الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفرتيتي والموناليزا..غوايةالجمال الأنثوي

نفرتيتي والموناليزا..غوايةالجمال الأنثوي
14 يناير 2015 21:35
يمكن اعتبار كل النساء جميلات، لأن الجمال نسبي وليست له مقاييس محددة، بيد أن نساء قليلات تحقق لهن الخلود، ليس لأنهن أجمل نساء الأرض ولكن لأن الفنان الذي جلسن أمامه لينقل صورتهن بالألوان أو ينحتها بالأزميل استطاع لنبوغه أن ينقل شيئا من روحهن الخفية، واستطاع تحويل الصورة إلى أسطورة فاتنة تنضح بالكمال والجمال المطلقين، وحمّلهن بغموض آسر جعل المتلقي يظل حائرا عبر العصور، محاولا فك لغز وأسرار هذا الجمال الكامل والذي لا فكاك منه. الموناليزا ونفرتيتي أيقونتان ساحرتان جمعتا السحر والغموض المتشكل من قبل فنانين عبقريين، ليوناردو دا فينشي فنان عصر النهضة الإيطالي الغني عن التعريف، وتحتمس نحات القصر الفرعوني في عهد نفرتيتي، وتمثالها النصفي وُجد في مشغله سنة 1912 حيث عثر عليه فريق تنقيب ألماني بتل العمارنة. دافينشي نقل صورة الموناليزا وجعلها أسطورة عابرة للعصور، وتحتمس نحت تمثالا نصفيا للملكة الفرعونية نفرتيتي لتُصنّف كأجمل امرأة في العصور القديمة. ترى ما السر الذي حمّله الفنانين أيقونتيهما لتصبحا خالدتين فنياً وبالنتيجة يحققا الخلود الفني لنفسيهما كفنانين عظيمين استطاعا أن يجعلا من الجمال الأنثوي أسطورة ومطلقا وكمالا؟ نفرتيتي أو «الجميلة أتت» نحات القصر الفرعوني تحتمس نحت تمثال نفرتيتي النصفي من قطعة واحدة من الكلس، مع إضافة أربع طبقات خارجية جصية ليمنح للوجه تفاصيله وشكله الخارجي، وقد وُجد في ورشته، ووجوده هناك هو الذي نجاه من التخريب حسب ما يؤكد المؤرخون، لأن معظم تماثيل نفرتيتي وزوجها الفرعون أخناتون ورسوم الجداريات التي تؤرخ لحياة الفراعنة اليومية ولعبادتهم لأتون تعرضت للتخريب لطمر تاريخ هذه الأسرة التي تمردت على الآلهة التي عبدها الفراعنة من قبل، واستبدالها بعبادة إله واحد هو أتون. إن المقاييس المعتمدة في نحت وجه نفرتيتي وكتفيها مختلفة عن نحت بعض تفاصيل الجسد في عصر الفراعنة، الأمر الذي جعل بعض الدارسين يعتبرونها منحوتة مزورة لكن دارسين آخرين يرونها أصلية وأن تميزها يعود للحرية الفنية في عصر نفرتيتي وزوجها الفرعون أخناتون. «الجميلة أتت» هو اللقب الذي عرفت به الملكة الفرعونية نفرتيتي ذات الجمال الغامض، والأصل المجهول، والتي نشطت مخيلة علماء المصريات في محاولة فك أسرارها. إنها الزوجة الملكية لأخناتون، وتمثالها النصفي الذي يعود لثلاثة آلاف عام، يعد أيقونة تتميز بالكثير من الكمال والجمال المُلوكي الشامخ. تقاطيع الوجه منحوتة بعناية وتؤكد مقدرة وقدرة النحات الفرعوني تحتمس على تجسيد جمال مليكته من الحجر الكلسي، وما فعله أنه أبرز العنق الطويل والوجه النبيل المتناسق التقاطيع بعظمتي الخدين البارزة، والأنف الرقيق والابتسامة الغامضة والحاجبين المقوسين والعينين المستغرقتين في نظرة آسرة وحالمة، والرأس الشامخ بكبرياء ملوكي والذي زاده التاج الطويل شموخا، وتفاصيل الوجه والعنق يفشيان عن جسد رشيق وجميل، ويتأكد ذلك من خلال تماثيلها الكاملة ورسوم الجداريات. إن جمال نفرتيتي الذي لا يحد يتمتع بمقاييس مثالية تلخص السحر والجمال والغموض الشرقي الآسر، وتمثالها النصفي يخبر بأنها من أجمل نساء مصر القديمة، ويؤكد قدرة النحات والفنان الفرعوني تحتمس على تخليد ذلك الجمال الشفاف الغامض وعلى إبراز سحره وجمال وكماله دون هوادة. إن تمثال نفرتيتي رمز للنحت في الفن المصري القديم، ومن أروع القطع الفنية في العصر الراهن. ورغم أن نفرتيتي أنجبت ست بنات فإن ذلك لم يؤثر في جمالها الزاخر، لأنها تزوجت في سن الخامسة عشرة كما يرجح الدارسون، كما أن تمثالها النصفي به تجاعيد حول العينين والفم، ما يدلل على أنها لم تكن صبية صغيرة لما وقفت أمام النحات، لكن جمالها الباذخ لم يتأثر بعامل السن. وحول هذه التجاعيد قال مدير متحف علم المصريات ديترش فيلدونج: «لقد اكتشفنا أن النحات أضاف تجاعيد رقيقة إلى وجهها لا سيما حول العينين»، وأضاف بأن: «التجاعيد جعلت الصورة أكثر تفردا وتعبيرا». إن نفرتيتي لم تكن تريد أن تبدو صورتها مثالية وإنما أرادتها محملة بالكثير من الواقعية، لأنها ملكة والنظرة الأكبر سنا تمنحها وقارا أكثر، كما أن آثار السن لم تكن عيبا وقتها وأضفت على الملامح جمالية خاصة. إن تحتمس لم يقصد جعل التمثال النصفي يصل درجة الكمال فحاول أن يجعله أكثر واقعية، وذلك كان سر تفرده وذلك أيضا ما أوصله إلى الكمال. ولعل السبب الكامن وراء جمال نفرتيتي هو السعادة التي كانت تعيشها بجانب زوجها أخناتون وبناتها، لأن الحب والوئام ساد علاقتهما، فقدما نموذجا للحياة الأسرية المثالية ويبدو ذلك واضحا في الجداريات والثماثيل، فهما يتشاركان كل الأنشطة اليومية كعبادة آتون، والحكم، وتفاصيل الحياة اليومية الصغيرة، وكمثال على ذلك تبدو نفرتيتي في إحدى الجداريات ترضع أحد أطفالها والأب يأخذ أولاده في حضنه، إنها صور تلخص حياة أسرة فرعونية سعيدة في ظل التغييرات التي سنتها وزوجة مزهرة ومشعة تنشر البهجة حولها. تحتمس الذي نحت تمثال نفرتيتي النصفي جعلها تخرج من بين أنامله ناطقة بالسحر والكمال، إنها حالة من الإلهام المصطفاة التي تمكن الرسام أو النحات من الإبداع فيتحقق للعمل خلوده. الموناليزا إذا وجد الجمال الأنثوي الفنان المقتدر الذي يرسم تفاصيله ويحددها بحس مرهف وموهبة نادرة، وينثر قبسا من روحه وعبقريته على العمل يتحقق له الخلود، ودافينشي خضع لغواية جمال الموناليزا فأضحت موضوعه الأثير فنقل صورتها بجمالها الآسر، وشكلها من خلال الألوان فجاءت تحفة نادرة فعدّت اللوحة الأثيرة عنده، لأنه كان يحملها معه في حله وترحاله، ولتميزها وغموضها نُسجت حولها الكثير من القصص المتضاربة، كلها تحاول الوصول إلى كنهها وسبر غورها عبر العصور. ووصلت المبالغة في التخمينات والتحليلات ببعض النقاد إلى درجة اعتبار لوحة الموناليزا لوحة ل دا فينشي نفسه. وتعد الموناليزا ثورة فنية في القرن السادس عشر الميلادي بإيطاليا، لأن دا فينشي استثمر تقنيات رسم جديدة، حيث السائد في البورتريه وقتها أنه كان يغيب فيه العمق، لكنه حقق ذلك في لوحة الموناليزا، فاستطاع الجمع بين تفاصيل الوجه الجانبية والأمامية ونقله بكل أبعاده، ومنحه حركية خاصة من خلال تلاعبه بالظل والنور، كما أنه وظف الشكل الهرمي في الرسم الذي لم يكن موجودا، واستطاع تثبيت تلك الابتسامة الغامضة والمحيرة والنظرة الساحرة والمصوبة إلى المتلقي أينما اتجه. ويرجع بعض النقاد الغربيين غياب حاجبي الموناليزا إلى كون المشاركين في الحروب الصليبية نقلوا بعض عادات المسلمين إلى الغرب، ومنها أن من علامات جمال المرأة الشرقية خلوُّ جسدها من شعر الجسم الذي يصل حد نزع الحاجبين، لكن هذا الطرح يفنده طرح آخر يعيد غياب الحاجبين إلى تنظيف اللوحة بطريقة رديئة. إن إلمام دافنشي بعلم التشريح جعله يرسم مقاييس الجسم واليدين بدقة بالغة، وأضاف عليها إحساسه الخاص، كما استخدم طريقة دمج الألوان في رسمه للصورة وأيضا جعل خلفيتها عبارة عن منظر طبيعي من خياله فمنح اللوحة جمالية أكبر، فانزاح عن المتعارف عليه في رسم البورتريه وكسر قواعد الرسم السائدة في عصره ولم يخلص لها، واستطاع حل شفرته بالألوان، لكن تلك الشفرة توقف سرها عنده واحتفظ بها لنفسه ولم يمكن منها المتلقي ليظل عبر العصور عطشا لفك لغزها، مكتفيا بتأمل تلك الابتسامة الساحرة والساخرة دون أن يجد جوابا لسؤاله عن سرها وعن سر تلك النظرة الأسطورية المثبتة عليه، والمتشربة بالرقة والحزن والسحر والقادرة على الخفاء والتجلي، فلا تفصح أو تخبر عن نفسها، لتظل ملفوفة بالغموض والبهاء. استطاع ليوناردو دا فينشي أن يمتلك مفاتيح فن التصوير فجعل من الموناليزا أسطورة وأيقونة خالدة، لأنه أضفى عليها سحرا وغموضا أوصلها إلى المثال. إن تمكن دافنشي من أدواته تجلى ليس فقط في رسم الموناليزا بل أيضاً في تنظيراته التي كشفتها لنا أوراقه التي خلفها لتلميذه ميلزي، فوجه المصور وأوصاه بتنويع تعابير الوجوه التي يرسمها حتى لا يسقط في آفة التكرار، والابتعاد عن إحاطة الأعضاء والأجزاء الداخلية للوحة بالخطوط الحادة كما أطلعه على الطرق السليمة لمزج الألوان والظلال، وغيرها من التوجيهات التي طبقها في تحفته الموناليزا التي تجسد جمال المرأة الغامض والساحر والمحمل بالأسرار، ويمكن اعتبارها دون تردد أيقونة الصورة الشخصية وأشهر لوحات عصر النهضة التي زادت من شهرة دافينشي، إنها أسطورة خالدة، وحسب ريجيس دوبرييه فإن «الصورة الأيقونة هي مدعاة للمتعة، وهي ذات قيمة فنية». دافنشي.. الأيقونة ذكرت صحيفة الدايلي ميلر البريطانية أن الرسام «ليوناردو دافنشي» هو رائد الفن الثلاثي الأبعاد، وكان أول مستخدميه وظهر ذلك في لوحته الشهيرة الموناليزا. وقد استغرقت اللوحة قرابة سبع سنوات، فقد بدأ دافنشي في رسم الموناليزا عام 1503 وانتهى منها في عام 1510. لقد تحقق لنفرتيتي والموناليزا الخلود من خلال التمثال النصفي للأولى واللوحة للثانية، إنهما أيقونتان جسدتا الجمال الغامض والساحر في الشرق والغرب، وذلك بفضل عبقرية ونبوغ فنانين عظيمين هما دا فنشي ونحات القصر الفرعوني تحتمس. العين الضائعة وجه نفرتيتي تنقصه عين، وقد أشار خبير الآثار المصري زاهي حواس أنها كانت في مكانها وضاعت. وتطالب مصر حالياً بإعادة التمثال لها لأنها المالك الشرعي له، حيث تمت سرقته وتهريبه إلى ألمانيا بعد اكتشافه. وأضحى التمثال رمزاً ثقافياً لألمانيا وبلغ زواره حوالي 500.000 ألف سنوياً، واعتبر من أفضل الأعمال الفنية في العصور القديمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©