الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله الجنيبي: الحنين إلى وطني أكثر معوقات دراستي

عبدالله الجنيبي: الحنين إلى وطني أكثر معوقات دراستي
20 مايو 2011 20:20
ظل عبدالله الجنيبي ذو التسعة عشر ربيعاً، يفكر في تجربة السفر للخارج بغرض الدراسة منذ الصغر لما تحمل هذه التجربة من روح المغامرة والتحدي للذات، بالإضافة لصقل الشخصية وتعويدها على تحمل الأعباء والمسؤوليات، وكانت فرحته لاتوصف عندما وجد اسمه بين قائمة المبتعثين للدراسة. اختار المبتعث عبـدالله علي الجنيبي دراسة العلوم المالية والمصرفية في جامعة ديكن بمدينة جيلونق الاسترالية مع أن التخصص الذي كان يتطلع لدراسته الهندسة المعمارية، إلا أنه فضل اختيار عالم المال والأعمال، ويقول : “ كنت أفكر في الدراسة بالخارج منذ كنت على قاعدة الدراسة وبعد النجاح في الثانوية العامة تحققت أمنيتي في الابتعاث ولم أفكر انذاك إلا في كيفية تسريع الإجراءات لبدء حياة جديدة من التحدي وتحمل المسؤولية”. أكثر ماكان يشغل بال الجنيبي هو كيفية التأقلم في حياة جديدة، والوقت الذي سيأخذه للاعتياد على أمور لم يكن يعرف التعامل معها من قبل، مثل السكن وتدبير شؤون الحياة بعيداً عن الأهل والأصدقاء الذين طالما جادوا عليه بالنصح والمشورة، وهذا مايعتبره عبدالله أحد المعوقات التي واجهته ويشرح عن صعوبة ذلك في البداية قائلاً : “ كان التفكير بكيفية إدارة أمور حياتي بعيداً عن الأسرة شغلي الشاغل، وكنت أفكر كيف سأنجز أموراً لم أكن قد تعودت عليها في الإمارات” الحنين إلى الوطن ويضيف: “مثلاً كانت رحلة البحث عن سكن مسؤوليتي وحدى، وأنا الذي اعتدت الحياة في بيتنا دون أن أفكر يوماً ماذا سأفعل لو كان علي انتقاء وتأثيث سكني الخاص، كذلك كان علي تدبر مصاريف الحياة أيضاً، كما أن نظام الدراسة المختلف عن الإمارات واحد من المعوقات التي شغلت بالي، ولكن من أهم المصاعب بعد السفر التي قد يواجهها المبتعث هو مرض الحنين للوطن Home sick الذي طالما عانينا من هذا الشعور القاسي”. ولكنه يؤكد بأن التغلب على هذه المعوقات يعتبر من السهل الممتنع، لأنه وعند استحضار الهدف من سفره للدراسة ساعده كثيراً على الاستمرار، بالإضافة إلى ممارسة بعض الأنشطة الترفيهية لتغيير الأجواء من حوله، وعن ذلك يقول : “ كي أتغلب على مشاعر متضاربة في الحنين إلى الوطن ومشكلة تغيير نظام الدراسة والمحيط، كنت دائما أضع نصب عيني الهدف الذي جئت من أجله، وأبث في نفسي الأمل من جديد، كما كنت أخرج أحياناً إلى بعض الأماكن الترفيهية مثل المراكز التجارية أو دور السينما مع بعض الأصحاب، لتغيير الأجواء من حولي لأنها تحسن من نفسية الطالب وتساعد في التغلب على كل ما يعترض الطريق من مشاعر سلبية”. رحلة الاختيار ابتدأ الجنيبي رحلة اختيار الجامعة انطلاقاً من أصدقائه، كما ساعده مستشار القبول في الجامعات لطلبة الإمارات في تزويده بالمعلومات الكافية عن جامعة ديكن التي انتسب إليها العديد من طلبة الإمارات المبتعثين، حيث أنها تطابق المعايير والشروط الواجبة للاعتراف فيها في الدولة، ويقول الجنيبي : “لقد كان اختياري للجامعة صعباً بعض الشيء ولكن نصيحة من صديقي وهو يدرس في نفس الجامعة كانت كافية لاستقرار رأيي عليها، كما أن الشخص المسوؤل عن إظهار القبول في الجامعات للطلبة الإماراتيين وفر لي معلومات قيمة عن هذه الجامعة، مما ساعدني أيضاً في اتخاذ قراري للدراسة فيها”. ساعة الصفر لأنها أول مرة يسافر فيهاالجنيبي منفرداً، وخاصة أنها دولة بعيدة كثيراً، تتكلم بغير لغته ولها عادات غير عاداته، فقد كان يتلبسه شعور الخوف قبل سفره، فكان وهو في رحلة الذهاب إلى المطار يحملق في الشوارع المؤدية إلى المطار ويحاول تخزينها ليتذكرها، كما كان يتابع بنظره كل مايشاهده أمامه، لتشد هذه الصور من أزره، وتساهم في تشجيعه عند الحاجة إليها، لأنه يعرف بأنه سيكون كثير الاشتياق لها بعد حين، ويقول عن ذلك : “ انتابني شعور غريـب أعجز عن وصفه، كنت انظر لكل شيء امامي في الإمارات أثناء ذهابي للمطار، وكأني لن أراه مرة أخرى”. ولم يخف الجنيبي شعوره عند الوصول لمكان الدراسة فقد انتابته احاسيس مختلفة ومشرقة عن المستقبل الذي ينتظره ولو بعد حين، يقول : “تملكني شعور بالسعادة عند وصولي، كما أن حب التحدي والتطلع الى مستقبل مشرق كان ماثلاً أمامي طوال الوقت”. حياة 24 ساعة يبدأ الجنيبي يومه الدراسي من الساعة الثامنة والنصف بتوجهه للجامعة، ويقضي فيها حوالي الأربع ساعات، ليقفل عائداً إلى المنزل وبعد فترة من الراحة، ثم يخرج لممارسة الرياضة، في النادي الرياضي الذي انتسب إليه، ويعود قبيل المغرب، للبدء في الدراسة فيما أخذه اليوم، والتحضير لما سيتلقاه في الغد، وإن توفر لديه المزيد من الوقت فإنه يقضي بعضه مع أصدقائه الطلبة الإماراتيين المبتعثين أيضاً، للحديث عن ذكرياتهم لما يساعد ذلك في تخطي مصاعب الغربة وآلامها. اختلاف المصاعب والنتيجة واحدة الصعوبة الدراسية الأكبر من وجهة نظر المبتعث الجنيبي تكمن في اللغة، حيث أنه أحد الطلبة الذين يواجهون مشكلة في هذا الخصوص، ولايزال في مرحلة التغلب عليها، مما سيساعده أكثر على استيعاب الدروس والمحاضرات، يقول عن ذلك : “ لاتزال اللغة مشكلة بالنسبة لي، ولكن أحاول جاهداً التغلب عليها لكي أستطيع فهم واستيعاب الدروس بشكل أوضح، والأمر اعتيادي بالنسبة لأي مبتعث لدولة خارجية ولاتسبب الكثر من القلق، ولكنها مشكلة سأحلها بالمثابرة والاجتهاد إن شاء الله”. وباعتبار أن استراليا دولة متعدد الثقافات، وملتقى لمختلف الثقافات من مختلف دول العالم، لما تحوي من مهاجرين من جميع الجنسيات، فإن ذلك ساعد كثيراً في تكيف الجنيبي مع المحيط الجديد، كما لا يتذكر أية مواقف واجهته تحمل طابع العنصرية كونه عربيا ومسلما يعيش في دولة غربية، ولكنه في الوقت ذاته يذكر أنه واجه الكثير من المصاعب في البدايات، وخاصة في المواصلات، حيث اعتاد التنقل بسهولة في الإمارات، لأنه يمتلك سيارة خاصة به، في حين الوضع يختلف تماماً في استراليا، خاصة أن قانون السير في استراليا يختلف عنه في الإمارات، يقول الجنيبي : “ كنت امتلك سيارة خاصة بي في الإمارات، مما يسمح لي التنقل بسهولة، بينما في بداياتي باستراليا كان الوضع مختلفاً وصعباً، وقد أصبحت المواصلات العامة وسيلة النقل الرئيسية لي ولأمثالي، ومع الوقت تلاشى هذا الفرق لان اصبحت لدي سيارة خاصة بي منذ فترة قريبة”. أغرب الحوادث أغرب الحوادث الطريفة التي مرت مع الجنيبي كان عندما ذهب مع أصدقائه لتناول البيتزا، واختاروا واحدة لها اسم غريب، دون أن يعرفوا محتواها ليتفاجأ مع صحبه عند السؤال بعد التهامها بمفاجأة، يقول الجنيبي: “ من المواقف التي لاتنسى في حياتي هي في أول أيـامي باستـراليا، عندما كنت مع بعض الأصدقاء في مطعم للـبيتزا، وجدنا بيتزا تحمل اسماً غريباً، وكانت تحتوي على بابروني، وبعدما انتهينا من الطعام، سأل أحدنا عن مكونات هذا البابروني، فكان الجواب صاعقاً، وأجابنا الجرسون بكل برود انها من لحم الخنزير، لقد امتعضنا جميعاً، وأحسسنا بالذنب ونسـأل الله العفو والمغفرة”. من أكثر مايفتقده الجنيبي في أستراليا هو صوت الآذان، الذي يشعر بالحنين إليه، ويجتمع مع بعض الأصدقاء في المناسبات، كما أنه يشارك في الفعاليات والأنشطة التي ينظمها مجلس طلبة الإمارات في المدينة التي يقيم ويدرس فيها، مما يساعد في لم شمل الطلبة في الأعياد والمناسبات الدينية والرسمية ولأنه يهوى كرة القدم فدائما مايفرغ نفسه لممارستها مع بعض الأنشطة في النادي الرياضي. التواصل مع الوطن لايعرف الطالب المبتعث الجنيبي كم عدد الطلبة الإماراتيين بشكل كامل في مدينة جيلونق، ذلك أنه يتوافد في كل فصل دراسي طلبة جدد، حيث يلتقي بهم في المناسبات، ولكنه يعتقد أنهم يقاربون العشرين طالباً حسب قوله. ويتواصل مع أصدقائه من طلبة الإمارات المبتعثين في أستراليا من خلال الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. يزور الجنيبي الوطن والأهل ثلاث مرات سنوياً ويطمح بعد التخرج في الحصول على وظيفة مرموقة يستطيع من خلالها خدمة وطنه الذي قدم له الكثير.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©