زايد للرعاية الإنسانية تمكن القصر مالياً واجتماعياً من مواجهة الحياة

فقد محمد الهاملي والده وخطواته لم تكن ثابتة بعد· توفي والده بداء السكري وهو بعمر السنة والنصف وتركه وحيداً مع اخيه الصغير برعاية والدته التي استعانت بمؤسسة ''زايد العليا للرعاية الانسانية'' لتدير تركات الوالد المتوفى ولمساعدتها في تربية طفليها· ادارت المؤسسة مزارع وفلل واسهم آل الهاملي وحددت لهم نفقة شهرية كمصروف اضافة الى مصاريف الأعياد والمدارس وخصصت لهم سائقاً خاصاً وسيارة· كانت تلبي لهم كل ما يحتاجونه من حاجات ''لكن ضمن المعقول''، كما يقول محمد· وتعمل ''مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية'' على تقديم خدمات الرعايــة الاجــتـمــاعـــيــة لـ 2500 قاصر ومن في حكمهم والمحجور عليهم من المواطنين فقط· وتعمل كذلك على ادارة اموالهم واستثماراتهم والعقارات المملوكة لهم· مقرها الرئيسي في ابوظبي ولها مكتب في العين وتقدم المساعدات المالية لبعض الأسر المحتاجة من عوائدها· ويقول محمد: ''قامت المؤسسة مقام الأب في مجال ادارة شؤون العائلة· فكانت الباحثة الاجتماعية تزورنا كل شهر· وكانت تحل المشاكل التي تواجهني في المدرسة بسبب غيابي المستمر''· تهتم كل اخصائية اجتماعية في ''مؤسسة زايد العليا لرعاية شؤون القصر'' بما يقارب مئة عائلة· تزورهم كل فترة لتطلع على ما يحتاجونه وتتدخل في حل المشاكل التي تواجه افرادها على الصعد الاجتماعية والنفسية اذا طلب منها· وتضطر احياناً الى تحويل القصر وخصوصاً الشبان منهم على باحثين اجتماعيين ذكور ليساعدوهن في حل مشاكل الأولاد في سن المراهقة· وعندما تصعب حالة القاصر تحوله الى استشاري نفسي ليساعده على تخطي ما يتخبط به· لا يتجاوز عمر محمد عشرين عاماً لكنه يملك شخصية مميزة وواعية، تنعكس على وجهه الوسيم فيبدو اكبر سناً· ويعترف محمد بانه كان مبذراً و''طلباتي خيالية، فانا طلبت من المؤسسة ان تشتري لي موبايل وانا في سن السابعة· لكن تراجعت عن طلبي بعد ان اقنعتني الباحثة باسلوبها الهادئ بالا فائدة من الموبايل لي في هذه السن''· واجه محمد كما العديد من الشبان مشاكل عدة خلال مراهقته· اخطرها كان تدهور السيارة ال''الستيشن'' التي كان يقودها وهو في سن الثامنة في منطقة ليوا· ''لم يؤنبوني في المؤسسة لكن اوضحوا لي ما كان سيحصل لي من مخاطر جسدية بسبب تهوري في القيادة وايضاً لعدم ادراكي لمخاطرها وانا في هذه السن المبكرة''· يعامل الباحثون والباحثات في المؤسسة، القصر معاملة حسنة ويحلون المشاكل التي تواجههم ''ويشعروني بدوري المهم وانني لست هامشياً''، بحسب محمد· ويضيف ''في سن المراهقة كان الأخصائيون الاجتماعيون يجلسون معي ويفهموني الحياة وما فيها''· سلمت المؤسسة محمد ادارة إحدى المزارع التي يملكها وهو في سن الرابعة عشرة ''فكنت ادفع الرواتب واديرها واشتري وابيع· ونجحت في هذا العمل''· كما يقول محمد· وتوضح الأخصائية الاجتماعية التي تهتم بعائلة محمد ان ''محمد من القصر الواعين· ومنذ كان عمره 14 عاماً يتعامل كرجل في الـ 25 من عمره''· عقد محمد قرانه وهو في سن السادسة عشرة ''ووضعت المؤسسة تحت الأمر الواقع· فلم اخبرهم من قبل وطلبت منهم ان يدفعوا لي نفقات زفافي لانها باهظة· وحاولوا اقناعي بان اؤجل زفافي لكنني اصررت''· ويؤكد ان القيمين على المؤسسة ''لم يفرضوا على اي شيء في يوم من الأيام بل عملوا دائماً على اقناعي بالقيام بما هو صواب''· رزق الله محمد ثلاثة اولاد وهو تزوج للمرة الثانية منذ اربعة اشهر وما تزال المؤسسة حتى اليوم تهتم به على الصعيدين الاجتماعي والمالي· ويقول محمد ''تطورت خدماتها كثيراً وخصوصاً بعد تسلم محمد محمد فاضل الهاملي ادارة المؤسسة فازاح التعقيدات الإدارية التي كانت موجودة واصبحت طلباتنا تلبى في يوم او يومين''· تتحول التركات الى المؤسسة عن طريق المحكمة عند حصول حصر الإرث· وهنا تبدأ المؤسسة برعاية القاصر من الناحية الاجتماعية والثقافية والدراسية· عوشة عبدالله حمد المزروعي تنتمي الى احدى هذه العائلات· وتسلمت المؤسسة مملتكاتها بعد ''القرار الحكيم الذي اتخذته والدتي بتسليم المؤسسة ادارة ممتلكاتنا''، كما تقول عوشة· توفي والد عوشة جراء ازمة قلبية ألمت به وهي ما تزال في التاسعة من عمرها، وتعتبر عوشة انه منذ ذلك الوقت ''تحولت المؤسسة الى البيت الأكبر من بيتنا تهتم بشؤوننا الكبيرة والصغيرة''· تنظم المؤسسة برامج دراسية لتقوية دراسة القصر وتقدم المساعدات المالية لذوي الدخل المحدود ليكملوا دراستهم· وتشير عوشة الى ان ''الأخصائيين يتابعون تقدمنا الدراسي ويعرفونا بما يحصل في العالم من حولنا· يخططون مستقبلنا وكأنهم منارة تضيء دربنا''· ويمتد اهتمام المؤسسة الى تعليم القصر كيفية ادارة حياتهم والاقتصاد في المصروف وجلب ما يحتاجونه لكن دون تبذير· وهي تؤمن لهم كل ما يطلبونه لكن على قدر المعقول مما يعلم الأولاد قيمة المال الذي يملكونه· وتروي عوشة كيف انها ارادت تغيير اثاث غرفتها فطلبت من المؤسسة اعطاءها مبلغ عشرة آلاف درهم ''لكنهم لم يعطوني سوى ثمانية آلاف فقط لان المبلغ الأول يعتبر كبيراً بالنسبة لعمري واحتياجاتي، وافهموني بان المال في عمري لا يعوض''· وتنمو بين الباحثة والعائلة علاقة وطيدة وهي تأتي من خلال الزيارات المتكررة لها والاحتكاك الذي يحصل خلال الرحلات التي تنظمها المؤسسة بين الحين والآخر· وتقول عوشة ''تزورنا الأخصائية بين الحين والآخر· وجاءتنا مرة بعد الظهر لتلقي نظرة على الصور التي التقطناها خلال الرحلة التي نظمتها لنا المؤسسة الى دبي''· وتتحدث بفرح ''قدمت لنا المؤسسة مصاريف الرحلة والهدايا· وكانت هناك مسابقات ترفيهية طوال الطريق في الباص· واكلنا مع الأخصائية ولعبنا وتصورنا سوياً· لذلك انا احب المؤسسة لان العاملين فيها يتعاملون معي كأخت صغيرة''· ويعترف مبارك راشد المنصوري ابن العشرين عاماً بانه لو لم تكن المؤسسة موجودة ''لكنت تبهدلت وصرفت كل المال الذي بحوزتي باكمله في شراء الأشياء· لكن المؤسسة مميزة فهي تحفظ اموالي وتضيف عليها ويدلوني على ما يضر وما ينفع''· ويضيف، ''تخضعنا المؤسسة الى دورة ''تمكينك بين يديك'' لنتعلم كيف ندير اموالنا ونحافظ عليها عنـــدما نـــتــســلمها بعد بلوغنا سن الرشد''· و''تمكينك بين يديك'' هو احد برامج المؤسسة التي تنظمها مع غرفة تجارة وصناعة ابوظبي· ويقوم خلال هذه الدورة اساتذة وشركات تابعة للغرفة بالقاء محاضرات تمكن القصر وتؤهلهم للدخول في مجال الاستثمار وادارة استثماراتهم القائمة· وتشمل اخضاع القصر لدورات مكثفة في مجال ادارة الحسابات ومفاهيم الاستثمار العقاري والإدخار والاستثمار في الأسهم والمفاهيم المحاسبية وكيفية البدء بمشروع عمل استثماري ناجح· مبارك وخمسة من اشقائه تيتموا بعد وفاة والدهم جراء اصابته بمرض عضال· وهو لم يتعاط مباشرة مع المؤسسة ''لكن والدتي تخبرنا دائماً عن الاهتمام الذي تحيطنا به المؤسسة على كل الأصعدة· كما تخبرني اختي عن زيارات الأخصائيات لها في المدرسة ليطمئنوا على وضعها التعليمي''· ترك مبارك التعليم وهو في الثاني اعدادي لكنه يكمل اليوم من المنزل· وهو يحلم بفتح مدرسة لتدريب الخيول وركوبها· وسيتمكن في يوم ما من تحقيق حلمه لانه وجد من يرعاه بعد ان توفي والده وتركه صغيرا