ابن عبدالبر.. محدث الأندلس الفقيه الحافظ

أحمد مراد (القاهرة) عالم وإمام أندلسي نابغة، عرف بغزارة العلم، وسعة الثقافة، جمع بين علوم الفقه والحديث والقرآن، هو أبو عمر يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر بن عاصم النمري الأندلسي، المولود سنة 368 هجرية في مدينة قرطبة بالأندلس، وكان والده فقيهاً عابداً متهجداً. درس ابن عبدالبر في قرطبة الفقه والحديث واللغة والتاريخ، وعند سقوط الدولة الأموية بالأندلس، رحل إلى مدينة بطليوس، وعاش بها في كنف أمراء بني الأفطس، وولي قضاء أشبونة وشنترين في عهد المظفر بن الأفطس، أحد أمراء بني الأفطس، وبعدها رحل إلى بلنسية ودانية في شرق الأندلس، وكان في كل بلد ينتقل إليه يحظى بمنزلة عظيمة بين أهلها، حيث علا شأنه، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، وأصبح أحد أشهر علماء عصره. قال الحميدي: ابن عبدالبر أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي. قال أبوعلي الغساني: ألف ابن عبدالبر في الموطأ كتباً مفيدة منها، كتاب «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» فرتبه على أسماء شيوخ مالك، على حروف المعجم، وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله، وهو سبعون جزءاً. وقال أبو القاسم بن بشكوال: ابن عبدالبر إمام عصره، وواحد دهره، يكنى أبا عمر، وقال أبوعلي بن سكرة:سمعت أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبدالبر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب. صاحب سنة وقال الذهبي في كتابه «سّير أعلام النبلاء»: ابن عبدالبر كان إماماً ديّناً، ثقة، ثبتاً، مُتقناً، علامة، مُتبحراً، صاحب سنة واتباع، وكان أولا أثرياً ظاهرياً فيما قيل، ثم تحول مالكياً مع ميل إلى فقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك، فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين. وقال أبو عبدالله بن أبي الفتح: كان أبو عمر أعلم من بالأندلس في السنن والآثار، وكان في أول زمانه ظاهري المذهب مدة طويلة ثم رجع إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد. ألف ابن عبدالبر في الفقه وأصوله وفي علوم القرآن والقراءات والحديث وعلومه والتراجم وعلم الرجال والتاريخ والسير والأنساب، ومن أبرز مؤلفاته: الأجوبة الموعبة في الأسئلة المستغربة، أخبار أئمة الأمصار. توفي ابن عبدالبر سنة 463 هجرية، عن عمر يناهز الـ95 عاماً.