السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استثمار وقت الأبناء مسؤولية أسرية

استثمار وقت الأبناء مسؤولية أسرية
24 أغسطس 2017 10:10
خورشيد حرفوش (القاهرة) تكثر شكاوى آباء وأمهات من أن أطفالهم يهدرون الوقت دون فائدة، أو أنهم لا يستفيدون من وقتهم بشكل جيد، وغالبا ما يؤجلون أعمالهم من دون مبرر، وأنهم يميلون إلى تأجيل ما يطلب منهم لوقت لاحق. غالبا ما يكون الأطفال كسالى لأنهم لا يدركون مفهوم الزمن. ومع التقدم في العمر، من الطبيعي أن يتعلموا تدريجياً هذا المفهوم. لكن غالباً ما يكون الآباء غير واعين أيضا لحقيقة أن معظم الأطفال لا يدركون مفهوم الزمن بشكل حقيقي حتى سن العاشرة، وبعد سن العاشرة تقريبا يمكن التوقع منهم فهم معنى مرور الوقت، وكيف يخططون له مسبقاً. وهناك فروق فردية واسعة جداً بين الأطفال في إدراكهم لمفهوم الزمن. ويمكن تفادي الكثير من الغضب والاستياء إذا أدرك الأبوان الطريقة التي يدرك فيها الأطفال الزمن. صراع قوي تقول الدكتورة حنان عبد الحميد، استشارية العلوم السلوكية «كلما زاد دفع الطفل لسرعة الإنجاز يظهر تباطؤا أكثر. وبما أن الأطفال يعبرون عن رغبتهم في الاستقلالية والسلطة بطرق مختلفة، فأنهم بهذه الطريقة يؤكدون أنفسهم عن طريق استخدامهم للوقت بطريقة تضعهم في موقع المسيطر، بينما تضع آباءهم في موضع المحبط العاجز»، مشيرة إلى أن ردة الفعل هذه غالباً ما تظهر إذا حاول الأبوان إزعاج الطفل، وجعل الوقت قضية خطرة عن طريق محاولاتهم لدفع طفل يبدي الكثير من المقاومة. وتتابع «الأطفال الذين يشعرون بأنهم مأمورون وأنهم لا يملكون أية سلطة غالباً ما يسيئون استغلال الوقت كوسيلة لتأكيد قوتهم الخاصة، والنتيجة هي أن هؤلاء الأطفال يحظون بالاهتمام -حتى ولو كان على شكل غضب - بسبب عدم استفادتهم من الوقت بشكل جيد، ما يعزز المشكلة بشكل غير مقصود. والنتيجة هي صراع قوي ومستمر على الوقت يكسبه الطفل عن طريق تباطؤه، ويؤدي شعور الطفل بالنجاح إلى تقوية هذا النمط السلوكي، أما إذا لم يتأخر هؤلاء الأطفال فينتابهم شعور بالفشل، ومن ثم يكونون قد علقوا في نمط قاس من عدم الكفاءة في استخدام الوقت»، مؤكدة أن نمط الأب أو الأم المسيطر أو شديد العصبية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذا الشكل من صراع القوى. أسباب موجبة وتقول حنان: «قد يغضب الأطفال من آبائهم لعدة أسباب، فعدم حصولهم على ما يريدونه يؤدي إلى غضبهم، وتفاقم هذا الغضب الطبيعي يؤدي إلى استخدام الطفل للوقت وسيلة للانتقام، فالعقاب المتكرر والإزعاج المستمر للطفل هما من الأسباب الرئيسة للتباطؤ وإهداره للوقت كنوع من التمرد بدلا من التحدي المباشر للأبوين»، مضيفة «يبدو أن هؤلاء الأطفال عادة أنانيون ولا يهتمون بالآخرين، ويلقون باللائمة فيما يتعلق بمشكلاتهم على الغير، وينظرون إلى سوء استخدامهم للوقت على أنه مسؤولية الآخرين. كما يبدون متمركزين حول الذات، ولا يهمهم إلا ذواتهم الخاصة. وتؤدي أي مواجهة لهم مع الأبوين إلى شعورهم بالغضب، فيزيد عنادهم، ويصبحون غير مباليين فيما يتعلق بالمواعيد، ويؤدون واجباتهم بشكل آلي متجاهلين العناصر المهمة فيما يقومون به». وتقول إن التأخر من طرق تجنب الأشخاص أو المواقف غير المرغوب فيها. لذا يقوم الأطفال وكثير من الراشدين بالتعبير عن غضبهم بإضاعة الوقت، لتجنب المواقف غير المرغوبة أو التي تثير الخوف لديهم. وقد يصبح الكسل وسيلة الأطفال في تجنبهم أية مواقف يعتقدون بأنها تثير فيهم القلق أو عدم الارتياح. وهذا القلق يمكن أن يؤدي إلى استخدام الوقت بشكل غير فعال، فالأطفال الذين لديهم قلق يتعلق بالذهاب إلى المدرسة لا يتلكؤون في صباح أيام العطل على سبيل المثال، وغالباً ما يشعر الأطفال القلقون أن الوقت يمر ببطء شديد، مضيفة أنه من الشائع أيضا استخدام الوقت بشكل سيئ كوسيلة لتجنب الفشل، إذ لا يلزم الأطفال أنفسهم باستخدام الوقت بشكل كفؤ خوفاً من المخاطرة باحتمال الفشل أو مشاعر النبذ النفسي، وتعد أحلام اليقظة وسيلة شائعة لتجنب الإحساس بالألم، والاستغراق في تخيلات مفرحة، والأطفال الذين يحلمون أحلام يقظة باستمرار لا يستفيدون من الوقت بشكل جيد. تفسير الظاهرة حول أسباب الظاهرة، تذكر حنان أن الأطفال الذين يعانون قهرية شديدة والذين يكافحون من أجل الوصول إلى الكمال يضيعون مقداراً كبيراً من الوقت ويصبح كل عمل يؤدونه طقوساً معقدة تحتاج كثيرا من الوقت، ما يعيق أي استعداد مناسب من أي نوع كان. كذلك هناك بعض الثقافات الأسرية التي لا تعطي للوقت أهمية، ومن ثم لا يستخدمونه بشكل منتج، فالوقت إما أن يكون مضيعاً غير مستغل أو مستغلاً بطريقة عشوائية، وفي مثل هذه الحالات لا يشعر الأبوان بأن هناك مشكلة. كما يفتقد بعض الآباء والأمهات كيفية تطور مفهوم الزمن مع العمر فهم يتوقعون من ابن الخامسة أن يكون دقيقاً ومستعداً في الوقت المحدد من دون توجيه مباشر أو تذكير من الأبوين. وأي توقعات غير واقعية فيما يتعلق باستخدام الوقت تؤدي إلى حدوث مشكلات ذات علاقة باستخدامه، كما تؤدي إلى رفع مستوى التوتر العام في الأسرة. لذا فإن على الآباء التحلي بالصبر وتقبل فكرة أن حركة الطفل ليست سريعة كحركة الراشد، علماً بأن الراشد غير الصبور يصيح ويزعج الطفل بدلا من أن يعطيه مزيداً من الوقت. وقد يكون في الأسرة الواحدة طفل يتحرك دائماً ببطء وتثاقل، وطفل آخر يتحرك بسرعة وينجز الكثير من المهمات، فإذا ما انتقد الطفل البطيء باستمرار أصبح الوقت بالنسبة له مصدر هم. والأسوأ من ذلك هو وجود أبوين نشيطين بينما طفلهما بليد، ويكون من الصعب عليهما تقبل فكرة وجود فروق نفسية تكوينية بين الناس. حلول مقترحة حول الحلول المقترحة للتعاطي مع تباطؤ الأطفال، تقول الدكتورة حنان عبد الحميد، استشارية العلوم السلوكية، إنه من المهم تعليم الطفل مبكرا كيفية استخدام الوقت بشكل مجد، والأفضل أن يكون الأبوان نموذجاً له في ذلك، ليساعدانه في إدراك قيمة الوقت، بداية من تحديد أوقات اللعب والنوم والاستيقاظ والأكل، ومتابعة الواجبات المدرسية، مضيفة أن الأطفال ومنذ طفولتهم الباكرة يمضون الوقت حسب الطريقة التي تنظمه بها أسرهم، فيتعلم الرضع أن حاجاتهم يجب أن تشبع فوراً أو أن عليهم الانتظار مدة تتزايد تدريجياً. وتشير إلى أن الأطفال يستمتعون بإنجاز مهمة ما في وقت محدد. فالطفل حديث المشي يمكن أن يتعلم اتباع روتين محدد يعتاده مهما كان بسيطا، ويمكن أن يعتاد تنظيم غرفته كل مساء، أو أن عليه مسؤولية إعادة ترتيب المائدة بعد الغذاء. فالأطفال يشعرون بالنجاح إذا قاموا بإعداد المائدة أو المساعدة في تنظيف الحديقة المنزلية، أو تنظيف الفصل الدراسي، والانخراط في العمل الجماعي والأنشطة التي يحبها الطفل. وتؤكد أنه لابد أن يعتاد الطفل مبكراً على عدم تأجيل واجباته اليومية. ويمكن تعويد الطفل على تحمل نتيجة تكاسله بعدم اصطحابه إلى نزهة مثلا. وفي المقابل ينصح بتشجيعه عند سرعة الإنجاز، حتى يدرك قيمة ما حرص على إنجازه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©