الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرزق بيد الله وعلى الإنسان السعي والأخذ بالأسباب

الرزق بيد الله وعلى الإنسان السعي والأخذ بالأسباب
16 مايو 2013 21:50
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:- يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}. سورة الذاريات الآية (56-58). لقد خلق الله المخلوقات وأحصاها عدداً، ورزقها من فيض خيره فلم ينسَ من فضله أحداً، ومن المعلوم أن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى، وأن الواجب على الإنسان أن يسعى وأن يأخذ بالأسباب، وكلٌ مُيَسَّرٌ لما خُلق له، كما جاء في الحديث: {إنَّ رُوح القُدسِ نَفَثَ في روعي أنه لن تَمُوتَ نفس حتى تستكمل رِزْقها وأجَلَها}. أخرجه أحمد. والرزق كله بيد الله سبحانه وتعالى يقسمه على عباده، كما في قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}. سورة فاطر الآية (3)، ومع ذلك فالإنسان يُمْتَحَنُ في رزقه كما يُمْتَحَنُ في صحته وأولاده وماله، ومما يُؤْسف له أن بعض الناس لم يأخذوا بالأسباب الشرعية للرزق، كما وأن هناك أسباباً معنوية يهيئ الله بها الأرزاق وييسرها، منها: الاستغفار ذكر الإمام القرطبي في تفسيره قال: (شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً؛ فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه؛ فقال له: استغفر الله، فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلتُ من عندي شيئاً؛ إن الله تعالى يقول في سورة نوح: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/302، وهذا يدلُّ على أنَّ الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار، كما وذكرت الأحاديث الشريفة فضل الاستغفار، فقد رُوي عن ابن عباس? رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لَزِم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كُلِّ هَمٍّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب). أخرجه أبو داود. الصلاة الصلاة صلة بين العبد وربه، يستمد منها القلب قوة، وتحس فيها الروح طمأنينة، فهي عماد الدين، لذلك جاءت الآيات القرآنية تحث عليها {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصَّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}. سورة طه الآية (132)، وجاء في مختصر تفسير ابن كثير في تفسير هذه الآية: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصَّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْهَا} أي استنقذهم من عذاب اللّه بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها. التقوى وقد وردت تعريفات كثيرة للتقوى منها: ما ورد على لسان الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- أنه قال: «هي العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل» لذلك ينبه القرآن الكريم إلى أهمية التقوى وفضلها {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}. سورة الطلاق الآية (2 -3)، وكم من قصص قرآنية تحدثت عن فضل التقوى وأنها مجلبة للفرج والرزق والخير، كما ذكر صاحب كتاب صفوة التفاسير: (وقال المفسرون: الآية عامة وقد نزلت في «عوف بن مالك الأشجعي» أسر المشركون ابنه، فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وشكا إليه الفاقة وقال: إن العدوَّ أسر ابني وجزعتْ أمه فما تأمرني؟ فقال- صلى الله عليه وسلم- له : اتق الله واصبر، وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله» ففعل هو وامرأته، فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب، ومعه مائة من الإبل غفل عنها العدو فاستاقها فنزلت: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}. صفوة التفاسير للصابوني 3/400. صلة الرحم ديننا الإسلامي الحنيف اهتم بصلة الأرحام، وأكد على ضرورة المحافظة عليها والعناية بأمرها، حتى جعلها مرتبة متقدمة من مراتب الإيمان، لذلك نبَّه الإسلام لأهمية صلتها وضرر قطعها فقد جاء في الحديث الشريف أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: {الرحمُ مُعَلَّقةٌ بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، وَمَنْ قطعني، قطعه الله}. أخرجه البخاري، لذلك نصت الأحاديث الشريفة على فضلها وحسن الاستمساك بها، لما يترتب على ذلك من سعة في الرزق وطول في العمر وسعادة في الدنيا ونعيم في الآخرة. الاعتدال في الإنفاق أي البعد عن الإسراف، والإسراف هو وضع الشيء في غير محله، والبعد عن الشح والبخل، أي أن يكون المرء وسطاً معتدلاً، وهذا ما نطقت به الآيات القرآنية: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. سورة الأعراف الآية (31)، ويقول: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}. سورة الإسراء الآية (29)، ويقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}. سورة الفرقان الآية (67)، والأمة المسرفة أمة فاشلة سيحل بها البوار والفقر لبعدها عن منهج الله {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}. سورة الإسراء الآية (26- 27). السعي والاكتساب (العمل) وهو سبب شريف لكسب الرزق الحلال الطيب لذلك أمر الله به {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }. سورة الملك الآية ( 15). والعمل أمر ضروري لسير الحياة حتى آخر لحظة من عمر الإنسان للحديث: {إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل}. أخرجه أحمد، وعندما نقرأ سير الأنبياء والرسل الكرام- عليهم الصلاة والسلام- يزداد إيماننا بقيمة العمل، ذلك أن الأنبياء والرسل الكرام - عليهم الصلاة والسلام- كلهم كانوا يعملون، ولقد اقتدى الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- برسولهم الكريم- صلى الله عليه وسلم-، فلم يركنوا إلى الكسل أو يقعدوا عن طلب الرزق، بل كانوا جميعاً يعملون. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©