السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قاتلة في شهر العسل

قاتلة في شهر العسل
21 نوفمبر 2008 02:07
حياته كانت بعيدة عن الاستقرار·· ملول بطبعه ولا يهدأ ويفضل التنقل والترحال منذ نعومة أظفاره ولم يهتم بدروسه ومدرسته ورفض نصائح أبيه وأمه· وهو دائم النظر الى ما في أيدي أقرانه· يقارن دائما بين حاله واحوالهم· يريد أن يصعد سلم الثراء وان يكون صاحب مال· إلا انه كان يعرف الطريق المؤدي اليه ويعتقد أن الدراسة مضيعة للوقت والجهد والعمر ولا فائدة منها· ولن تحقق أحلامه وبحث عن وسيلة تنقله الى حياة الترف والرفاهية وسار في كثير من الدروب التي ظن انها ستوصله الى مأربه لكنها كلها كانت دائرية حيث يعود في كل مرة الى نقطة البداية دون ان يحقق شيئا· فتعثر في دراسته وسبقه أقرانه الى التعليم الجامعي بينما التحق هو بالتعليم بالفني بالكاد وحصل على شهادة متوسطة واستطاع ان يلتحق بوظيفة تناسب هذا المؤهل· وكان عائدها لا يكفي متطلبات حياته فيضطر الى البحث عن عمل اضافي في المساء لتحسين دخله وتلبية احتياجاته ولم يكف عن عاداته القديمة وافكار طفولته وصباه ومازال يبحث عن حلم الثراء الذي اصبح بعيد المنال· لكنه مصمم على خلع ثوب الفقر والتخلص من الحاجة والعوز والعمر يتقدم دون ان يتقدم هو خطوة واحدة الى الامام· مرت السنوات متلاحقة متشابهة يجري به العمر نحو الشباب بل وكاد يتخطى هذه المرحلة وهو يرى أبناء جيله وأنداده وقد استقروا في بيوتهم وانجبوا البنين والبنات وكونوا أسرا وعائلات منهم من رضى بمعيشته ايا كانت حتى وهو يعاني شظف العيش ومنهم من تسير به الحياة حلوة تارة ومرة تارة اخرى·· ومنهم من ضحكت له الايام واصبح من ذوي المكانة والاموال· فأين هو من كل هؤلاء؟ انه لا ينتمي الي اي منهم· مازال أعزب وحيدا لكن لابد ان يلحق بقطار الزواج الذي كاد يفوته وهو يقترب من الخامسة والثلاثين وقبل ذلك اتخذ قرارا لا يدري ان كان صائبا ام تعجل فيه وهو ان يستقيل من عمله وان يتقاعد مبكرا وسوف يحصل على معاش من وظيفته وان كان قليلا لكن يمكنه ان يعوض الفارق ويزيد من دخله من اي عمل آخر· رغم انه لم يحدد هذا العمل غير انه يعتقد كما تسول له افكاره انه قادر على فعل الكثير· إن أفكاره الكثيرة السابقة لم تأت بخير ولم يجن منها شيئا· المهم انه اتخذ قراره ونفذه وتقاعد عن الوظيفة الحكومية وحصل على مكافأة نهاية الخدمة ولاول مرة في حياته يمسك في يده هذه المبالغ التي فتحت امامه طريق الأمل في الزواج· طرق ''علاء'' باب إحدى الأسر الفقيرة في قريته طالبا يد ابنتهم للزواج· لم تكن حالها افضل من حاله واستطاع بجنيهاته ان يؤثث منزله الريفي ببعض الاثاث الرخيص الذي بالكاد يصلح للحياة· والعروس لم تحمل معها شيئا يذكر غير القليل وتم الزواج في هدوء بلا طبول أو دفوف سوى اهازيج وتصفيق الصبايا ونساء القرية· وبعد اسابيع قليلة تبخرت كل الاموال التي حصل عليها من عمله وانفقها على زواجه وأصبح صفر اليدين وجلس يندب حظه العاثر ولا يدري ماذا يفعل ولا من أين ينفق على زوجته؟ ولم يجد إلا ان يدفعها للعمل في الحقول والمنازل· وخرجت وهي تتساءل ان كانت هي الرجل أم المرأة في هذا البيت· فقد قلب الاوضاع· وجلس في الدار بينما تخرج هي للعمل ويترقب وصولها آخر النهار ليتلقف اجرتها ولم ترتض هذه الاوضاع وضاقت به وواجهته وطلبت منه ان يخرج للعمل وعيرته بكسله وضربها بقوة فعادت بعدها الى بيت ابيها ولحقها بعد ايام يردها الى بيته وصالحها ووافق والدها على عودتها شريطة ان يلتزم بالإنفاق عليها لكنه لم يف بوعده· وظهرت الخلافات سريعا وتجددت المشاكل· وعادت مرة أخرى الى بيت أبيها بعدما فقدت الأمل في إصلاحه ولم تطق العيش معه وطلبت الطلاق لأن الحياة معه اصبحت مستحيلة وحملت اخيرا لقب مطلقة بينما هو لم يخسر شيئا فحاله كما هي وعاد الى ما كان عليه·· يغرق في احلامه حتى انه أصابه اليأس والقنوط ولم يزل يراوغ نفسه ويخدعها بالأماني والمباني التي تشبه قصور الرمال· ومرت ثلاث سنوات واقترب من الاربعين وفكر في ان يكرر تجربة الزواج ولكن بلا اخطاء· فلابد ان يتفادى السلبيات التي كانت في المرة الاولى ولم يجرؤ على طلب يد اي فتاة في القرية فمعظمهن اصغر منه بسنوات طويلة· بل ويرفضن الاقتران به لما حدث مه في زيجته الاولى والتي انتهت بالطلاق بلا ذنب من المسكينة التي كانت ضحية وليست زوجة· وبينما هو غارق في فكره يبحث عن مخرج جاءه الحل وكأنه أعمى وقد أبصر فجأة وضرب جبهته بكفه ضربة اوجعته الحل عند جارته ''حميدة'' التي يمكن ان يقال إنها عانس فقد بلغت السابعة والثلاثين من عمرها ولم تتزوج ولم يطرق بابها من يطلب يدها حتى الان رغم ان لديها مسحة من الجمال ومقبولة الشكل ولا ينقصها الالتزام·· وراح يوبخ نفسه لانها لم تخطر على باله قبل ذلك خاصة ان لديها ما يبحث عنه ولم يجده عند غيرها وهي جارته منذ سنوات الطفولة والصبا ويعرف عنها كل شيء وتعرف كل تفاصيل حياته وفاتها قطار الزواج ولم تكن لها مطالب أو شروط في شريك حياتها· ولن يجد من ترضاه غيرها وهو في هذه السن والظروف اما الميزة التي تتفرد بها فإنها تعمل بائعة جائلة تجوب القرى المجاورة وتبيع الملابس الحريمي والعطور الرخيصة ومستحضرات التجميل الشعبية والادوات المنزلية والبلاستيكية· ووجد فيها ضالته المنشودة· ويجب ألا يضيع وقتا وألا يدع الفرصة تتسرب من بين يديه· ورتب هندامه واعاد تنسيق عمامته وفي المساء توجه الى بيت ابيها الذي تفصله عنه بضعة منازل· كانت الزيارة غريبة في بداية الامر ولم يجد صاحب الدار لها مبررا ولم يدر في خلده ان ''علاء'' حضر لهذا الهدف ولم يفكر في ان يكون زوجا لابنته· غير أن الضيف أخرجه من حيرته عندما رشف رشفة من كوب الشاي وطلب يد ''حميدة'' زوجة له وفوجئ الرجل بالطلب فلم يكن يتوقع ان تتزوج ابنته بعدما بلغت هذه السن ولم يتوقع ان يكون ''علاء'' هو الخاطب وعقدت المفاجأة لسانه ولم يعد قادرا على الاختيار وبدا حائرا بين الرفض والقبول· ولم ينطق بكلمة· فأعاد ''علاء'' مطلبه رافعا صوته كأنه لم يسمعه في المرة الاولى· والرجل نفسه كأنه ايضا أفاق على هذه الكلمات· وألهمه تفكيره بان يجيب اجابة تحتمل الايجاب والرفض معا وقال ان الامر يخص ابنته وحدها وهي صاحبة القرار وعليها ان تختار فهذه حياتها· وناقش الرجل مع ابنته الامر ورغم أن السوءات كانت واضحة وان عيوب ''علاء'' معروفة غير انه الوحيد الذي طلب يدها واذا رفضته فإنه سيكون الأول والاخير· ولذلك جاء القرار بالقبول لعله ينصلح وكما تم الزواج الاول في هدوء تم الزواج الثاني في هدوء ايضا لكن المختلف هذه المرة ان الخلافات بدأت في الايام الاولى من الزواج لنفس الاسباب السابقة وعدم التوافق وتطور الامر الى التلاسن وتبادل السباب والشتائم ولم يرد أن يستفيد من اخطائه السابقة ولم ترد هي ان تتمسك بالفرصة الاخيرة· ولم يفوت اي منهما كلمة ولا ايماءة إلا ورد عليها بأغلظ منها واقسى· رفض كل منهما تقديم اي تنازلاته بل شعرا وكأنهما وقعا في خطأ كبير وأن الاختيار كان غير موفق· في اليوم الثامن من الزواج تجددت نفس الخلافات وترددت نفس الألفاظ والشتائم غير انه زاد عليها إهانات وتحقيرا من شأنها وشأن أسرتها· وردت عليه بمثلها واكثر· فلم يكن هناك ما تتمسك به أو تبقى من أجله·· ردت له الصاع صاعين وشعر بالإهانة فدخل المطبخ واحضر سكينا واندفع نحوها محاولا طعنها غير انها استطاعت ان تمسك يده وتحول الطعنة إلى صدره وسالت دماؤه على يديها وفستانها وعاجلته بطعنة ثانية وثالثة· وسقط على الارض ولفظ أنفاسه الاخيرة·· وتحولت العروس الى قاتلة وهي في شهر العسل رغما عنها· وتم القبض عليها وحبسها ولم تكن تدري أن هذه هي النهاية وانها انتقلت الى مأساة أكبر وليس الى زواج واستقرار، وأحالتها النيابة محبوسة الى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد· عفريت حماتي! القاهرة - كانت في العشرين من عمرها أو تعدتها بعام·· فقد انتهت من دراستها الجامعية·· متوسطة الجمال لكنها تمتلك جاذبية خاصة·· وتحديدا في عينيها اللتين تلفتان الانتباه وتجعلان الناظر إليها يفكر فيهما·· ومع عنفوان شبابها ونضوج أنوثتها تقدم لها الكثير من أقاربها إلا أنها رفضتهم جميعا لأنها لم تشعر بالحب نحو أي منهم·· وهي تريد أن تبدأ حياتها الزوجية مع رجل تحبه قبل أن ترتبط به، وهي مازالت في بداية الأنوثة وبإمكانها ان تدقق في الاختيار، ولا مبرر للارتباط بشخص لا تتوافر فيه شروطها· لم يمض كثير من الوقت والخاطبون يطرقون بابها يطلبون يدها·· وأخيرا وجدت بينهم ''اسلام'' وهو شاب وسيم جذاب في مقتبل العمر·· يكبرها بثلاث سنوات فقط وكان اللقاء بينهما صدفة·· فهي لا تعرفه ولا يعرفها·· ولا علاقة بين أسرتيهما·· كل ما حدث أنها كانت تجلس في مكان عام يقدم الوجبات السريعة ومعها إحدى صديقاتها·· وحدثت مشكلة بسيطة مع النادل الذي يقدم الطلبات·· وفجأة وجدت ''اسلام'' أمامها·· إنه المسؤول عن إدارة المكان وقدم لها نفسه بصفته الوظيفية وهو يبتسم ابتسامة عريضة·· مقدما اعتذاره عن الخطأ وسوء التفاهم·· وكرر أسفه عدة مرات وهو يثني على جمالها ورقتها·· وربما يبالغ في الاعتذار لدرجة أنها شعرت بالخجل·· وتركت المكان وعادت الى بيتها·· لكنها لم تستطع أن تنسى المشهد، خاصة تلك النهاية التي شغلت تفكيرها ووجدت نفسها تفكر فيه رغما عنها·· كلما أبعدت صورته عن مخيلتها·· تداعت إليها فورا·· شعور غريب وجديد·· حتى اتهمت نفسها بالضعف لأول مرة أمام رجل·· وفي المقابل كان هو يفكر فيها ولم يبرئ نفسه من الرقة الزائدة واللين اللذين عاملها بهما·· فقد كان يقصد كل ذلك وكان يعني بتصرفاته ما وراء مصالحتها وإنهاء الموقف·· لكن لم يجرؤ على المزيد لأن عمله يفرض عليه الالتزام·· وهذا أقصى ما في وسعه·· وان كان يمني نفسه بالنجاح في مأربه وأن يكون صيده قد ابتلع الطعم·· إلا أنه يعود ويفقد الأمل·· فالمترددون كثر وأغلبهم يذهبون ولا يعودون·· لكن ايضا بعضهم أحيانا يعود ولو من أجل المكان· لم تستطع مقاومة رغبتها في رؤيته·· وحاولت أن تمنع نفسها·· ووجدت قدميها تقودانها إليه كأنها مسلوبة الإرادة·· مدفوعة بالمشاعر والأحاسيس الجياشة·· متعللة بينها وبين نفسها بحجج واهية·· والتقت عيونهما·· كل منهما لا يريد أن يفوت الفرصة حاولت أن تلفت نظره وهي تدعي أنها تتجاهله·· وهو ايضا ادعى أن اقترابه منها جزء من عمله وواجبه·· واستجمع شجاعته ورحب بها·· تبادلا الابتسامات وكلمات المجاملة·· كل منهما يغالط نفسه ويرتدي قناع البراءة بينما يتمنى لو طال اللقاء··وبالفعل طال الحوار·· وكانت نهايته تبادل أرقام الهواتف·· وفي اليوم التالي أكد لنفسه أنه هو الرجل ولابد ان يكون البادئ بالخطوة الأولى·· فنحن في مجتمع شرقي لا يسمح للفتاة بهذه الخطوة وإلا اتهمت في سلوكها·· وهو لا يعدم حيلة في فتح حوار هاتفي معها·· وإن كانت مهمته ليست صعبة فقد كان الطريق ممهدا·· وتوالت الاتصالات المتبادلة·· وبدأ الإفصاح عن المشاعر والاعتراف بالأحاسيس بل والاتفاق على الارتباط· واصطحب ''اسلام'' أسرته·· وتمت الخطبة والزواج خلال عدة شهور بعد تأثيث عش الزوجية·· وعقب شهر العسل كانت الحياة بينهما هانئة هادئة لا يعكر صفوها شيء·· وتكللت أخيرا بالطفل الأول الذي زينها وزادها بهجة وفرحة·· ومما زاد الأسرة الصغيرة سعادة الوظيفة الجديدة التي حصل عليها الزوج في أحد المنتجعات الشاطئية والتي ستدر عليه دخلا كبيرا·· وتمر السنوات وتتوالى الأحداث الجميلة ويرزقان بالطفل الثاني ثم الثالث·· ثلاثة صبية·· بل ثلاث زهور متفتحة مشرقة تبعث السعادة والعطر في كل مكان·· وتبث في نفوس الجميع الارتياح والأمل· اثنا عشر عاما كاملة·· والأسرة الصغيرة تنعم بهذه الأجواء التي يفتقدها كثير من العائلات · وتواصلت الاحداث الحلوة عندما جاء ''اسلام'' الى ''ايمان'' يزف اليها الخبر السعيد انه حصل لتوه على عقد عمل في الخارج يمكنه من خلاله أن يؤمن مستقبل ابنائه وان يرتقي بمستوى معيشة اسرته وتحقيق امنياتها ورغم انها فرحت بالخبر راحت تتساءل عن احوالها هي والصغار في غيابه وكيف يمكن أن يعيشوا بعيدا عنه وهم الذين لم يتعودوا غيابه أبدا؟ لكنه استطاع أن يقنعها بأن الاتصالات بينهم ستكون مستمرة وكأنه معهم وأنها لن تقيم وحدها في البناية فأمه تقيم معها في الطابق الاول وستكون سندا لها وبجانبها في أي موقف· ولابد من التضحية واحتمال الفراق من أجل تحقيق الامنيات فاقتنعت أو هكذا حاولت أن تبدو أمامه حتى لا تكون سببا في اضاعة الفرصة التي ربما لا تتكرر فيظل يعاتبها أو يلومها· حزم ''اسلام'' حقائبه واتجه نحو المطار تودعه دموع أمه وزوجته وابنائه بين لوعة الفراق والامل في الثروة التي سيعود بها ولم تمض عدة شهور حتى ظهرت توابع القرار، لا ندري ان كانت وهما أم حقيقة· خدعة ام احتيالا فقد بدأت الزوجة تشكو مما ينغص عليها معيشتها ويسرق النوم من عينيها ويجعلها في حالة يقظة دائمة طوال الليل وتظل جالسة مفتوحة العينين خشية أن يهجم عليها· إنه ''العفريت الماكر'' عفريت قزم لا تستطيع أن تصف ملامحه بالضبط إنها غير واضحة فهو يقفز هنا وهناك بعيدا عنها ويتباعد كلما اقتربت منه ويقترب كلما ابتعدت·· ويمر كالبرق من أمامها اذا اطفأت الأنوار·· تفزع وتهرع الى مفتاح الكهرباء وتضيء كل اللمبات في الشقة·· وهكذا يتكرر المشهد تباعا بلا انقطاع·· مما جعلها تعيش في رعب وفزع· وخوف وارتباك·· انقلبت أحوالها رأسا على عقب، ولم تستطع الاحتمال·· اشتكت لزوجها مرات عديدة· لكنه في كل مرة كان يرد عليها باستهزاء مستنكرا أن تكون هناك عفاريت وأنه مجرد وهم أو تخيلات· وظن في نفسه انها مجرد وسيلة لتجبره على العودة الى البلاد·· وفي كل مرة تكرر شكواها وتزيد عليها بعض الاحداث·· وهو يكرر نفس الردود· فما كان منها إلا أن اصطحبت أبناءها عائدة الى منزل والدها هربا من العفريت الصغير الذي يشاغلها في نومها ويقظتها وجعل حياتها جحيما· وظلت في بيت ابيها عدة اشهر الى أن عاد الزوج من الخارج في اجازته السنوية ومعه عادت الاسرة الى عشها وعرفت السعادة والهدوء من جديد·· واختفى العفريت ولم يعد له أي أثر فكانت فرصة له لأن يقنعها بأن كل ذلك مجرد خيالات إلا أنها ترفض هذا التفسير وتؤكد أن ما حدث كان حقيقة تراها أمامها وهي في كامل وعيها ويقظتها·· فرد عليها ضاحكا بأن العفريت خاف منه·· فاختفى· انتهت أسابيع الإجازة وارتحل الزوج الى عمله بالخارج وفي أول ليلة وعندما حل الظلام، عاد العفريت القزم للظهور مرة اخرى وهو تارة يخرج لها لسانه أو يحملق بعينيه الحمراوين أو يطير في الهواء ويأتي بحركات بهلوانية لا يفعلها إلا العفاريت وباتت ليلتها كما حدث في الليالي الخوالي ولم تعرف للنوم طعما·· لم يغمض لها جفن·· وخشيت أن توقظ أولادها حتى لا يصيبهم مكروه· ومع أول ضوء جاءها اتصال خارجي من زوجها يريد ان يطمئنها على وصوله بسلامة الله وقبل ان يتفوه بكلمة·· صرخت تشكو له من العفريت فنصحها بأن تعرض الامر على أمه وأنها قطعا ستجد عندها حلا· وتوجهت ''ايمان'' الى حماتها تخبرها بعودة العفريت وتصف لها ليلتها الطويلة· فوجدت عندها برودا ولا مبالاة ولم تهتم بحديثها ولم تعبأ بشكواها إلا أنها في النهاية قدمت لها الوصفة والعلاج·· نصحتها بأن تشتري ثلاثة أرانب رقطاء وتطلقها في الشقة تطعمها وتسقيها وتتركها ترتع حتى تسمن وعندما يعود الزوج يذبحها بنفسه وبذلك يتم طرد العفريت نهائيا ولا يعود مرة اخرى· هذه الوصفة زرعت الشكوك في نفسها وجعلتها ترتاب في الامر وتشك بأن حماتها ''عملت لها عملا'' أو سحرا لكي تجعلها تترك المنزل بل انها اكدت هذا الاتهام واصرت على موقفها وتركت البيت للمرة الثانية فاضطر الزوج الى العودة في محاولة لإصلاح الأمر·· رفضت الاعتذار والتراجع عن الاتهام·· اصرت على رأيها فما كان منه إلا ان طردها من المنزل فلجأت الى محكمة الاسرة تشكوه وتشكو أمه·· وتشكو العفريت وطلبت الطلاق·· لكن المحكمة رفضت تطليقها لأنها لم تقدم دليلا واحدا على تضررها· وما جاءت به مجرد اقوال مرسلة فعادت الى بيت ابيها وهي خائفة من العودة الى بيت زوجها حيث يطاردها العفريت·· والزوج عاد الى عمله في الخارج·· ومازالت تنتظر حلا!
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©