الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلاح الجو الأفغاني··· تحديات المهمة المقبلة

سلاح الجو الأفغاني··· تحديات المهمة المقبلة
23 نوفمبر 2008 01:53
لم يفاجأ المقدم برايان هاريس وهو يرى الطائرات المروحية الأفغانية تكسوها ثقوب طلقات الرصاص، ذلك أن المروحيات السوفييتية المتهالكة التي ورثتها القوات الأفغانية تحملت عقوداً طويلة من المعارك والحروب المستمرة· لكن ما فاجأه حقاً كان الطريقة المبتكرة التي يلجأ إليها الأفغان لإصلاح مروحياتهم واستخدامهم أحياناً لقطع غيار قديمة عادة ما يرميها الأميركيون· وبالنسبة للمقدم هاريس ليس ذلك سوى دليل على حجم العمل الذي ينتظره لتأهيل الطيارين الأفغان، وإعادة بعـــض الألق إلى القوات الجويـــة التي كانــت ذات حضور خلال فترة حكم النظام الموالي للاتحاد السوفييتي في سنوات الثمانينيات· والحقيقة أن مهمة بعث القوات الجوية الأفغانية من الأنقاض تنطوي على أهمية قصوى في ظل الحرب المستمرة على امتداد البلاد، والحاجة الملحة إلى الدعم الجوي للعمليات العسكرية ضد المتمردين· ولعل أول ما يتعين على المقدم هاريس البدء به هو إقنـــــاع الطيارين الأفغــــان بالكف عن استخــــدام قطع الخردة لإصلاح طائراتهم، والإقلاع بطائراتهم دون الاستعداد الجيد لذلك، فضلًا عن التقيد بمعايير السلامة المعروفة لدى الطيارين· وعن طريقة تعامل الطيارين الأفغان مع مروحياتهم يقول العقيد تود لاكاستير، أحد المدربين الذين يشرفون على تأهيل الطيارين الأفغان: ''إنهم يعتبرون المروحيات وكأنها سياراتهم الشخصية يمكنهم اصطحابها إلى المركز التجاري، وعلينا أن نجد طريقة لتغيير هذه العادات''· لكن العادات التي يسعى المدربون الأميركيون إلى تغييرها قديمة وراسخة تمتد بطول أعمار الطيارين أنفسهم التي يصل متوسطها إلى 44 عاماً، والتجارب القاسية التي مروا بها طول فترة خدمتهم، حيث حافظ الطيارون على مروحياتهم وتمسكوا بها على رغم تعاقب أنظمة مختلفة على الحكم في أفغانستان· ففي الثمانينيات كان عليهم تفادي الصواريخ التي يطلقها عليهم المجاهدون المدعومون من قبل أميركا، وفي مطلع التسعينيات تمكنوا من اجتياز التناحر الداخلي بين فصائل المجاهدين المتعطشين للسيطرة على السلطة، ثم بعد ذلك كان عليهم الخضوع للأوامر الخرقاء لـ''طالبان''· ومن بين هؤلاء الطيارين الذين تخطوا كل تلك التجارب المريرة النقيب نزار محمد عزيزي الذي أسره المجاهدون لعامين بعدما تعرضت مروحيته لإطلاق النار واضطرت للهبوط، ويروي طيار آخر كيف تلقى تعليمات أثناء حكم ''طالبان'' بنقل خمسين شخصاً في مروحيته وكأنها باص يغص بالركاب، وهو ما كاد يسقط الطائرة بسبب الوزن الزائد· وفي هذا السياق أيضاً يقول النقيب عزيزي: ''إن السبب الوحيد لبقائنا على قيد الحياة هو أنهم كانوا يحتاجون إلى طيارين، وإلا لكانوا قطعوا رؤوسنا، لأننا عملنا مع جميع الأنظمة التي توالت على حكم أفغانستان ونفذنا الأوامر التي كانت تصدر إلينينا''· لكن الهدف اليوم من هـــذا التأهيل هو إعادة القوات الجوية الأفغانية إلى سابق عهدها في المرحلة السوفييتية عندمـــا كانت في أوج مهنيتها ومقدرتها العالية ليشمــل التأهيل إرسال بعض الطيارين الأفغان إلى الولايات المتحدة لتلقي التدريبات المناسبة· وكلما تذكر النقيب عزيزي المدة التي قضاها في الولايات المتحدة وتحليقه في الأجواء وهو يضع نظارات الرؤيــــة الليليـــــة يبستم لأنـــه لم يكـــن يخطر على باله استخدام معدات حديثــــة، كتلـــــك المعـــدات التي ستبـــدأ في التدفق على أفغانستان ومعهـــا طائرات جديدة جاهزة للاستخدام· ومن المتوقع أن يرتفع عدد الطائرات الأفغانية من ما بين 21-29 مروحية، وثماني طائرات شحن إلى 60-120 مروحية وستين طائرة ليقارب العدد الذي كان متوفراً خلال الفترة السوفييتية، كما يتوقع أيضاً ارتفاع عدد موظفي سلاح الجو من 2300 إلى 7250 موظفا· ويؤكد الجنرال عبد الظاهر عزيمي، المتحدث باسم الجيش الأفغاني الحاجة إلى قوات جوية عالية الكفاءة قائلًا: ''في ظل الحرب الجارية حالياً ضد المتمردين لابد من توفر غطاء جوي للعمليات العسكرية''· ويوافق هذا الطرح الجنرال الأميركي ''وولتر جيفان'' الذي يشرف على عملية التدريب قائلاً: ''إن أفغانستان بلد شاسع يستدعي تدخل الطائرات لملاحقة المتمردين والتصدي لهم''· ومع أن القوات الجوية تشارك في 90% من عمليات الجيش الأفغاني، إلا أنها لم تنخرط بعد في القتال وتقتصر مهمتها في الوقت الحالي على الشحن ونقل الجنود، لكن ذلك سيتغير في المرحلة المقبلة على وقع التدريبات التي يخضع لها الطيارون وتهيئتهم للمشاركـــــة في العمليات القتالية· ولا يساور المدربين الأميركيين أدنى شك في قدرة الطيارين الأفغان على النهوض بمسؤولياتهم، وذلك على رغم النقص الكبير في التمويل والتدريب الذي تعاني منه القوات الجوية الأفغانية منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث يبدي المدربون ثقة كبيرة في كفاءة الطيارين الأفغان الذين استطاعوا التحليق بطائراتهم القديمة وأصلحوا الكثير منها حتى في ظل انعدام قطع الغيار المناسبة· وفي هذا الصدد يقول المقدم هاريس: ''إن قدرة الطيارين الأفغان والطاقم الميكانيكي على إصلاح أي شيء هي ظاهرة مثيرة للدهشة، ونحن اليوم نريد تطوير تلك المقدرة الطبيعية لديهم وتنظيمها''· وفي أحد الأقســــام يحاول العقيد لانكاستير والطيار الأميركي المتقاعد تدريب زملائه الأفغان على احترام قواعد السلامة المعمول بها في مجال الطيران مثل معرفــــة المكان المتوجـــــه إليـــــه وقراءة الأرصاد الجوية، ثم إجراء المكالمات الضرورية للحصول على المعلومات المرتبطة بالمسار الجوي، وهي الأمور التي نادراً ما يقوم بها الطيارون الأفغان· ففيما يستغرق الوقت من الطيار الأميركي تسعين دقيقة لتحضير الطائرة والتحدث مع طاقمه قبل الإقلاع، لا يستغرق ذلك من الطيار الأفغاني أكثر من ثلاثين دقيقة· مارك سابنفيلد - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©