الدم الملوث وانتقال الأمراض أوضح الدكتور أمين حسين الأميري وكيل الوزارة المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص رئيس لجنة تراخيص الطب التكميلي بالدولة أن هناك بعض الحالات التي لا يجوز فيها إجراء الحجامة، كأن يكون الشخص مصاباً بفقر الدم أو متبرعاً حديثاً بالدم، أو مصاباً بارتفاع درجة الحرارة، لذلك تنوه وزارة الصحة ووقاية المجتمع الأشخاص للمستفيدين من هذا العلاج بإجرائه من قبل أشخاص مرخصين لممارسة الحجامة وعاملين بالمنشآت الصحية»، محذرا من إمكانية انتقال الأمراض عن طريق الدم الملوث وذلك في حال استخدام أدوات غير معقمة. وأكد أن الحجامة لا تعالج الأمراض الخطيرة مثل أمراض السرطان ومرض الإيدز وأمراض الكبد والأمراض الفيروسية الخطيرة الأخرى، كما أنها غير ملائمة لبعض الفئات العمرية مثل كبار السن والأطفال والحوامل. وإنما تساهم في دعم العلاج التقليدي من خلال الطب الحديث. طريقة عمل الحجامة شرح المواطن يوسف سعيد المطلعي الحاصل على ترخيص (فني حجامة) من وزارة الصحة ووقاية المجتمع، طريقة عمل الحجامة، وهي إحداث جروح سطحية «خدوش» على الجلد وجمع الدم في المحجم، وتُجرى من خلال تحديد الموضع ثم عملية التعقيم، ثم التشريط السطحي للموضع، ثم وضع كأس الحجامة وإخراج كريات الدم الحمراء الهرمة وفي المرحلة الأخيرة تعقيم موضع الحجامة، مشيراً إلى أنه لا توجد شروط معينة أو عمر معين لمن يرغب في إجراء الحجامة؛ فالحجامة الوقائية تبدأ من سن 18 عاماً والعلاجية لكل الأعمار من دون تحديد العمر.