الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا آخر الأطفال

17 مايو 2015 23:39
في نقاش عابر مع إحدى الزميلات استوقفتني جملة أنا آخر الأطفال، حين نطقتها مؤكدة أن أطفالنا تجاوزوا مرحلة الطفولة والصبا ليصلوا مباشرة إلى النضج المعلوماتي في زمن عرف بالثورة المعلوماتية وليس في ذلك ما يثير العجب فبعد أن كنا نبحث أياماً عن معلومة تنقصنا أو جواب سؤال طالت حيرتنا أمامه أمسى أبناؤنا متمكنين من أزرار الأجهزة الذكية التي ترفدهم بالنافع والرديء من المعلومات. وبشيء من تحليل الوضع الجاري وعبث أطفالنا بتلك المعلومات الهائلة المتوافرة على الشبكة العالمية يجعلنا أمام تحد تربوي عظيم، فالمعلومات ثروة ثقافية لدى من يحسن استخدامها ويجيد فن التعامل معها، وإذا ما تداولها العابثون من الأطفال فماهي سوى كوارث مغلفة لا يعلم غير الله مدى خطورتها وأطراف أضرارها. سيظل الطفل طفلاً بخبراته الفقيرة وإن تعرف على أسرار الكون وماهية الكائنات، وسيبقى عقله غضاً وإن تمكن من حل أعقد المسائل الحسابية، وستستمر المعلومة في يده لعبة يعبث بها قليلاً وسرعان ما يملها ويبحث عن أخرى. المصيبة في الفوقية التربوية التي يشعرها أطفالنا عند توجيههم أو لومهم على خطأ معين ارتكبه أحدهم ، فما نرى منهم غير الاستعلاء على التوجيه من منطلق معارفهم التي تفوق معارفنا، فما الذي يفرض عليهم الامتثال لأوامرنا وهم الأعلم منا بالحياة ومحتويات العلم والمعرفة، فالأوعية جميعها في متناولهم يغرفون ما يحلو لهم دون حساب. والمشكلة الأخرى في تلك الأوعية المعلوماتية التي تحتوي على السموم تماماً كاحتوائها على العسل إن لم تزد جرعات السم فيها، أنها أزرار من ثلاثة إلى أربعة أحرف تفتح أبواب ما يريدون دون التعرض للتحرج من سؤال الأبوين عن شيء حيرهم كما كنا يوماً. دخول أبنائنا الغرفة العالمية للمعلومات ومشاركتهم في الثورة المعلوماتية أمر حتمي بإرادة من يريد ذلك وبكره من لا يريده، غير أن تواجدنا معهم وتعرفنا على معلوماتهم سيحميهم من استخدام المعلومات في غير مكانها وسيجنبهم من الوقوع في معلومات خاطئة ستؤثر سلباً على اختيار طريق مستقبلهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©