الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قول ثقيل» في الوعد والوعيد والتكاليف

«قول ثقيل» في الوعد والوعيد والتكاليف
19 مايو 2011 20:08
«الثقيل» اسم من أسماء القرآن الكريم، كما يقول العلماء استناداً لقول الله تعالى: «إنا سنلقي عليك قولًا ثقيلاً» (سورة المزمل الآية 5)، وجاء في التفاسير أنه ثقيل في فرائضه وحدوده، وفي حلاله وحرامه وفي العمل به، وثقيل بالوعد والوعيد، وعلى المنافقين، لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ونفس مزينة بالتوحيد.وقالوا إنه ثقيل مبارك، وكما ثقل في الدنيا فإنه يثقل في الميزان يوم القيامة، ويثقل العمل بشرائعه وثقيل على الكفار، وقال آخرون إنه ثقيل أي ثابت كثبوت الثقيل في محله، ولا يزول إعجازه أبداً. (القاهرة) - قال أصحاب المنتخب حول تفسير الآية الكريمة: إننا -أيها الرسول- سنلقي عليك قرآناً مشتملًا على الأوامر والنواهي والتكاليف الشاقة، وأن القرآن حق لا ريب فيه، فهو الكتاب الكامل الذي لا يرتاب عاقل منصف في أنه من عند الله، ولا في صدق ما اشتمل عليه من حقائق وأحكام، وفيه الهداية الكاملة للذين يستعدون لطلب الحق. تنزيه الله والناظر فى افتتاح سور القرآن الكريم يتجلى له من الأسرار ما يدل على إعجازه، وأنه احتوى على كثير من الأعاجيب والبراهين، والله عز وجل استفتح أربع عشرة سورة بالثناء عليه سبحانه، نصف هذه السور افتتح بإثبات صفات الكمال، ونصفها افتتح بسلب صفات النقص وتنزيه الله عز وجل. فقد افتتحت سبع سور بإثبات صفات المدح، خمس منها بدأت بالحمد وهي الفاتحة، والأنعام والكهف وسبأ وفاطر، وافتتح بقوله «تبارك» فى سورتي الفرقان والملك وافتتحت سبع سور بنفي النقص وتنزيه الله وهي الإسراء والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى. والمتدبِّر للقرآن الكريم لا يزال يستفيد من علومه، ومعارفه ما يزداد به إيماناً، وكذلك انتظامه وإحكامه، وأنه يصدق بعضه بعضاً ويوافق بعضه بعضاً ليس فيه تناقض ولا اختلاف، فجاءت أحكامه كلها لما فيه صلاح الأمة وخيرها قال تعالى: «كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب» سورة ص الاية 29 وتدبر القرآن مقصد أساسي من مقاصد نزوله، فهو السبيل لفهم أحكامه، ولبيان غاياته ومقاصده، فلا يُفهم القرآن حق الفهم، ولا تُعرف مقاصده وغاياته حق المعرفة، إلا بالوقوف عند آياته وتدبرها حق التدبر، لكشف ما وراءها من حكم ومعانٍ. دستور كامل ولقد رأينا كيف كانت الأمة الإسلامية في عهد الصحابة والتابعين في قمة قوتها وأمنها واستقرارها ورخائها، عندما كان يطبق شرع الله تعالى، فتبدلت حال العرب بعد الإسلام وأصبحوا أمة علم وقوة وسلطان ورفعهم الإسلام إلى أعلى المنازل، حيث اختارهم الله من بين الأمم ليكونوا حملة الدين الحنيف إلى العالم فنالوا ذلك الشرف وكانوا خير مبلغين، وتوسعت رقعة الدولة الإسلامية حتى فتحت للنبي صلى الله عليه وسلم قصور كسرى وقيصر وحكموا العالم وأعزهم الله بنور الإسلام وأصبحوا قادة العالم. إن القرآن الكريم كلام الله الذي أنزله للعالمين رحمة ويشفي به صدور قوم مؤمنين وينذر به قوماً لداً، فيه دستور كامل للدولة الإسلامية ومنهج كامل ينظم حياة الفرد والمجتمع، ويضبط به جماح الشهوات والأهواء ويصنع من الإنسانية مجتمعاً طاهراً منظما تعمه الرحمة والتكافل، ولا يزال القرآن يمدنا بأنواع من العلوم ويفجر لنا كنوز المعرفة، ويحيي عقولنا بإثارة الفكر، وفوق كل هذا هو نور يهدينا إلى سواء السبيل ويقودنا إلى جنات النعيم المقيم. لقد أدرك المؤمنون والكافرون منذ نزول القرآن العظيم أن ما به من العلوم المترامية والبينات الباهرة التي حار فيها أهل الألباب، أمر وراء قدرة البشر وأبعد من مطمح الإنسان، علماً بأنه قد جاء خاتماً بعد تدفقات النهر الطويل من المعجزات قبله، التي كانت برهاناً وشاهداً على صدق الأنبياء والمرسلين. لقد جاء محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت معجزته عقلية فكرية بلاغية، وذلك لتطور البشرية من حالة الجهالة المطبقة، والظلام الدامس إلى إعمال العقل وترامي العمران والاتصال بين الأمم والشعوب. معجزات عقلية إن القرآن الكريم إنما جاء للناس كافة إلى قيام الساعة فاعتمد إعجازه على أمر خارج تطورات المعارف وتباين الثقافات، فأتى القرآن مرتكزاً على عقل الإنسان، وهو خاصية له وصفة ذاتية فيه لا تزول ولا تتبدل بالتبدلات والتغيرات في الأرض من حوله. وقال السيوطي: «الحمد لله الذي جعل معجزات هذه الأمة عقلية، لفرط ذكائهم، وكمال أفهامهم، وفضلهم على من تقدمهم، نحمده سبحانه على قوله لرسوله: «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم» سورة النحل الاية 44. وخصه صلى الله عليه وسلم بالإعانة على التبليغ، فلم يقدر أحد منهم على معارضته صلى الله عليه وسلم بعد تحديهم، وكانوا أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء، وأمهلهم طول السنين فعجزوا. والقرآن شريعة تامة، وديانة كاملة وهدى ونور، وهو في آن واحد معجزة كبرى خبت إلى جوارها معجزات الأنبياء، وآية بينة بارقة، تصاغرت أمام جلالها آيات المرسلين، وبقيت زاهرة ناطقة مضيئة جيلًا بعد جيل. حدث أعظم القرآن معجز كله بما يناسب الزمن الذي نزل فيه والأزمان التالية كلها وإلى أن تقوم الساعة، والحدث الأعظم الذي بعث له النبي صلى الله عليه وسلم. وأمام معجزة القرآن بعلومه ومعارفه، وأخباره الماضية والمقبلة، فإن العقل الانساني على تقدمه ليعجز عن معارضته لأن آياته المقروءة والمنظورة لا قبل له بها، وعجزه لقصوره الذاتي، فيكون هذا اعترافاً من الانسان بأن القرآن وحي الله الى رسوله صلى الله عليه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©