الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما.. وارتباك الشرق الأوسط

17 مايو 2015 23:41
في فترته الثانية، أظهر أوباما براعة في إغضاب الأصدقاء المفترضين للولايات المتحدة. وبداية، أغضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سجّل شكواه أمام الكونجرس مباشرة. وفيما يبدو الآن أنه ضايق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي أشار إلى عدم رضاه بتجاوز قمة الأسبوع الماضي في «كامب ديفيد». وقد تسبب هذا التحول الشديد في العلاقات الأميركية مع اثنين من الشركاء الاستراتيجيين المهمين قدراً كبيراً من القلق. ولكنه يعتبر ذلك في غير محله؟ أم أنه يشي بتحول ضروري في السياسات التي تربط التزامات الولايات المتحدة تجاه هذه الدول بالمصالح الأميركية الحقيقية. ورفض الرئيس الأميركي الإذعان للحكومات المعتادة على توقع الاختلاف. وبينما حذرت كل من إسرائيل والمملكة العربية السعودية من سعي إدارة أوباما إلى توقيع اتفاق نووي مع إيران، إلا أن الرئيس الذي قلل من شأن هذه المخاوف، مضى قدماً. ومثلما أشار آخرون، فإن المفاوضات النووية ليست بشأن القنابل الذرية حقيقة، وإنما الهدف الحقيقي من المحادثات هو إنهاء العزلة الدبلوماسية الإيرانية، التي تعود إلى أزمة احتجاز الرهائن في عهد «كارتر». وعلى رغم ذلك، فإن استعادة العلاقات مع إيران من شأنه تبديل المشهد الاستراتيجي على نحو تراه الدول الحليفة لواشنطن غير مريح. وبالطبع، سيحول إتمام الصفقة إيران من دولة منبوذة إلى قوة إقليمية، وبالنسبة للقوى الإقليمية الموجودة، لا تعني النتيجة سوى شيء واحد: مساحة أقل للمناورة! وبالنظر إلى أن هذه الاستراتيجية وضعها رئيس غير معروف بالجرأة، فإنها تمثل شجاعة كبيرة، ومقامرة شديدة المخاطرة. وهناك تطوران يوضحان بصورة متبادلة رغبة أوباما في تولي هذه المجازفات. التطور الأول: هو أن السياسات الأميركية القديمة لم تعد تجدي، لا سيما أن التأكيد الأميركي، الذي يتم التعبير عنه باستخدام القوة أو التهديد باستخدامها، لم يؤد إلى استقرار الشرق الأوسط. والتطور الثاني أن الظروف التي أدت إلى تلك السياسات بداية لم تعد موجودة. وفكرة أن إسرائيل تواجه خطر الاجتثاث الوشيك لم تعد تتوافق مع الحقائق. وأما مسألة أن إسرائيل لا تزال تواجه تهديدات على أمنها فهي صحيحة. لكن الحقيقة الموازية أن إسرائيل تفاقم هذه التهديدات من خلال إجراءات تفتقر إلى المشورة السليمة مثل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والمعاملة الفظة للفلسطينيين. والتزام الولايات المتحدة بضمان حق إسرائيل في الوجود لا رجعة فيه. لكن تمديد ذلك الالتزام إلى ضمان السياسات الإسرائيلية التي تسبب متاعب للولايات المتحدة في أماكن أخرى لم يعد بديهياً. وكذلك، لم تعد حياة الأميركيين تعتمد على ضمان وصول الولايات المتحدة إلى النفط الخليجي. وفي عام 1980، كانت المملكة العربية السعودية بمثابة محطة بنزين للعالم بأسره. غير أنه مع ازدهار إنتاج النفط والغاز الطبيعي في شمال أميركا، أضحت الولايات المتحدة محطة وقود قائمة بذاتها. ومن المفهوم تماماً أن إسرائيل والسعودية تدفعان في اتجاه معاكس للتحول الذي يسعى له أوباما. وكلتا الحكومتين تواجه خياراً لا ترحب به: فإما التكيف مع التغيرات في السياسة الأميركية، أو البحث عن طريقة أخرى للحماية. وبصورة عملية، تبدو أيضاً البدائل الحيوية للولايات المتحدة قليلة، ولها كذلك تبعات كبيرة. وفيما اعتبره البعض ضربة في وجه واشنطن، دعا مجلس التعاون الخليجي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لحضور القمة الخليجية، وهي المرة الأولى التي تقدم فيها مثل هذه الدعوة إلى رئيس دولة غربية. ويشير المتخوفون من أن مغازلة الولايات المتحدة لإيران تشير ضمناً إلى الرغبة في التخلي عن خصوم طهران. وفي الحقيقة، تكشف إعادة موازنة العلاقات الجارية في الوقت الراهن عن شيء يبدو مختلفاً تماماً، حيث تنطوي على إمكانية وضع العلاقات الأميركية الإسرائيلية، والعلاقات الأميركية السعودية على أساس عملي بدرجة أكبر. *أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بوسطن يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©