الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا المسؤول

2 أكتوبر 2016 23:17
ما إنْ تقترب من قريب أو صديق أو زميل حتى تسمع كلمات الضعف والاستسلام وإرجاع كل فشل إلى شماعة الظروف، وإلباس المربي أو المدير ثوب المجرمين المنفرين المحبطين متعمدي الإيذاء، وتقويض الطاقات البشرية المبدعة، وخنق روح المبادرة وتكميم الأفواه ومصادرة الآراء، فترى أحدهم قد انساق وراء وهمه إلى أبعد حد من تقمص شخصية المظلوم الذي لاحول له ولا قوة فيما آل إليه أمره من قلة العطاء، وعدم الإقبال على الإنتاج، وأداء العمل بأسلوبه التقليدي الذي لا يقدم فيه جديداً ولا يتقدم فيه خطوة. وتستمر به الحال كذلك حتى يسأم العمل بل يسأمه العمل، ينزوي حينها في زاوية ضيقة: هل إلى التقاعد من سبيل؟ يجتهد في إيجاد وسيلة تعينه في الحصول على المعاش التقاعدي في سنه المبكرة، متجاهلاً أصوات العطاء والإبداع التي يحبسها في ظلمة نفسه المعبأة بإحباطات من صنع ذاته، مصادراً حقها في الخروج إلى عالم عظيم يرحب بالمبدعين، ويؤكد ضرورة وجودهم. ولا ندري أي ظروف تلك التي عاندت أولئك الذين يدعون وجودها ويحملونها مسؤولية تخاذلهم، أهو الوطن المعطاء المتجاوز حدود العطاء المحلي إلى فضاءات العالم؟ أم الحكومة التي تعمل فوق المألوف والمتحدية للمنطق والمتجاوزة لدول عظيمة في منافسة غير مسبوقة لمن في عمرها من الدول؟ وكفانا بحكامنا قدوة في استخراج ثروات النفس البشرية ونفائسها لترجمتها مجسمات حية على واقعنا الاستثنائي. أليس في هذه المعطيات مجتمعة ما يستحق القول إن الظروف عامل مساعد لا معاند لما نريد تحقيقه من أفكار؟ وإنْ كان الأمر لا يخلو من مسؤول مباشر لا يظن بموظفه الاستطاعة على الإنجاز، وهو ما يخصه وحده، لكننا من يتيح له فرصة اتخاذ القرار بما نملك ولا يملك من مهاراتنا وقدراتنا وإبداعاتنا حين نعرضها عليه ويرفضها، فنعود بها إلى أدراج المكاتب فتحبس حتى تبلى، رغم أننا أحرار لم يستعبدنا مدير أو مسؤول عجز عن استيعابنا، فإن كانت قوبلت بالاستهانة عنده فقد تقابل بالاستعظام لدى غيره ممن يثمنون الأحجار الكريمة ويجيدون التعامل معها. فكل نفس مسؤولة مختارة، فإما أن تختار برمجة سلبية تبرمج بها النفس على الراحة والاسترخاء واستعادة ما تسمعه من كلمات محبطة، وإما أن تبصم على صفحات المغيرين، وتؤكد أنها موجودة وقادرة، وستمضي نحو الإنجاز غير آبهة لهتاف المحبطين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©