الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سفر إلى الداخل

سفر إلى الداخل
14 يناير 2015 21:35
إعداد عبير زيتون في عصر سادته روح التعصب والنزاعات الدينية، دعا شمس الدين التبريزي إلى روحانية عالمية شاملة، مشرعاً أبوابه أمام جميع البشر من مختلف المشارب والخلفيات، وبدلاً من أن يدعو إلى الجهاد الخارجي، الذي يعرف «بالحرب على الكفار»، الذي دعا إليه كثيرون في ذلك الزمان، تماماً كما يجري في يومنا هذا دعا جلال الدين الرومي إلى الجهاد الداخلي، وتمثل هدفه في جهاد «الأنا» وجهاد «النفس» وقهرها في نهاية الأمر، عبر الحب والعشق الإلهي وما أحوجنا الى الحب في عصرنا الحالي. عن الحب وجوهره وماهية العشق، تدور الرواية الصوفية البديعة «قواعد العشق الأربعون» - للروائية والكاتبة التركية إليف شافاق ترجمة السوري خالد الجبيلي، ولدت في ستراسبورغ، فرنسا 1971، حازت جوائز أدبية عدة، لقبها النقاد أنها واحدة من أكثر الأصوات تميزاً في الأدب التركي والعالمي المعاصر، ترجمت أعمالها إلى أكثر من ثلاثين لغة، ومنحت وسام فارس التميز الفخري للفنون والآداب. لا قيمة للحياة من دون عشق. لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده، روحي أم مادي، إلهي أم دنيوي، غربي أم شرقي، فالانقسامات لا تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات. ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف. إنه كما هو، نقي وبسيط. العشق ماء الحياة. والعشيق هو روح من النار! يصبح الكون مختلفاً عندما تعشق النار الماء. *** إن الطريق الى الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس، فاجعل قلبك لا عقلك دليلك الرئيس، واجه، تحدى، وتغلب في نهاية المطاف على النفس بقلبك، إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله. *** إن الطريقة التي نرى فيها الله ماهي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا. فاذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة فهذا يعني أن قدراً كبيراً من الخوف والملامة يتدفق في نفوسنا، أما اذا رأينا الله مفعماً بالمحبة والرحمة فإننا كذلك. *** مهما كنا أو حيثما كنا نعيش، فإننا نشعر بقرارة أنفسنا بأننا غير كاملين، كما لو كنا فقدنا شيئاً ويجب أن نستعيده، لكن معظمنا لا يعثر على ذلك أبداً، أما الذين بإمكانهم العثور عليه، فلا يجرؤ إلا قلة قليلة منهم على الخروج والبحث عنه. *** يوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهو لوثة الكراهية والتعصب التي تلوّث الروح. *** ما الحياة إلا دين مؤقت، وما هذا العالم إلا تقليد هزيل للحقيقة. والأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي. ومع ذلك، فإما أن يفتتن البشر باللعبة أو يكسروها بازدراء ويرموها جانباً. في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه، لأنه سيحطم اتزانك الداخلي. *** يوجد شيء في الإيمان يجعل المرء غير قادر على رؤية الغابة لأنه يرى الأشجار. إن الدين بكليته أعظم وأعمق بكثير من الأجزاء الصغيرة المكونة له، ويجب قراءة كل قاعدة في إطار القواعد كلها. *** المدن تشبه البشر فهي تولد وتمر بمرحلتي الطفولة والمراهقة ثم تشيخ وفي النهاية تموت. والمدن تنتصب فوق أعمدة روحية كالمرايا العملاقة وهي تعكس قلوب سكانها، فاذا أظلمت هذه القلوب، وفقدت ايمانها فإنها ستفقد بريقها وبهاءها، وحدث هذا لمدن كثيرة وهذا يحدث دائماً. *** الشريعة كالشمعة توفر لنا نوراً لا يقدر بثمن، لكن يجب ألا ننسى أن الشمعة تساعدنا على الانتقال من مكان الى آخر في الظلام، وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون وركزنا على الشمعة، فما النفع من الشريعة. *** إن كل قارئ للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه، وهناك أربعة مستويات من البصيرة، يتمثل الأول في المعنى الخارجي وهو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس، ثم يأتي المستوى الباطني، وفي المستوى الثالت يأتي باطن الباطن، أما المستوى الرابع فهو العمق ولا يمكن الاعراب عنه بالكلمات لذلك يتعذر وصفه. *** لا تحكم على الطريقة التي يتواصل بها الناس مع الله، فلكل امرئ طيقته وصلاته الخاصة، ان الله لا يأخذنا بكلماتنا بل ينظر في أعماق قلوبنا، وليست المناسك أو الطقوس هي التي تجعلنا مؤمنيين، بل إن كانت قلوبنا صافية أم لا. *** يخطئ البعض عندما يخلطون بين الإذعان والضعف، فالإذعان شكل من أشكال القبول السلمي بشروط الكون، ومن بينها الأمور التي لا نستطيع تغييرها أو فهمها حالياً. *** قشرة بيض تدعى الحياة.. ليختبر أحدنا الآخر رفيقاً له، وليجلس أحدنا عند قدمي الآخر ففي داخلنا الكثير من الانسجام، ولا تظنن أننا ما نراه فحسب. *** يتكون الفكر والحب من مواد مختلفة، فالفكر يربط البشر في عقد (ضمة فوق العين)، لكن الحب يذيب جميع العقد، إن الفكر حذر على الدوام، وهو يقول ناصحاً (احذر الكثير من النشوة)، بينما الحب يقول (لا تكترث أقدم على هذه المجازفة)، الفكر لا يمكن أن يتلاشى بسهولة، أما الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركاماً من تلقاء نفسه، لكن الكنوز تتوارى بين الانقاض والقلب الكسير يخبئ الكنوز. *** تنبع معظم مشاكل العالم من أخطاء لغوية ومن سوء فهم بسيط، لا تأخذ الكلمات بمعناها الظاهري مطلقاً، وعندما تلج دائرة الحب تكون اللغة التي نعرفها قد عفى عليها الزمن، فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات لا يمكن إدراكه إلا بالصمت. *** مهما حدث في حياتك ومهما بدت الأشياء مزعجة فلا تدخل ربوع اليأس، حتى لو ظلت جميع الأبواب موصدة، فإن الله سيفتح درباً جديداً لك. *** لا يعني الصبر أن تتحمل المصاعب سلباً، بل ان تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي سيتمخض عنه، يعني أن تنظر إلى الشوكة، وترى الوردة أن تنظر إلى الليل وترى الفجر، أما نفاد الصبر فيعني أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة، ان عشاق الله لا ينفد صبرهم مطلقاً لأنهم يعرفون أنه لكي يصبح الهلال بدراً فلا بد من الوقت. *** لا يوجد فرق بين الشرق والغرب والجنوب والشمال، فمهما كانت وجهتك يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم بها رحلة في داخلك، فإذا سافرت في داخلك فسيكون بوسعك اجتياز العالم الشاسع وما وراءه. *** ان السعي وراء الحب يغيرنا، فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء الرحلة، فما أن تبدأ الرحلة حتى تبدأ تتغير من الداخل والخارج. *** لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك بل دع الحياة تعيش فيك، ولا تقلق إذا قلبت حياتك رأساً على عقب، فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدت عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي؟ *** ان كل إنسان عبارة عن كتاب مفتوح وكل منا قرآن متنقل، إن البحث عن الله متأصل في قلوب الجميع سواء أكان قديساً أم ولياً أم مومساً، فالحب يقبع في داخل كل منا منذ اللحظة التي نولد فيها وينتظر اللحظة التي يظهر فيها. *** عمر الأربعين هو أجمل عمر للرجال والنساء على السواء، وهو يرمز الى الصعود إلى مستوى أعلى من اليقظة الروحية، فعندما نحزن أربعين يوماً، وعندما يولد طفل يحتاج أربعين يوماً حتى يتهيأ للحياة، وعندما نعشق نحتاج أربعين يوماً حتى تتجلى مشاعرنا، واستمر طوفان نوح أربعين يوماً، وفي الصوفية الإسلامية أربعون درجة تفصل بين الإنسان والله، وكان محمد في الأربعين عندما نزل عليه الوحي، وتأمل بوذا تحت شجرة زيزفون أربعين يوماً، بالإضافة إلى قواعد شمس التبريزي الأربعين في الحب الإلهي. *** لا تهتم إلى أين سيقودك الطريق، بل ركز على الخطوة الأولى، فهي أصعب خطوة يجب أن تتحمل مسؤوليتها، دع كل شيء يجري بشكل طبيعي وسيأتي ما تبقى من تلقاء نفسه، لا تسر مع التيار بل كن أنت التيار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©