الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصتي

قصتي
17 مايو 2013 20:59
هذه قصة جميلة كتبتها يومًا ما ونشرتها. كانت القصة تتحدث عن فتاة جامعية تقع في حب زميلها بالجامعة، لكن أهلها يرفضون أن يزوجوها له.. يحاول الشاب أن يثري بأسرع طريقة فيكون مع أصدقائه عصابة لسرقة المصارف.. النتيجة هي أنه يسرق مصرفين، ويكون مبلغًا لا بأس به من المال لكن ضابط شرطة يفتك به أثناء العملية الثالثة.. الفتاة تقرر الانتقام.. تبحث عن ضابط الشرطة وتوقعه في حبها، وفي ليلة الزفاف تنفرد به في بيتهما فتطلق الرصاص على رأسه، وتعلن لرجال الشرطة الذين جاءوا يعتقلونها أنها ليست نادمة. اقترح الناشر عليّ أن أعدل بعض الشيء في القصة .. لا داعي لأن ينجح الفتى في عمليتي سطو، لأن هذه قدوة سيئة للشباب.. سوف يموت في أول عملية. الأهل يقبلون الفتى كعريس لكنه يضطر للسرقة ليفي بوعوده.. قال لي الناشر إنه يعرف السوق جيدًا ويعرف ما يروق للقراء. نجحت القصة وراقت للقراء. اتصل بي سيناريست مشهور وطلب مني أن أسمح له بتحويل القصة إلى فيلم.. وافقت طبعًا.. قال لي إنه سيعدل النهاية لأنها غير سينمائية.. لن يموت الفتى في حادث سرقة المصرف ولن يموت الضابط.. إذن ماذا سيحدث؟.. سوف يسجن الضابط الفتى ثم تتوجه الفتاة لتنتقم.. بعد شهر عاد لي السيناريست بالسيناريو المكتمل.. قصة حب بين فتاة وضابط شرطة قوي، والضابط يقبض على عصابة مصارف خطرة.. فيلم آكشن مثير جدًا. لكن المخرج لم يعجبه السيناريو جدًا.. أجرى بعض التعديلات. الفتاة تحب ضابط الشرطةـ، ثم تحاصر في المصرف بينما عصابة خطيرة تسرقه.. النتيجة هي أن الضابط يبذل جهدًا خرافيًا للتسلل وإنقاذها وقتل العصابة.. قلت للمخرج إن هذه قريبة من حبكة (Die hard) فيلم بروس ويليس الشهير.. لكن المخرج أكد لي إنني حمار ولا أفهم السوق جيدًا. المنتج بدوره أجرى بعض التعديلات.. الفتاة عضو في العصابة وضابط الشرطة لا يعرف هذا،.. ثم يعرف فيكون هناك صراع بين حبه لها وبين ضميره.. وفي النهاية تخون الفتاة العصابة من أجل الضابط وتموت برصاصة طائشة، لكنهم ينقذونها في آخر لحظة.. رفض السيناريست هذا العبث بأفكاره فطرده المنتج، وجاء بسيناريست جديد. بعد شهرين تم استبعادي نهائيًا فلم يعد أحد يخبرني بشيء، وهكذا نسيت الأمر برمته.. لم يدعني أحد إلى عرض الفيلم الأول، لذا اشتريت تذكرة وذهبت إلى السينما لأرى الصورة النهائية التي خرجت عليها أفكاري.. رأيت اسمي في بداية العرض فدمعت عيناي تأثرًا.. نحن في ألمانيا النازية، وهناك فتاة تحمل سر الخلود.. يحاول رجال هتلر انتزاع السر بلا جدوى، ثم تظهر الفتاة في عالمنا محتفظة بشبابها وتحب ضابط شرطة.. الحقيقة أنها تريد الانفراد به كي تمتص دمه وتستعيد شبابها. لكن هناك عملية سطو على مصرف تهدد حياة الفتاة. ينقذها الضابط فتقرر أن تعفو عنه. ثم تعلمه سر الخلود وهكذا يعيشان معًا في حب للأبد. سمعت الجمهور يتململ، وغادر الكثيرون صالة العرض، بينما بدأ بعض الشباب يطلقون السباب، وهتف رجل أن هذا كلام فارغ والقصة تافهة: - «إلى متى يستعينون بمؤلفين لم يحصلوا على الشهادة الابتدائية ؟» أما أنا فتظاهرت بأنني لست المؤلف.. جلست في مكاني مندهشًا.. لماذا هم غاضبون إلى هذا الحد ؟ أرى أن القصة ممتعة وليست بهذا السوء. لا أجد أي أثر لقصتي في هذا الذي يدور على الشاشة، لكن هذا أجمل ما في الموضوع. لقد ألهمني هذا الفيلم بقصة جديدة ممتعة. سوف اكتبها وربما يحالفني الحظ ويبتاعها مخرج آخر .. ربما بعد التعديلات تتحول القصة إلى قصتي الأولى عن طالبة جامعية تحب زميلها.. كل شيء ممكن في عالم السينما.. سوف ترى كيف تتحول أفكارك إلى أفكار جديدة تمامًا تلهمك بأفكار أحدث ! د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©