الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

لمـاذا الشـارقـة؟

3 أكتوبر 2016 10:41
خلال زياراتي الخارجية، لعدد من الدول حول العالم، بصفتي رئيساً لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، والتي تأتي في إطار الجهود الرامية إلى الترويج لعوامل الجذب الاقتصادي التي تتمتع بها إمارة الشارقة، في مختلف المجالات، والتواصل مع قادة قطاعات الأعمال في تلك البلدان، كثيراً ما أضع نفسي في مكان هؤلاء المستثمرين وأتخيلهم وهم يسألون أنفسهم أو يتساءلون فيما بينهم... لماذا الشارقة؟ ما الذي يدفعنا إلى الاستثمار في هذه الإمارة؟ أتفهم بالطبع فضول المستثمرين الساعين لاغتنام الفرص، وحتى تحفظهم على استثمار مبالغ مالية كبيرة في مدينة قد لا تكون معروفة لديهم كما يعرفون الوجهات الاستثمارية التقليدية الأخرى، في الشرق الأوسط، وآسيا، وأوروبا، وأميركا. دعونا نتكلم قليلاً بلغة الأرقام، فوفقاً لآخر الإحصاءات الصادرة عن دائرة التنمية الاقتصادية في الشارقة، بلغ الناتج المحلي للإمارة 140 مليار درهم خلال عام 2015، بنمو 3.4%، في حين بلغ عدد الشركات التي تتخذ من الإمارة مقراً لها، أكثر من 70 ألف شركة بنهاية العام نفسه، ويأتي هذا في وقت شهدنا نمواً بنسبة 3% في الطلب على إصدار رخص الأعمال في النصف الأول من عام 2016، وهو ما يتماشى مع نسب النمو المحققة في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، وينسجم تماماً مع توقعاتنا للنمو الاقتصادي مستقبلاً. هذه المعطيات، وغيرها، تمثل دلالات واقعية حول ما تتمتع به الشارقة من استقرار وثبات، في ظل اضطرابات تعصف باقتصادات دول ومناطق ومدن رئيسة حول العالم. طبيعة عملي ومسؤولياتي ضمن (شروق) تتطلب مني دائماً الاطلاع على الدراسات والتحليلات والتجارب الدولية المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار، وعندما أردت أن أضع جواباً واقعياً لسؤالي، «لماذا الشارقة؟»، وجدت الإجابة لدينا في الشارقة تتكون من 3 عناصر رئيسة وهي: الإنسان، والبيئة الاستثمارية، والعمل ضمن منظومة الدولة المتكاملة! فنحن في الشارقة نقدّر عالياً قيمة الفرد في مجتمعنا، ونعتقد أننا نوفر البيئة الاستثمارية المستندة على مزيج من التشريعات والتسهيلات التي تذلل العقبات أمام المستثمر، وتسهم في تحقيق أهدافه وزيادة عوائده، في وقت يتكامل هذا كله وبصورة مثالية مع المنظومة الاقتصادية القوية لاتحاد دولتنا، وما تقدمه الإمارات الست الشقيقة من جهود لاستقطاب المزيد من الاستثمارات، والارتقاء بالمكانة الاقتصادية للدولة في مختلف المحافل الدولية. وبالإضافة إلى رأس المال البشري والمعرفي الذي ننعم به في الشارقة، ونحاول إبرازه للعالم بهدف جذب المستثمرين، فإننا نمتلك أيضاً مقومات حقيقية ترسخ القناعة بجدوى الاستثمار في الإمارة، فالشارقة هي إحدى الإمارات السبع التي اتحدت معاً لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، وهي بذلك جزء لا يتجزأ من واحد من أكثر اقتصادات المنطقة حداثة وتنوعاً وديناميكية، إذ يتغنى خبراء الاقتصاد دوماً بالنجاح الذي حققته الدولة في المضي قدماً بتنويع اقتصادها والابتعاد عن الاعتماد على عائدات النفط. وسياسة التنويع الاقتصادي تعد خطوة ذكية وحكيمة، كما أنها تعكس رؤية واضحة للمستقبل، ولطالما أبدت قيادتنا الحكيمة في الشارقة اهتمامها الشديد لاستراتيجية التنويع الاقتصادي، حيث كانت الإمارة منذ القدم مركزاً إقليمياً مهماً لحركة الملاحة البحرية، والنقل، والخدمات اللوجستية. وترسيخاً لما تمتلكه الإمارة من مقومات طبيعية وجغرافية في هذا الشأن، تم تطوير مطار الشارقة الدولي الذي بات مقراً لشركة العربية للطيران التي تربط الإمارة بأكثر من 100 وجهة. ويعد قطاع الملاحة الجوية أحد القطاعات الرئيسة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية الخارجية. كما تمتلك الشارقة ثلاثة موانئ بحرية متطورة ومزودة بأفضل وأحدث المرافق في دولة الإمارات العربية المتحدة، وترتبط الموانئ البحرية والجوية في الإمارة بشبكة من المناطق الصناعية وعدة مناطق حرة توفر الكثير من عوامل الجذب الرامية إلى استقطاب الأعمال والاستثمارات. عندما تزور الشارقة، تشعر منذ الوهلة الأولى أنك في مدينة متميزة ومختلفة، فمبانيها المعمارية المستوحاة من الحضارة العربية والإسلامية، وأبراجها العصرية التي تطال عنان السماء، تقف جنباً إلى جنب مع أسواقها التقليدية المتخصصة، ومراكزها التجارية الحديثة، وصروحها الثقافية والتعليمية، وواجهاتها البحرية الواسعة، وصحرائها الثرية بالجمال، كلها عوامل تسهم في إضفاء روح خاصة بالشارقة دون عن غيرها من المدن، وهذا ما يشكل دافعاً رئيساً للسياحة العائلية، والثقافية، والبيئية، والترفيهية في الإمارة، التي تعتبر من القطاعات المهمة الغنية بالكثير من الفرص وعوامل الجذب بالنسبة للمستثمرين، وقد استطعنا بفضل مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، على سبيل المثال، أن نحقق إنجازاً مرموقاً يفتح آفاقاً جديدة في السياحة البيئية، حيث يعتمد على مبدأ المشروع الواحد الذي يشمل جميع الجوانب السياحية الثقافية، والبيئية، والترفيهية. وبالإضافة إلى السياحة، تعمل حكومة الشارقة على ترسيخ مكانة الإمارة كمركز علاجي متقدم وعصري ليصبح قبلة عالمية للسياحة العلاجية، وللباحثين، والمتخصصين، والأطباء، وطلبة الطب. وعلى الرغم من اهتمامنا بالبنية التحتية والمشاريع الاقتصادية الكبرى، فإن ذلك لم ولن يطغى على اهتمامنا الاستراتيجي بالتعليم، انطلاقاً من إيماننا الراسخ بأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل شبابنا ومستقبل إمارتنا ومنطقتنا. إن كل المقومات التي طرحتها تؤكد أن الشارقة تنتهج خطة تنموية استراتيجية فريدة نحو تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى العالمي، والتي تعتمد على تحديث وتطوير وتنويع الاقتصاد وتشجيع الابتكار، والإبداع، وريادة الأعمال. لماذا الشارقة؟ سؤال أردت أن أجيب عليه هنا بشكل واقعي، وأنا على ثقة أن هنالك الكثير من الإجابات والتفاصيل الأخرى التي قد تجدها لدى آلاف المستثمرين الناجحين في إمارتنا الباسمة الذين وجدوا فيها نقطة البداية والانطلاقة والاستمرارية في عالم الأعمال الخاص بهم. *رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©