السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزب القومي البريطاني ··· بوادر الصعود المحلي

الحزب القومي البريطاني ··· بوادر الصعود المحلي
22 نوفمبر 2008 02:16
على مدى عقود شكلت مدينة ''ستوك - أون - ترنت'' الصغيرة في وسط إنجلترا معقلاً لحزب ''العمال'' اليساري، غير أن مشاعر الإحباط بين السكان البيض الفقراء والتوترات مع الجيران المسلمين تدفع المدينة حالياً نحو أقصى ''اليمين''، حيث انتقل ''الحزب القومي البريطاني''، حزب البيض المناوئ للهجرة، من مجرد منظمة سياسية هامشية إلى الفوز بـ15 في المئة من الأصوات في مجلس مدينة ''ستوك - أون - ترنت''· ويعتقد العديد من المراقبين اليوم أن الحزب بات قادراً على الفوز بما يكفي من الأصوات للسيطرة على المجلس بحلول ·2011 ونتيجة لذلك، بدأ بعض السياسيين المنتمين للأحزاب الرئيسية يعبرون عن مخاوفهم من أن يحقق ''الحزب القومي البريطاني'' مكاسب واختراقات مماثلة على الصعيد الوطني· وفي هذا السياق، يرى ''جون كروداس''، البرلماني الذي يمثل دائرة ''باركينج آند داجينهام'' أنــــه إذا كــان البريطانيون البيض يعيشون منذ سنـــوات في انسجــــام نسبي مع المهاجرين، فإن الركود الآخذ في الازدياد بالبــــلاد يثير المخـــــاوف من تنامي المشاعر المناوئة للمهاجرين والمؤيدة لـ''اليمين'' المتطرف· ويقول ''كروداس''، الذي عيّن من قبل رئيس الوزراء جوردون براون لإدارة حملــــة ضــــد اليمين المتطرف: ''إن التاريخ يشير إلى أن اليمين المتطرف يميل إلى تحقيق نتائج جيدة إبان الأزمات الاقتصادية''· يتوافر ''الحزب القومي البريطاني'' حالياً على نحو 50 عضواً فقط من أصل ما مجموعه 8000 عضو مجلس مدينة تقريباً عبر كل إنجلترا· ولكنه يتوقع أن يحقق مكاسب مهمة خلال انتخابات يونيو، حيث يمكن أن يفوز بما قد يصل إلى ثلاثة من مقاعد إنجلترا الـ59 في البرلمان الأوروبي، كما يقـــول الخبراء، على أن مثـــل هـــذه النتائج ستؤشــر أيضـــاً إلى حظوظ الحزب للفوز ربما بمقعدين في البرلمان الوطني لبريطانيا· وعلى الرغم من أن ''الحزب القومي البريطاني'' يحاول النأي بنفسه عن أقسام أكثر قتالية وتعصباً من اليمين من المتطرف مثل حليقي الرؤوس، فإن الساسة من الأحزاب الرئيسية، ما زالوا يعتبرون أن المبادئ والأيديولوجيا الحقيقية للحزب فاشية في أصلها، مشيرين في هذا الصدد إلى إدانة زعيمه عام 1998 بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية واستعمال مواد تنكر حدوث المحرقة اليهودية، وإلى إدانة أعضاء آخرين في الحزب بسبب أنواع مختلفة من العنف العنصري، ففي 1999 زرع أحد النشطاء السابقين الخوف والفوضى في لندن عبر حملة تفجيرات أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، وقال للشرطة لاحقاً إنه كان يريد إشعال حرب عرقية· كما يتوافر الحزب على علاقات مع منظمات وأشخاص من ''اليمين'' المتطرف في الخارج، من بينهم عضو جماعة ''كيوكلاكس كلان'' العنصرية ديفيد دوك ، و''التحالف القومي''، وهو أحد المنظمات الانفصالية البيضاء في الولايات المتحدة· قد تكون شعبية ''الحزب القومي البريطاني''، آخذة في الارتفاع، ولكن ذلك لا يعني أن الحزب بات معتدلاً على غرار الأحزاب الرئيسية - إذ ما زالت العضوية في الحزب سبباً للطرد بالنسبة للعاملين في سلك الشرطة، على سبيل المثال· وقد اندلعت زوبعة يوم الاثنين عندما نُشرت قائمة العضوية الكاملة في ''الحزب القومي البريطاني'' على الإنترنت، حيث كشفت عن هويات الآلاف من الأنصار والمؤيدين، معرضة بذلك البعض لخطر الطرد· وقد حمَّل الحزب مسؤولية تسريب اللائحة التي تشمل نحو 13500 اسم لعضو سابق في الحزب· من جانبه، أثار'' ويل وولاس''، وزير الدولة لشؤون الحدود والهجرة الذي عُين مؤخراً، وهو عضو في حزب العمال، جدلاً بتصريحات قال فيها إن عدد المهاجرين الذين يسمح لهم بالدخول لبريطانيا ينبغي أن يخفض بسبب الأزمة الاقتصادية، مضيفاً أن على الحكومة ألا تسمح بأن يتجاوز عدد السكان، الذين يبلغ تعدادهم حالياً 61 مليون نسمة، عتبة الـ70 مليون نسمة· وحسب ''جيل رتر'' من ''معهد بحوث السياسة العامة''، وهو مركز للبحوث له علاقات بحزب ''العمال''، فإن ''الحزب القومي البريطاني'' يحاول حالياً جذب واستمالة البيض من الطبقة الوسطى في المناطق الحضرية من حزبي ''العمال'' والمحافظين في عدد من المناطق الحضرية منخفضة الدخل· ففي ''باركينج آند داجنهام''، التي تقطنها الطبقـة الوسطى، على سبيل المثال، يعد ''الحزب القومي البريطاني'' اليوم ثاني أكبر حزب في مجلس المدينة· ويقــــول رتر: ''إن السكان لم يكونـــوا مرتاحين أبدا مع الهجــــرة، ســــواء تعلق الأمر باليهود في القرن التاسع عشر أو هجرة سنوات ما بعد الحرب· وتصريحات (وولاس) ليست سوى استمرار للمواقـــف مــــن المهاجريــــن التي لم تكــــن دائماً إيجابيــــة''· والحقيقة أنه حتى من دون أزمة اقتصادية، فإن أوروبا شهدت زيادة ملموسة في المشاعر ''اليمينية'' المتطرفة· ففي النمسا، تُوج صعود اليمين المتطرف على مدى السنوات العشر الماضية بحصول حزبين محسوبين على هذا التيار في سبتمبر على 29 في المئة من الأصوات في الانتخابات الوطنية· وفي ألمانيا، حقق حزب النازيين الجدد ''الحزب الديمقراطي القومي'' تقدماً مضطرداً في الانتخابات المحلية منذ إعادة توحيد البلاد في ·1989 أما في إيطاليا، فإن حزب ''التحالف القومي''، الذي أنشئ من جذور حركة الفاشيين الجدد في البلاد، يعد شريكاً في الائتلاف الحكومي، الذي يقوده رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني· كما تبدو الحركات ''اليمينية'' المتطرفة مزدهرة أيضاً في فرنسا وبلجيكا· ويقول ''كروداس'' إنه حتى عهد قريب لم تكن بريطانيا مرآة للأوضاع السياسية الموجودة في البلدان المجاورة، قبل أن يضيف ''كان ثمة دائماً استثناء بخصوص بريطانيا، ولكنني لست متأكداً أن ذلك ما زال هو واقع الحال اليوم''· بن كوين - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©