السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نسر الصعيد».. العدل والمساواة في قانون صالح القناوي

26 يونيو 2018 21:02
كل عمل درامي يظهر على الشاشة الفضية بحاجة لعناصر عدة كي يستطيع كسب قلوب وعقول المشاهدين، أولها الواقعية في السرد وطرح قضية ما من خلال قصة مليئة بالإثارة والخوف والحزن، إضافة إلى مزج المشاعر والأحاسيس بالصورة والصوت، وتخطي أشكال النمطية كافة في الحدث والمشهد، وخروج العمل عن سياق ما تم تداوله بين ثنايا العدسة سابقاً. «نسر الصعيد» يمتلك كل هذه العناصر، فهو عبارة عن دراما هادفة تتخذ من العدل والمساواة مادة، فالعمل عصري ومثالي لكون الأحداث تلخص القضية الأم، ألا وهي صراع الخير مع الشر، والشخوص يخوضون مغامرة ملحمية فيه لتسليط الضوء على معانٍ وقيم إنسانية شريدة وهاربة من المجتمع، فالشخصيتان الأكثر حضوراً على الواجهة هما صالح القناوي وزين القناوي ويؤديهما الممثل محمد رمضان ببراعة ومهارة، فهو نجم سينمائي يجسد أدواراً جريئة وشرسة في أفلامه التي تحقق نجاحاً في شباك التذاكر. في «نسر الصعيد»، يتقمص محمد رمضان شخصيتين مترابطتين ألا وهما الأب والابن في مشاهد مختلفة، ولكن يغلب عليها طابع الانسجام والالتحام العقلي والروحي، فالأب معروف بكرمه وشجاعته وامتلاكه لجملة لا حصر لها من الأخلاقيات في التعامل مع الآخرين، وتطبيقه للقانون القبلي المستند إلى الحقوق وإلغاء الفروق وحل النزاع والخلاف بطرق موضوعية لإظهار الصواب وفصل الخطاب، والابن يسير على نهج أبيه، فمن خلال حضوره المستمر والمتواصل في الجلسات التي يديرها والده لتصفية قضايا وأمور الأفراد المتعلقة بالثأر والأرض والمشاكل الاجتماعية، يكتسب زين القناوي أساسيات وقواعد العدل والمساواة، ومنها ينطلق إلى عالم الواقع، فيصطدم بالإقطاع والفساد مثل أبيه، فيكمل المسيرة وتتداخل الأحداث والمشاهد، وتأخذ شكلاً جديداً، فزين القناوي يتخرج في كلية الشرطة ويصبح ضابطاً، إضافة إلى اختياره لتولي مسؤولية القاضي العرفي، وهي المهنة التي ورثها عن والده وجده، وينطلق لكشف الحقائق والخفايا والأسرار مصحوبة بالتشويق والإثارة والحركة. فمسلسل «نسر الصعيد» عمل درامي ضخم لما يحتويه من مشاهد إنسانية مؤثرة تحيط بالقلب والعقل، فتتولد منها الحكم والعبر والأمثال التي من شأنها أن تعيد المعاني والقيم المفقودة للأجيال، بغية تنظيم رواق الحاضر اللامتوازن، والسعي لبناء مستقبل نزيه ونقي خالٍ من الظلم. فمرآة الفن المصري عصية على الكسر لكونها الأولى التي قدمت على الشاشة الفضية عروضاً متميزة كـ«رأفت الهجان» و«ليالي الحلمية» و«بين القصرين» و«الراية البيضا» و«المال والبنون» و«أوبرا عايدة» و«أوان الورد» و«الليل وآخره» و«لن أعيش في جلباب أبي» و«عائلة الحاج متولي» وغيرها، و«نسر الصعيد» هو محاكاة لتأريخها وامتداد لسلسلة لا نهاية لها من الأعمال الدرامية الخالدة. إيفان علي عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©