السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعوبات التحرك الروسي في أميركا اللاتينية

صعوبات التحرك الروسي في أميركا اللاتينية
23 نوفمبر 2008 01:54
عندما خطط الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لرحلته القادمة إلى أميركا اللاتينية كانت بلده مرشحة في تلك الفترة لطرح تحد حقيقي أمام الولايات المتحدة والتصدي لنفوذها في المنطقة خلال الأعوام القادمة، ومع ارتفاع أسعار النفط عالمياً غرقت روسيا في الفوائض المالية وانهمكت في وضع مجموعة من الترتيبات بما فيها مساعدة فنزويلا على بناء مفاعل نووي وتعزيز العلاقات العسكرية مع كوبا، أحد الحلفاء القدامى للاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة· لكن عندما سيصل ميدفيديف إلى المنطقة في الأسبوع المقبل سيجد أن الوضع قد تغير بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدها العالم وألقت بظلالها على السياسات المحلية للدول والحكومات في أميركا اللاتينية، بل دفعت بعضها إلى إبداء بعض التحفظ حيال مبادرات الانفتاح الروسي· ففيما أدت الأزمة المالية الحالية المتزامنة مع انخفاض أسعار النفط التي ضربت روسيا بقوة خلال الآونة الأخيرة إلى إثارة أسئلة حول إمكانية التعويل على روسيا كشريك اقتصادي، عزز فوز باراك أوباما في الانتخابات الأميركية من ناحية أخرى الأمل لدى الحكومات المحلية في بزوغ مرحلة جديدة من العلاقات الإيجابية بين أميركا اللاتينية والولايات المتحدة· وفي ظل هذا المشهد سريع التغير شرعت معظم دول أميركا اللاتينية في إعادة بناء توازناتها توخياً لمصالحها السياسية، وهو ما يحبط الجهود الروسية الرامية إلى تعميق العلاقات مع المنطقة على غرار ما فعلته الصين خلال العقد الأخير· ويوضح هذا الجهد الروسي في المنطقة ''ستيفان كوتليك''، مدير الدراسات الروسية بجامعة برينستون الأميركية قائلاً: ''تنظر النخبة الروسية بمن فيها الرئيس ميدفيديف إلى النجاح المتنامي للصين على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي في أميركا اللاتينية وأفريقيا بعين الغيرة، لذا يعتبرون انفتاحهم على أميركا اللاتينية فرصة، وإن كانت مبالغا فيها، لإيصال رسالة إلى الولايات المتحدة من أنهم متواجدون في حديقتها الخلفية''· لكن الرئيس الروسي تنتظره مهمة صعبة في أميركا اللاتينية، إذ مازالت تحتفظ كوبا بشكوكها إزاء النوايا الروسية، لا سيما بعد انهيار الاقتصاد الكوبي عقب انسحاب الاتحاد السوفييتي خلال عقد التسعينيات، فضلًا عن عدم رغبتها في تعقيد علاقتها مع إدارة أوباما الجديدة، التي قد تدفع في اتجاه إنهاء الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا· ومن جانبها تسعى البرازيل، الدولة الأكبر في أميركا اللاتينية، والتي تعلق أهمية كبيرة على العلاقات مع إدارة أوباما، إلى التعامل مع روسيا ليس كمُصدر للسلاح والمساعدات العسكرية، بل كشريك على قدم المساواة، هذا الموقف البرازيلي يعبر عنه ''روبيرتو مانجابريا أونجر''، الوزير البرازيلي للشؤون الاستراتيجية قائلاً:''لسنا مهتمين بشراء الأسلحة من روسيا''، ويضيف ''أونجر''، الأستاذ السابق بجامعة هارفارد وأحد أساتذة أوباما ''خلافاً للبلاد الأخرى في أميركا اللاتينية نحن لا نشغل أنفسنا بشراء ما ينتجه الآخرون ولا نسعى إلى إقامة ميزان جديد للقوة لاحتواء الولايات المتحدة، فنحن نتمتع بعلاقات ودية مع أميركا ومع قدوم الإدارة الجديدة نريد تطوير تلك العلاقات والمضي بها قدماً''· وبعكس البرازيل، بمقدور الرئيس ميدفيديف انتظار استقبال حار في فنزويلا التي تعاني هي الأخرى من تراجع أسعار النفط، حيث سعى الرئيس شافيز إلى تعزيز العلاقات مع روسيا خلال زياراته السبع إلى موسكو وعقده صفقات لشراء أسلحة بقيمة تجاوزت أربعة مليارت دولار· ومع أن روسيا لم تبدِ حتى وقت قريب أي اهتمام بفنزويلا عدا في مجال بيع الأسلحة وعقد بعض الصفقات في قطاع الطاقة، إلا أن موقفها تطور خلال الشهور الأخيرة بحيث تسعى حالياً إلى توسيع استثماراتها لتشمل النفط والتنقيب عن المعادن والصفقات المصرفية والعسكرية· وتنظر العديد من الأوساط إلى الهجمة الروسية على أميركا اللاتينية بأنها نوع من الرد على ما يعتبره الكريملن اقتحاماً أميركياً لمناطق نفوذها في أوروبا الشرقية· أما في كولومبيا حيث يسود الخوف من تسرب الأسلحة الروسية المتوفرة بكثرة في فنزويلا عبر الحدود إلى الميلشيات ''اليسارية''، يُنظر للتحركات الروسية باعتبارها انتقاماً من الحضور المتنامي لحلف شمال الأطلسي في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة· وفي إطار التحركات الروسية، أرسلت موسكو اثنتين من قاذفاتها الاستراتيجية القادرة على حمل أسلحة نووية إلى فنزويلا في شهر سبتمبر الماضي قبل أسابيع فقط من إعلان روسيا تقديم قرض لفنزويلا بقيمة مليار دولار لتمويل صفقات شراء الأسلحة، فضلاً عن توجه قطع من البحرية الروسية إلى بحر الكاريبي للمشاركة في مناورات مع فنزويلا، والتي يتوقع أن تتزامن مع وصول الرئيس ميدفيديف إلى البلاد· وتسعى روسيا أيضاً إلى تكريس وجودها في بعض بلدان أميركا اللاتينية الصغيرة في محاولة منها لإحياء علاقتها القديمة أثناء فترة الحرب الباردة مثل بوليفيا ونيكاراجوا· لكن في مناطق أخرى تواجه روسيا مصاعب كبيرة لتطوير علاقاتها، وبالأخص مع كوبا التي كانت في مرحلة الحرب الباردة القاعدة العسكرية الأساسية للاتحاد السوفييتي في أميركا اللاتينية، حيث أدى سحب مليارات الدولارت من الاستثمارات بعد سقوط الاتحاد السوفييتي إلى انهيار الاقتصاد الكوبي الذي لم يتعاف إلا بعد تلقيه الدعم الفنزويلي· وعلى غرار الكثير من بلدان أميركا اللاتينية لا تريد كوبا إضاعة فرصة الإدارة الجديدة في واشنطن واحتمال تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة وما قد يجلبه ذلك من رفع للحصار الاقتصادي المفروض عليها، هذه الصعوبات التي تواجه الانفتاح الروسي في أميركا اللاتينية أصبحت محط تندر العديد من الأوساط، لا سيما بالمقارنة مع الجهود الصينية· ففيما تركز هذه الأخيرة جهودها على الاقتصادات المنفتحة والوازنة في المنطقة مثل البرازيل وتشيلي والمكسيك باعتبارها بوابتها الرئيسية التي تنفذ منها إلى أميركا اللاتينية، تركز روسيا في المقابل على البلدان الصغيرة مثل بوليفيا ونيكاراجوا، كما أن حجم التبادل التجاري بين البرازيل وروسيا الذي وصل في العام 2007 إلى 5,2 مليار دولار يبهت بالمقارنة مع 23,4 مليار دولار التي بلغها مع الصين في السنة نفسها· سيمون روميرو ومايكل شويرتز-فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©