الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبارك بين الخرطوم وجوبا

22 نوفمبر 2008 02:17
في الأسبوع المنصرم، كان في مقدمة الأخبار التي شغلت الرأي العام السوداني وحازت أكبر قدر من الاهتمام الإعلامي، الزيارة المفاجئة للرئيس المصري محمد حسني مبارك لمدينتي الخرطوم وجوبا· لم يفصح مبارك ولا مضيفوه عن تفاصيل ما دار في هذه الزيارة الخاطفة واكتفى الطرفان بذكر رؤوس المواضيع التي غطاها البحث، وهي دارفور وما معها من تداعيات وأهمها التعجيل بتحقيق السلام ومواجهة ما هو متوقع من قرار للمحكمة الجنائية الدولية من احتمال توجيه اتهام لرئيس جمهورية السودان عمر البشير، وكذلك قضية وحدة السودان بين شماله وجنوبه· لكن متابعة تحركات الرئيس المصري، التي سبقت هذه الزيارة، ومنها أنه كان في زيارة لفرنسا مباشرة قبل قدومه إلى السودان، توحي بأن على رأس أهداف هذه الزيارة قضية المحكمة الجنائية الدولية التي أبدت فرنسا بوصفها رئيساً دورياً للاتحاد الأوروبي اهتمامهاً بها· وبقراءة التقارير المختلفة، ومنها تعاطف فرنسا مع جهود الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية لمنع، أو على الأقل تأجيل، إجراءات المحكمة حيال الرئيس البشير، فإن من حقنا أن نستنتج أن على رأس أسباب زيارة الرئيس المصري إقناع السلطات السودانية باتخاذ الإجراءات التي يمكن أن تساعد في تحقيق ذلك الهدف، وهو تأجيل إصدار قرار للمحكمة ضد الرئيس السوداني، وهو أمر اقتنع كثيرون بأنه لا يساعد على إنهاء أزمة دارفور بل يزيدها تعقيداً· ومن تلك الإجراءات، التعجيل بإقناع حاملي السلاح في دارفور بالجلوس للتفاوض مع الحكومة عبر المشروع الذي تقوده دولة قطر وبمشاركة من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، ومنها كذلك التنفيذ الجاد لإجراء محاكمات جنائية داخل السودان لكل من يعتقد أنه ساهم بصورة أو بأخرى في تلك الجرائم التي ارتكبت في دارفور منذ عام ،2003 ووأضح من مجموع التصريحات أن تحقيق تلك الإجراءات يمكن أن يساعد الاتحاد الأوروبي وغيره في إقناع المحكمة الدولية بتأجيل قرارها الذي قد لا يكون له مبرر معقول إذا عاد السلام والاستقرار لدارفور· أمّا فيما عدا قضية المحكمة، فإن اهتمام الرئيس المصري خلال زيارته بالوحدة بين الشمال والجنوب كان واضحاً؛ ولهذا فقد طار إلى جوبا وبقي فيها لبضع ساعات التقى خلالها بالقيادة السياسية وبذل جهداً في إيضاح محاسن الوحدة بين الشمال والجنوب عندما يحين موعد الاستفتاء عليها عام ،2011 وهنا لا بد أن نذكر أن مصر قدمت وتقدم الكثير من العون التنموي في الجنوب مما يمكن أن يصب في خانة خيار الوحدة، وليت بقية الدول العربية تفطن إلى هذه القضية ذات الطابع الاستراتيجي للأمن القومي العربي فتساهم مع مصر وغيرها في تنمية الجنوب بصورة تزيل آثار الغبن الغائر في ضمائر كثير من الجنوبيين ضد الشماليين؛ لأنهم عرب ولأنهم مسلمون رغم أن تاريخ الرق قد ذهب إلى غير رجعة ورغم أن العرب عامة والشماليين منهم لم يكونوا وحدهم في تلك التجارة غير الإنسانية· بقي أن نقول إننا في انتظار رؤية نتائج ما أثاره الرئيس المصري مع القيادة السودانية، ومدى تجاوبها مع ما طرح باسمه ونيابة عن رئيس الاتحاد الأوروبي· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©