الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا··· من وسط اليمين إلى اليسار

أميركا··· من وسط اليمين إلى اليسار
23 نوفمبر 2008 01:54
إليكم الفكرة الرئيسية التي يعزي بها أعضاء الحزب الجمهوري أنفسهم في الخسارة التي مني بها الحزب في المعركة الانتخابية الرئاسية الأخيرة: فرغم فوز الرئيس المنتخب باراك أوباما، واختطاف الديمقراطيين لأغلبية كبيرة في كل من مجلسي الشيوخ والنواب، لم تتحقق لهم في الكونجرس منذ عام ،1993 لا تزال الولايات المتحدة الأميركية أمة تنتمي إلى وسط اليمين· وربما كان الناخبون غاضبين على أداء الحزب الجمهوري خلال السنوات الأخيرة الماضية، لكن ما أن تنحسر تأثيرات إدارة بوش السلبية، ويتمكن الحزب الجمهوري من تحديث نفسه وأدوات عمله، حتى يتمكن من استعادة قواعده بين ناخبيه· وكما قال ''ريتش لاوري'' رئيس تحرير مجلة The National Review في مقال نشر له الأسبوع الماضي في مجلة Outlook: ''مما لا شك فيه إصرار المحافظين على القول خلال الأيام الأخيرة الماضية، إن الولايات المتحدة الأميركية دولة يسيطر على سياساتها تيار وسط اليمين· وفي عشية الانتخابات الرئاسية الأخيرة قال كارل روف -كبير مستشاري الرئيس بوش سابقاً- في حديث له إلى قناة فوكس نيوز، إن باراك أوباما يدرك جيداً أن الأمة الأميركية أمة يسودها وسط اليمين، وقد نجح أوباما في تأكيد هذه الحقيقة بذكاء وحكمة في إدارة حملته الانتخابية· ولا يقتصر ترديد هذه الأغنية هذين اليومين على الناشطين والخبراء المحافظين وحدهم· خذ مثالاً لشخصيات أخرى، جون ميشام، محرر مجلة نيوزويك· ففي مقال له نشر عدد 27 أكتوبر الماضي من المجلة تحت عنوان (أميركا المحافظة)، زعم أنه سيتعين على أوباما أن يحكم أمة من وسط اليمين، أي أنها أمة محافظة أكثر من كونها ليبرالية بفطرتها''· لكن المشكلة الوحيدة التي تعترض هذه المزاعم هي عدم صحتها، أي أن الأمة الأميركية لم تعد كما وصفها هؤلاء مطلقاً· فإذا ما سألني أحدهم قبل عام مضى عما إذا كانت الأمة الأميركية أمة من وسط اليمين لأجبته بنعم، رغم صمتي لبرهة أتأمل فيها الخسائر الماحقة التي مني بها الحزب الجمهوري في انتخابات الكونجرس التكميلية لعام ·2006 وكان الجمهوريون حينها قد خففوا عن أنفسهم وطأة الحزن بقولهم إن أسوأ ما يمكن أن يمر به حزبهم قد مر، وحمدوا ربهم على زوال الأزمة! وعندها ساد الاعتقاد بينهم أنه وفيما لو تمكن عضو من أعضائهم في الكونجرس، من المحافظة على مقعده في انتخابات عام ،2006 فسيكتب له البقاء في الكونجرس أبد الدهر· لكن هل حدث هذا حقيقة لكريستوفر شايز الذي كان العضو الجمهوري الوحيد الذي حافظ على مقعده بعد انتخابات عام 2006 بين كافة زملائه الآخرين الممثلين لنيو إنجلاند؟ لقد خسر مقعده في انتخابات هذا العام لصالح عضو ديمقراطي· وفيما لو عجز الجمهوريون عن فهم هذه الحقيقة فربما تستمر متاهتهم السياسية لسنين عديدة قادمة· فاليوم، وبموجب التحولات الجارية في مواقف الناخبين الأميركيين، أصبح من الصعب على المرشح الرئاسي الجمهوري، أياً كان، أن يتجاوز نسبة 50% ولو بنقطة واحدة، قياساً إلى نظيره الديمقراطــــي· وهــــــذه هــــي الحقيقة التي تؤكدها البيانات والمعلومات الإحصائية لاستطلاعات الرأي العام الانتخابي بين عامي 2004 و،2008 والتي انشغل بتحليلها كل من زميلي ديفيد برادلي -من مؤسسة هوفر- ودوجلاس ريفرز من شركة Yougovpolimetrix· فقد انشغل الباحثان بتحليل ما جمعاه عن طريق لقاءات إلكترونية أجرياها عبر الشبكة مع عينة انتخابية شملت 12 ألفاً من الناخبين في عامي 2004 و·2008 وتشير هذه المعلومات إلى تحول عام في مواقف الناخبين لصالح المرشحين الديمقراطيين بمعدل 6 نقاط مئوية· وفي مقــــال لهمـــا ينشر في العدد القادم من مجلة Policy Review المقبل، فصلا شرحهما لانحسار النفوذ الانتخابي الجمهوري بالقول: ''يتحول المؤيدون الأقوياء للحزب الجمهوري إلى مؤيدين ضعفاء، والضعفاء منهم إلى مستقلين، والمستقلون منهم إلى تأييد الحزب الديمقراطي، أو حتى الانضمام الكامل للحزب الديمقراطي· وترسم هذه التحولات صورة قاعدة انتخابية ماضية في تحولها من وسط اليمين إلى وســط اليســار باطراد''· وهناك من المحللين من يميل إلى تفسير هذا التحول بالإشارة إلى مكتسبات الديمقراطيين ، مقابل خسائر الجمهوريين في مناطق ودوائر وكتل انتخابية بعينها· ويقول هؤلاء إن الجمهوريين يواجهون مصاعب فعلية متصاعدة في حصد أصوات الناخبين في ولايات الجنوب الغربي، أو بين فئات الناخبين اللاتين أو المهنيين المتعلمين والأمهات العازبات· ورغم صحة هذا التحليل نسبياً، إلا إن مشكلة الجمهوريين أكبر وأعمق من هذا بكثير· ولتوضيح هذه الحقيقة نذكر أن الجمهوريين كانوا قد حصلوا على نسبة 37% من تأييد الناخبين لهم في انتخابات عام ،2004 أما في انتخابات الكونجرس التكميلية لعام ،2006 فتفوق عليهم الديمقراطيون محققين بذلك فوزاً كبيراً في الكونجرس· وفي انتخابات العام الحالي سجل الديمقراطيون رقماً أعلى بحصولهم على نسبة 39% من أصوات الناخبين، مقارنة بنسبة 32% للجمهوريين · تضاف إلى ذلك الحقيقة المؤلمة القائلة بتفوق أوباما على منافسه ماكين في حصد أصوات الناخبين المستقلين، بفارق 52% إلى48%· وبذلك ترتسم في الأذهان صورة واضحة لحزب جمهوري فقد علاقته وتأثيره على الكتل الناخبة الأساسية· لكن على الجمهوريين ألا ييأسوا، ولا يزال أمامهم الكثير من الوقت والفرص للاستفادة من إخفاقات إدارة أوباما· وليعلموا أن مجرد انتقاد الإدارة الجديدة لن يكفي لتعزيز مواقعهم في وسط اليمين الأميركـــــي· تود لينبرج مستشار السياسات الخارجية لحملة جون ماكين خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©