الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«رسومات الأطفال» تعالج التراكمات النفسية وتكشف أسرار شخصياتهم

«رسومات الأطفال» تعالج التراكمات النفسية وتكشف أسرار شخصياتهم
20 مايو 2011 20:16
هل يحزن الطفل؟ هل يتضايق من الآخرين؟ هل يحب الاختلاط؟ أم يفضل الوحدة والعزلة؟ هل يعبر عما يزعجه؟ هل يعرف لماذا ينزعج في بعض الأوقات بمجرد أن يرى شخصا ما ! كيف نعرف ما يجول في خاطر الأطفال؟!.. تساؤلات كثيرة بعضها قد يخطر على بالنا، وبعضها قد يفتح آفاقا مختلفة أمامنا! إذن نحن على يقين بأن الأطفال يشعرون بالسعادة والفرح أحيانا، أو بالحزن والغضب أحيانا أخرى، لكن الأمر سيان بالنسبة لنا نحن “الراشدون”، فلا نختلف عنهم في شيء، إلا أنهم في بعض الأحيان لا يستطيعون التعبير عما يزعجهم، قد يرفضون أسلوبا ما، إلا أنهم لا يقولون هذا صراحة وقد لا يعجبهم النظام في محيط بيئتهم المنزلية أو الخارجية مثل المدرسة، وربما يكون لديهم بعض المعاناة النفسية أو التربوية، لكنهم لا يعرفون سببها! فلماذا هم هكذا؟ للطفل طرق أخرى تختلف عنا نحن الكبار، فنحن نتضايق من شيئا ما، ويكون ذلك واضحا علينا إلى حد ما، ونقلق ونغضب بشكل واضح. لكن ماذا عن الأطفال في حال تعرضهم لمشاكل نفسية، قد يكون بعضها ظاهرا وبعضها الآخر غير ظاهر، والواضح في الأمر أن هناك صعوبة في تشخيص الحالات التي يتعرض لها الأطفال لتشابه الأعراض بين طفل وآخر أولتمايز مشاكلهم النفسية، ويعود ذلك لطريقة مخرجات الأعراض وطبيعة المشكلة النفسية التي يمر بها الطفل، وجهلنا بسلوكات الطفل وتحدي ما يزعجه حقاً. مشاعر الأطفال يمسك الطفل بالورقة والألوان، ويحاول أن يرسم، لكنه يحتار في اختيار اللون. حميد جاسم طفل في الرابعة من عمره يعشق حصة التربية الفنية في المدرسة، يحاول من خلال رسوماته أن يثبت أنه يجيد الرسم عن ذلك يقول “أحب أن أرسم بمساعدة أمي. يبتسم حميد ويمسك اللون الأزرق ويقول “أحب هذا اللون، المفضل لأنه مريح، فأنا أحدد به رسوماتي، وخاصة الجسم”. حين سألنا حميد عن سبب تفضيله هذا اللون، أجاب بفرح” لون هادئ وحلو وهو لون البحر والسماء”. لكن حميد ليس هو الوحيد الذي يحب الرسم، فزميلته في الصف ريمان مصطفي تفضل اللون الأخضر وترسم به لوحات من الطبيعة عن ذلك تقول: “رسوماتي جميلة هذا الكلام هو ما تقوله لي مدرستي. لكن من يلاحظ رسومات ريمان يجد أنها ترسم أسفل الصفحة وتضغط على الألوان فعلى حد قولها “أحب أن تكون صفحتي واسعة وبيضاء من فوق ومعظم رسوماتي في نهاية الصفحة وهذا ما تعودت على رسمه”. أحب الشمس والوردة تنظر إلى الألوان وهي في حيرة من أمرها، فمرة تأخذ اللون الأصفر وتارة أخرى تختار الأسود، حتى وقع اختيارها أخيرا على الأسود، وتقول بابتسامة حور عبد الله ذات الثلاث سنوات: “أنا ما أعرف أرسم إلا الشمس والوردة، وأحب تلوين الرسومات التي تعطيني إياها معلمتي، وحين أرسم أشعر بالفرح والسرور وأحاول أن أنجز الرسمة وألونها بسرعة لأن معلمتي تقول إنه من ينجز الرسومات بشكل جميل ومرتب يحصل على هدية، وهذا الذي يجعلني ألون ولكن بشكل حلو وايد”. «شخابيط» طفولية رسومات عديدة وألوان كثيرة وشخابيط طفولية لا يفهمها إلا المختصون بعالم الفن، وهنا تقول صفاء جلل، مدرسة تربية فنية “من خلال تعاملنا مع الأطفال، أصبحنا نعرف نفسياتهم أو المشاكل التي يعانون منها سواء النفسية أو الأسرية أو الجسدية، فالطفل “الخجول “غالبا ما يميل إلى رسم أشكال صغيرة الحجم، أو رسم شكل مائل أو قطع الأيدي وحذف الأنف والفم، أما الطفل “العدواني” فمن خلال رسوماته تتضح شخصيته، فهو يميل إلى ظهور تفاصيل الأسنان، أو رسم أذرع طويلة أو أكتاف مربعة ورسم الأيدي منقبضة أو كبيرة جداً. أيضا بعض الأطفال يقومون برسم شكل إنساني غير مكتمل، مائل، ذي عيون فارغة أو بدون عيون، كذلك يحذفون الفم والأذرع، ويشوهون الوجه، ويستخدمون تظليلا كثيفا في رسم الشكل، ويكون ارتفاع الشكل أقل من اثنين بوصة، وفي الغالب يضعون الشكل في أحد أركان صفحة الرسم. ولكل طفل في هذه المرحلة له يحتاج إلى تعامل خاص معه”. التكوين الداخلي من جانبها ترى ريما عودة، مستشار إداري وتطوير قيادي، من خلال تعاملها مع الكثير من الأطفال ودراسة نفسياتهم، تقول إن الأطفال عندما يرسمون فإنهم يفضلون رسم أنفسهم، يتأثرون بما يسمى التكوين الداخلي، فقد يلجأ الطفل أحياناً للصراخ والغضب والعنف، لكن لا أحد يفهم السبب. مؤكدة عودة “قد يحاول الآباء التخفيف من حدة الغضب لدى أطفالهم، وقد ينجح في تخفيف الإشكالية، وليس حل الموضوع من جذوره، ومن هنا تبدأ تراكمات المسببات السلبية في نفسية الطفل يوما بعد يوم، وتزيد الأمور إلى أن تصل لعقدة نفسية تبقي معه إلى أن يكبر”. ?لهذا السبب يعتبر الأطفال هم أصدق الفنانين والرسامين تلفت عودة إلى ذلك، وتقول “هم يمثلون جميع المدارس الفنية في مدرسة الطفولة الواقعية، وما يلفت النظر إلى أننا هنا لا نعير رسوم الأطفال اهتماما بالرغم من أنه علم قائم بذاته ويدرَّس في الجامعات، فمن خلال الرسم يكشف الطفل عن طاقته ويفرغ انفعالاته ويعبر عن ذاته، حيث تمنحه تلك الرسومات والألوان مساحة شاسعة من الحرية التي تسهم في بناء شخصية متوازنة خالية من الضغوط النفسية والأسرية والتربوية أحياناً أخرى”. برامج علاجية الكثير من أولياء الأمور يشكون من سلوكيات أطفالهم العدوانية أو أنه يعاني من مشكلة التبول اللاإرادي، الذي لم يجد له الأطباء سببا عضويا مباشراً. كل تلك الأسباب يمكن علاجها بالرسم. أو من خلال برامج علاجية عن ذلك تقول عودة: توجد هناك برامج علاجية تسمى “التأهيل للأطفال” الذين يعانون من مشكلات نفسية مؤقتة أو أمراض عقلية ونفسية، تعتمد هذه البرامج على علاج دوائي وآخر سلوكي معرفي في نفس الوقت، حيث يقوم الأخصائي النفسي والاجتماعي بجانب الطبيب النفسي ومعلم الطفل في المدرسة أيضًا، بعلاج الطفل عن طريق “الرسم” من خلال إعطائه مكعبات ليصنع منها أشكالاً، أو يتم لفت نظره إلى اللعب بالألوان والفرشاة، أو تنمية مهاراته عن طريق اللعب بالصلصال وتكوين أشكال معينة، حتى يتمكن هذا الطفل من تفريغ التراكمات السلبية التي بداخله، ويعتمد على نفسه في بعض الأشياء. موضحة “بالنسبة للأطفال الذين يعانون من العدوانية وفرط الحركة يمكن أن نجذب أنظارهم إلى ممارسة الفن بدلاً من ضرب الآخرين، فيفرغ بذلك طاقته في عمل أشكال مختلفة بالصلصال أوالرسم فينمي ذكاءه في الوقت نفسه، وبالتالي تكون فرصة لأن يمدحه الآخرون. وتضيف عودة أن الطفل ذي السلوك العدواني عادة ما يفتقد الحنان والمدح، ويعاني من الفراغ العاطفي، لكن من خلال المدح تزيد ثقته بنفسه، ويتعلم كيف يتحكم بمشاعره، ويتعلم الصبر والهدوء، ويعبر عما يريد”. رسوم ودلالات أما بالنسبة للطفل الذي يعاني من التبول اللاإرادي غير العضوي أو يشكو من رؤيته لأحلام مزعجة، أو عزوفه عن الذهاب إلى المدرسة، أو الذي يعاني من مشكلات في التخاطب واضطراب اللغة، فيكون علاجه الرسم كوسيلة لتفريغ ما تركه الماضي بعقل الطفل، فإلانفعالات السلبية إذا بقيت حبيسة دماغ الطفل، فلنا أن نتخيل عدد السلوكات غير السوية التي ستظهر، والتي تعبر عن اضطراب داخلي حاد. مؤكدة عودة “يبقى الرسم في نهاية الأمر هو أداة “التفريغ أو التنفيس” عما يشعر به الطفل من أزمات أومشكلات قد تظهر في شكل عدوانية ضد الآخرين أوانطواء أو غيره. «شخبطة» من خلال رسومات الأطفال تتضح الكثير من الدلالات عن ذلك تقول ريما عودة، مستشار إداري وتطوير قيادي: الطفل الذي يسعى إلى “الشخبطة” الكثيرة، فقد يشير هذا إلى أنه يعاني من الملل والتشتت، أما الذي يرسم الوجوه القبيحة أو الأسلحة، فهذا دليل على تعرضه لخلافات أسرية كثيرة، والوجوه التعيسة تدل على البكاء، بينما رسم جسم الإنسان مع أيادٍ كبيرة الحجم تعني “السرقة”، والرأس بحجم كبير يدل على أن الطفل يملك أفكارا كبيرة، والفم حينما يكون مفتوحا يدل على “الثرثرة”، بينما التأكيد على رسم الفم مرة أخرى في الوقت نفسه، فهذا يؤكد على ضعف في الكلام أو ثأثأة، أما الرسم باستخدام الحاسوب، فهذا لا يظهر المشاعر الداخلية للطفل. وفي حالة رسم السيارة، فالطفل هنا يعشق السفر والتنقل، أما رسم درج يعنى أن الطفل متفائل، ورسم الحيوانات بالعادة تدل على أن الطفل طيب وبسيط ويحب مساعدة الآخرين ولكن غالبا ما تكون حقوقه ضائعة. والتلوين خارج المربع أو الصور يحاول إخفاء بعض الأمور. لافتة عودة “من خلال تلك الرسومات يمكننا كشف نقاط القوة لدي الطفل “مواهبه” ، ونقاط الضعف “صعوبات التعلم”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©