الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجربة المجرية في منع المهاجرين

3 أكتوبر 2016 23:53
تتطلع المجر، التي كانت يوما ما خلف الستار الحديدي، إلى عالم تحكمه عقلية بناء جدار لمنع دخول المهاجرين. لكن فشل الاستفتاء الذي أجرى أول أمس على استقبال اللاجئين ضمن حصة قررها الاتحاد الأوروبي، والسبب نسبة التصويت الضعيفة، ما يعد صدمة لحكومة فيكتور أوربان. قد يعلقون لافتة على الحدود، بحسب ما يقول النقاد: (مرحباً بكم في المجر - أرض الواقع المرير للاجئين). ربما يرغب دونالد ترامب في بناء جدار، لكن رئيس وزراء المجر «فيكتور أوربان» – وهو من أكثر المعجبين بخطة ترامب للهجرة – قد شيد بالفعل جداراً. والآن، فإن الدولة تطلق حملة تجنيد واسعة النطاق لتعيين 3000 من «قناصة الحدود». هذه المهمة: تعزيز حصار المهاجرين القائم بالفعل، تحول المجر إلى نموذج عالمي لكيفية منع أكثر طالبي اللجوء إصرارا من التسلل للداخل. يقول «أوربان» إن «المجر ليست بحاجة إلى مهاجر واحد لكي ينشط الاقتصاد، ولا بحاجة إلى سكان للحفاظ على نفسها أو من أجل مستقبل البلاد». وشبه رئيس الوزراء الهجرة ب «السم»، قائلا «كل مهاجر يشكل خطراً إرهابياً على الأمن العام». ولكن في بلد حيث كان «الجستابو» يوماً ما يصطاد اليهود، وكانت الشرطة السرية في حقبة ما بعد الحرب الباردة تبعد المعارضين، يقول البعض هنا إن الحكومة تواجه خطر زرع نوع مختلف من الخوف. وتؤجج حكومة «أوربان» التمرد العام ضد المهاجرين ومعظمهم من المسلمين، بحسب ما يقول النقاد، وذلك من خلال حملة تبلغ تكلفتها بضع ملايين اليورو، وتطلب من الناخبين رفض الحصص التي يقرها الاتحاد الأوروبي. وفي بيان تم توزيعه على نطاق واسع، تردد الحملة زعم ترامب في العام الماضي بأن هجرة المسلمين العدوانيين قد حولت بعض الأحياء الأوروبية إلى «مناطق محظورة». وفي سلسلة من الإعلانات الوطنية، سألت لافتات تم تعليقها في المدن والبلدات والقرى المجريين «هل علمتم؟» قبل أن تجيب عن السؤال الخاص بها: «منذ بداية أزمة الهجرة، قتل أكثر من 300 شخص جراء هجمات إرهابية في أوروبا». و«منذ بداية أزمة الهجرة، زاد التحرش ضد النساء في أوروبا بصورة كبيرة»، «إن الإرهابيين هم من نفذوا هجمات باريس». ويعترف النقاد بهذا في حدود حرية التعبير بالنسبة لمؤيدي مكافحة الهجرة للإدلاء بهذه المزاعم المثبطة للهمم. ولكن ما هو غير عادي، كما يقولون، هو أن حماس الحكومة نفسها قد أصبح لسان حال الرسوم الكاريكاتيرية العرقية والدينية. وقالوا إن حكومة اوربان تعمم العنصرية. تقول «مارتا باردافي»، الرئيس المشارك للجنة هيلسينكي المجرية «لقد أطلقوا هذه الحملة الدنيئة لتصوير المهاجرين على أنهم مغتصبون وإرهابيون، والذين لا يمكن منعهم إلا ببناء جدران لحماية أبنائنا وهويتنا المسيحية». وأضافت «بالنسبة لهم، لا يهم أن ما يقولونه ليس صحيحاً. لقد أوجدوا فرصة عظيمة للعنصريين». من ناحية أخرى، تباطأ فيضان المهاجرين إلى أوروبا العام الماضي إلى حد كبير، ويرجع السبب في هذا جزئيا إلى اتفاق الاتحاد الأوروبي الهش مع تركيا علاوة على تحرك من قبل دول البلقان لإغلاق حدودها. ولكن ما زال مئات المهاجرين يتسللون، وأكثر من مائة ألف تقطعت بهم السبل في اليونان وإيطاليا. يقول مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن كل دول الكتلة يجب أن تتقاسم العبء، وتعيد توطين عدد معين من المهاجرين وفقا لمساحة كل دولة، وعدد سكانها وحالتها الاقتصادية وغير ذلك من العوامل. لكن المجر، جنباً إلى جنب مع بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا، تقاضي الاتحاد الأوروبي لتجنب أخذ 1294 مهاجرا قالت الكتلة إنهم ينبغي إعادة توطينهم. ويهدف استفتاء يوم الأحد في ظاهره إلى منع استقبال أي حصص في المستقبل. ولكنه أصبح فعليا استفتاء على المهاجرين أنفسهم. وقد اقترح اوربان الأسبوع الماضي حلا: إقامة «مدينة ضخمة للمهاجرين» في ليبيا التي ينعدم فيها القانون للتعامل مع طالبي اللجوء. ودافع «بالاش هيدفيجي»، المتحدث باسم حزب «فيدس» الذي يتزعمه «اوربان» عن حملة «لا» وتعيين قناصة على الحدود. وقد لاقى أوربان، الذي كان في الماضي ناشطاً مناهضاً للشيوعية وتحول إلى قومي شعبوي، انتقادات من أقرانه الأوروبيين بسبب إقامة سياج لمنع طالبي اللجوء الذين يتدفقون إلى أوروبا من الشرق الأوسط الذي مزقته الحروب. لكن «هيدفيجي» تفاخر بذلك، وقال: هناك أمر واضح نسبيا: يبدو أن حصار المهاجرين في المجر قد نجح. فبعد ذروة بلغت أكثر من 13 ألف مهاجر يومياً، نجحت المجر بصورة أو بأخرى في إخماد الهجرة غير الشرعية. ويتم السماح لثلاثين مهاجرا شرعيا في اليوم بالبقاء في مراكز العبور للتجهيز، ويعترف المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن عدداً قليلاً جداً من المهاجرين غير الشرعيين يستطيع الدخول. والسبب في ذلك أنه منذ شهر يوليو، بدأ نحو 8000 عنصر من قوات الشرطة والجنود بإبعاد أي مهاجر يجدونه خلف السياج على بعد خمسة أميال من الجانب المجري من الحدود. *مدير مكتب «واشنطن بوست» في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©