الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبوظبي تتحدى التربة المالحة وتتزين باللون الأخضر

أبوظبي تتحدى التربة المالحة وتتزين باللون الأخضر
23 نوفمبر 2008 00:34
يسود الاعتقاد أن جزيرة أبوظبي كانت مغمورة كليا في مياه البحر التي انحسرت شيئا فشيئا مخلفة وراءها الرمال المالحة، وأن مياه البحر تحتها قد تبخرت ووصلت إلى الطبقات العليا، فتملّحت جاعلة من الصعوبة زراعتها، لكن أبوظبي تحدّت الملوحة مستفيدة من عوامل مناخية أخرى كالرطوبة والحرارة التي تحبها الأشجار والشجيرات والأعشاب، لتصبح خضراء طيلة أيام السنة، وملوّنة بالأشجار والشجيرات المزهّرة المنتشرة في حدائقها وعلى جوانب الطرقات وفي وسطها بأشكال هندسية ممتعة للنظر، ومظللة تتلاعب فيها نسيمات الريح فتتلطف معها الأجواء· سنوات طويلة ومضنية من العمل في أبوظبي جرفت فيها الرمال المالحة من الطبقات العلوية بمقدار 30 إلـى 40 سنتيمتراً، لتفرش بالرمال التي استقدمت من أماكن معروفة في وسط الصحراء، حيث الملوحة معدومة فيها أو قليلة النسبة، وبدأ العمل الجاد· يقول المهندس الزراعي لبيب بطرس الذي عاصر النمو الزراعي في أبوظبي، إن التوجه كان في البدايات نحو تشجير الصحراء بغض النظر عن الاهتمام بجماليتها، ويضيف: ''اهتم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله'' بتشجير أبوظبي من خلال زراعتها بالأشجار البرية القادرة على تحمل الظروف المناخية الصعبة ومقاومتها من جهة، وتلك التي تعود بالمنفعة العامة، أي التي تنتج ثماراً من جهة ثانية، فزرعت أشجار ''السدر'' و''النخيل'' و''الغاف'' التي تتمتع بالقدرة على التحمل، وكانت توفر الظل في أيام البداوة والطعام للماشية، كما أن أوراقها كانت تستخدم في مأكولات الناس''· ويلفت بطرس إلى أن زراعة الأشجار تساهم، وإن لم يكن هذا هو الهدف من زراعتها، في تثبيت الكثبان الرملية· ويشير إلى أن الحدائق لها استعمالها الخاص المختلف عن مسألة تشجير مناطق أبوظبي، فهي ''تحسّن البيئة وتوفر متنفساً لأبناء المجتمع الذي تسعى كل الدول في العالم إلى توفيره من باب تغيير الأجواء للمواطنين خارج جدران المنازل والمطاعم وسواها من المرافق الأخرى''· تحتاج الحدائق إلى نظام ري متواصل من المياه المُعالجة وليس المُكرّرة، بحيث تستخدم المياه التي استعملت في المنازل بعد أن يتم تخليصها من المواد السامة والشوائب فلا تذهب إلى البحر وتهدر، إنما يستفاد منها في ريّ الحدائق بأنظمة الريّ الاوتوماتيكي، وهذه الأخيرة تتم بأسلوب مدروس يمكن التحكم من خلاله في كمية الري وضبط الري بنسبة 95 ؟· ويفيد المهندس لبيب بطرس بأن هناك أشجارا في أبوظبي تترك على طبيعتها بمعنى أنها لا تقلّم أو يتم تشذيبها فلا تحجّم، في حين تخضع أشجار وشجيرات وأعشاب الحدائق لنمط الزراعة التجميلية، حيث تجري المحافظة عليها بالشكل المخطط له لتؤدي غايتها· نحن نرى الأشكال في الحدائق العامة ونعتبرها ذات هدف تجميلي، وهذا صحيح، إنما للتجميل فيها أهداف أخرى من مثل تحديد المماشي والأماكن المسطحة وسياج الحدائق والأشجار الحاجبة للنظر وأماكن الجلوس وأماكن ''الباربيكيو'' وسواها، بحسب المهندس بطرس· تتكون الزراعة التجميلية من خمسة عناصر، النخل، الشجرة، الشجيرة، المسطحات الخضراء والعشب· ويقول بطرس إن مصمّمي الحدائق يكيّفون هذه العناصر وفق أهداف الحديقة ومساحاتها بحيث يجمعون بينها من أجل توفير الظل والأماكن المكشوفة وحواجز المشروع والمسطحات وأماكن الجلوس، ويصار إلى تشذيب الشجيرات والأشجار والأعشاب وفق مخططهم بشكل يجعل من أشكالها وتقسيماتها وتوزيعها نوعاً من التوجيه للناس على كيفية استعمالها· ولا تترك كل هذه العناصر من دون اهتمام، وإلا تحولت الحدائق إلى غابات يصعب الجلوس فيها والتمتع بالطبيعة· السبب الذي يجعل من الضروري تشذيب الاشجار وسواها في الحدائق، أنها أساساً أنواع نباتية وشجرية ''قاسية''، وبالتالي فهي سريعة النمو والتمدد، ويعطي بطرس مثالاً الشجيرة المعروفة باسم ''الجهنمية'' والتي تمتد لمسافة 15 متراً من 5 إلى 10 سنوات، إذا تركت من دون تشذيب، وهي شجيرة فيها شوك وأغصان تتحول من شجيرة جميلة في هذا الحال إلى شجيرة مؤذية· وهناك ''الياسمين الكاذب'' الذي يحتاج إلى عناية متواصلة وإلى الكثير من التشذيب، لأنه إذا ترك لمدة ثلاثة أشهر فقط يصبح طوله ثلاثة أمتار ويفسد المخطط العام للحديقة، وثمة أشجار تترك مثل الأشجار التي تستخدم لحجب الرؤية إنما لا يظلل مثل شجر ''الدماس'' وأشجار الظل مثل ''ديلونيكس''، وثمة الأشجار التي تعطي ألوانا بزهورها· ويقول بطرس إنه ليس من ''ضرورة'' للتشذيب في الطبيعة، معتبراً التشذيب ضرورة تطويعية للشجرة كي تعطي تأثيراً معيّناً لنتيجة محدّدة· ومن الناحية الزراعية، يتم تشذيب الشجر كي لا يكبر ويصعب معه الوصول إلى الثمرة من جهة، وكي تعطي الشجرة كمية أكبر من المحصول عن طريق خداعها، ذلك أنَّها تكثر من الانتاج لدى تشذيبها، وذلك للمحافظة على دورها الطبيعي في الدورة الانتاجية، أما من الناحية التجميلية والجمالية فتكون الغاية من التشذيب الابقاء على المخطط الهندسي للحدائق أو جوانب الشوارع، كي يؤدي هدفه، وهو تلطيف الجوّ للمواطنين من الناحيتين الجمالية والمناخية والنفسية·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©