الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة الأثاث انعكاس للثقافة والحضارة

صناعة الأثاث انعكاس للثقافة والحضارة
17 أغسطس 2017 21:30
خولة علي (دبي) يشكل الأثاث مع تطور صناعته، ركيزة جوهرية في العمارة الداخلية، حيث يعمد تصميمه على طبيعة الفراغ ووظيفته، وقد نفذت الكثير من قطع الأثاث في العصور المختلفة بتفاصيل جميلة وبمهارة عالية، لتتحول إلى قطع فنية، مكنتها أن تكون ضمن القطع النفيسة والنادرة في طيات المتاحف، فمع بداية القرن العشرين اتخذ الحرفيون خطهم في صناعة الأثاث بأسلوب فني، مكتسية بملامح جمالية طغت على مفهوم الراحة، إلا أنه مع تطور منظومة الحياة، واحتياجاتها، ظهرت قطع أثاث بتصاميم مختلفة لتلبي طبيعة الفراغ واحتياجات الأفراد، بيد أن قطع الأثاث الرئيسة كالأسرة، والخزائن، والأرائك وغيرها من مفردات التصميم الداخلي، ظلت متشابهة في وظائفها، إلا أنها تغيرت في نمطها وطرازها وزخارفها، والتقنيات المستعملة في صناعتها. إلى ذلك، تقول مهندسة الديكور الداخلي أمل محمد «يعكس الأثاث نمط حياة وبيئة الإنسان، ومستوى تطوره في كل زمان ومكان، ففي جزء من آسيا لم تستعمل الكراسي والأسرة، فقد افترشوا الأرض، واعتادوا على النوم والجلوس عليها، فكانت قطع الأثاث بسيطة لا تخرج عن إطار غطاء الأرضيات ووسائد خفيفة. إلا أنه هذه الصورة، لم تبق على حالها، ونتيجة الحملات الاستعمارية الأوروبية، والاحتكاك الثقافي، دخلت الكثير من قطع الأثاث، الغربية، لأجزاء من آسيا، عندها تطورت لديهم قطع الأثاث، واكتسبت ملامح تنم عن بيئة الحرفي. ما نجم عنه تنوع في منظومة مفردات الأثاث عبر طيات العصور». وتتابع «كانت أوروبا حضناً للفنانين والحرفيين والأيدي المهارة، ممن أبدعوا في العمارة الأوروبية، وصناعة الأثاث، وقد أنتجوا عديداً من قطع المفروشات بتفاصيل أنيقة ومبدعة، نسجت ملامحها من الحضارات القديمة».  وتضيف «بدأ ظهور أنماط عديدة من الأثاث الغربي في القرن الثامن عشر، حيث احتلت فرنسا وإنجلترا الصدارة في صناعة الأثاث، وفي تنافس حاد فيما بينهم، إلا أنه بظهور أسلوب الروكوكو، وهي تعني المحارة أو الصدفة غير منتظمة الشكل ذات الخطوط المنحنية التي استمد منها المفهوم الزخرفي، تحققت الغلبة لفرنسا، فظهرت قطع الأثاث ذات تفاصيل الزهور، والأوراق والشرائط وبعض الرمزيات التي تعبر عن الأمور الدينية، بأسلوب النحت والحفر والتطعيم بالنحاس المذهب». وتوضح أن أسلوب الروكوكو تطور في فرنسا مع تعاقب الملوك، ففي عهد لويس الرابع عشر، ظهرت قطع أثاث أكثر نعومة ورشاقة، إلا أن أحجامها ظلت كبيرة وغنية بزخارفها ونقوشها، فيما ظلت خطوطها أكثر انحناء وانسيابية على المساند والقوائم. ولكن في عهد لويس الخامس عشر أخذت قطع الأثاث تبدو أصغر حجماً، وأصبحت أكثر راحة وملاءمة للجسم، وتناسب مع التوزيع المعماري الداخلي الذي يبدو بمساحات أصغر حجماً، وقد ظهر أيضاً في هذه الحقبة تشكيلات مختلفة من الأرائك منها ما هو منجد بالكامل باستثناء اليدين، وقوائم الأرحل. وتذكر أمل أنه مع قيام الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر توقفت الكثير من الحرف في فرنسا، ومنها النجارة وصناعة الأثاث، ولكن وبعد تتويج نابليون إمبراطوراً، عاد الأثاث الفرنسي لمكانة الريادة في أوروبا، وامتد تأثيره إلى العالم الغربي كله. وقد اتسم أثاث هذه المرحلة بمظاهر الحدة والعظمة المستمدة من التراث اليوناني والروماني، إلى جانب فنون الزخرفية المستمدة من مصر. وحول صناعة الأثاث المعاصر، تقول أمل إنه «شهد تنوع الإنتاج وأدخلت تعديلات كثيرة على الأنماط الأوروبية السائدة في تلك الفترة، خاصة على الأرائك والطاولات، حيث ظهرت الكراسي ذات مساند على شكل قيثارة. وجاء النمط الفيكتوري الذي لم يأت بجديد، إنما سار نحو إحياء التصاميم الإمبراطورية التي عرفتها أوروبا وأميركا، واليونان وروما، وعهد الركوكو والباروك، إلى جانب إضافة بعض عناصر التصميم الداخلي، كجلب السجاد الشرقي، والجلود الطبيعية، وتزيين الفراغات بمشغولات يدوية اشتهرت النسوة بها». أثر الآلة عن أثر دخول الآلات إلى عالم صناعة الأثاث، تقول مهندسة الديكور الداخلي أمل محمد «مع عصر الثورة الصناعة، ودخول التقنيات والآلات ووسائل النقل وغيرها، ظهرت مصانع متخصصة في صناعة الأثاث لتلبية احتياجات السوق الكبيرة، ما أسهم في اختفاء التفاصيل الجميلة، التي كان يقوم عليها الحرفيون الذين انحسر عملهم مع ظهور الآلات. وتطورت صناعة الآلات التي قامت محل الحرفي، في عملية الزخرفة والحفر وكل ما تطرأ من فكرة في محاكاة نموذج لفكرة أريكة يمكن أن نستشف منها تاريخاً وحضارة ما. لتتحول إلى تحفة فنية في ردهات المنزل، أو تصميم قطع أنيقة وعملية أكثر تتلاءم مع طبيعة الحياة المتسارعة ونماذج الوحدات في الحاضر. وكل قطعة من قطع الأثاث إنما هي مستمدة من الأساليب الفنية القديمة في صناعة الأثاث، محافظة على المبدأ الرئيس للفكرة، مع تغيير طفيف في الشكل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©