السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأطفال.. بين الفضول و «وسوسة المعلومات»

الأطفال.. بين الفضول و «وسوسة المعلومات»
24 يناير 2010 21:23
يمر الطفل في الفترة العمرية خلال طفولته المتأخرة ما بين السادسة والثامنة من عمره تقريباً بمرحلة يطلق عليها «وسوسة المعلومات»، فهو يتوقف طويلاً عند الأمور الغامضة، ويسأل كثيراً ويطلب تفسيراً لكل ما يقع عليه نظره أو سمعه، فمخيلته لا تزال خصبة، وخالية، وواسعة، إنه يدقق في الأمور، ويتوصل إلى النتائج على طريقته. وكثيراً ما يقع الآباء والأمهات في حرج أو حيرة في كيفية تفسير ما يتساءل عنه الطفل في هذه السن، وعن ما تصل إلى مداركه من مشاهدات وملاحظات خلال أجهزة التلفزيون أو من الأصدقاء أو من الزملاء بالمدرسة أو من الشارع، أو من خلال مناقشات عابرة أحياناً بين الأب والأم، وخطورة الأمر أن يصل إلى ذهن الأطفال معلومات مغلوطة أو مشوهة، أو مبهمة في هذه السن مما يسبب له خللاً في التصور والإدراك، أو قد تسبب تكوين اتجاهات سلبية لديه في كثير من الأحيان. ومن الطبيعي أن يواكب نموه تطور طبيعي في إدراك المفاهيم، ومن ثم يصبح في حاجة إلى معرفة المزيد لتفسير ما يجري حوله، ومن ثم يطرح تساؤلات يضع الآباء والأمهات في حرج شديد أحياناً كثيرة، ويتساءلون: «كيف نفسر، وكيف نجيب عن مثل هذه التساؤلات المحرجة؟». الحقيقة المجردة تقول عبير حداد «موظفة بجامعة زايد»: «إنني أحاول أن أوضح الحقيقة المجردة عند الإجابة عن تساؤلات أطفالي المباشرة بالشرح المبسط للتساؤلات التي تحتاج إلى مزيد من الفهم والربط والمعرفة، وعادة ما أواجه تساؤلات أخرى تزيد الأمور تعقيداً، وأحياناً أعجز عن التوضيح أو قول الحقيقة المجردة، عندما يسأل عن أمور سياسية أو دينية أو جنسية، وأتعجب كيف يسأل ابني مثل هذه التساؤلات، وربما يرجع ذلك إلى ما يسمعه من التلفزيون، حيث إنه المصدر الرئيس للأخبار أو المعلومات الآن، إلى جانب تأثير المناخ العام في الشارع وفي المدرسة وبين الأصدقاء في تزويد الطفل بمعلومات جديدة أو معلومات غامضة سرعان ما يسأل عنها فور عودته إلى المنزل»، فأحياناً تبرز الأفلام التاريخية أوالوثائقية أو الدراما التلفزيونية والأفلام كثيراً من التساؤلات والإجابات أيضاً التي تدور في مخيلة الطفل وتزوده بمعارف وثقافات كثيرة قد يفشل الآباء في شرحها لأبنائهم، ونحاول أيضاً قدر إمكاننا توضيح الجوانب الغامضة بالشرح المبسط، لكن من المؤكد أن هناك صعوبات كثيرة تواجهنا في ذلك عندما يتطلب الأمر توضيح أمور مجردة أو جوانب يصعب على الصغير تخيلها، أو الربط فيما بينها، ولكنني ألاحظ أن قدرة الأطفال على الاستيعاب والفهم تتطور بشكل سريع بفعل عوامل كثيرة أهمها الاعتماد على الوسائل العلمية الحديثة، وتطور ثقافة هذا الجيل بشكل عام». تأثير الإعلام من جانبها، تؤكد كفاح سعد «موظفة» تأثير أجهزة الإعلام وعلى وجه الخصوص التلفزيون في تكوين ثقافة ومعارف الطفل وتزويده بالمعلومات والمعارف والإجابات التي يبحث عنها، إلى جانب المصادر الأخرى كالأهل والمدرسة والأصدقاء، وتأثير المعلمين والمعلمات الإيجابي في السن الصغيرة على وجه التحديد لا سيما إذا كانت المعلمة أو المعلم يتمتع بثقة وحب الطفل الصغير، وهذا الدور الخطير الذي يناط بالآباء والأمهات والمربين بشكل عام يتوقف على الطريقة التي نجيب بها عن تساؤلات الأطفال، وملاءمتها للمرحلة العمرية التي يمرون بها وعمرهم العقلي والانفعالي وفهمهم لما يدور حتى لا نمثل لهم غموضاً وحيرة. وتؤكد أحلام جمالي «خبيرة علاقات إنسانية» أهمية تحلي الآباء والأمهات والمربين بصفات الصبر والكياسة والقدرة على احتواء وفهم تساؤلات الأبناء، وعدم الملل أو الضجر من كثرة تساؤلاتهم، وإن بدت أحياناً محرجة أو تحتاج إلى إجابات يصعب استيعابها، فعلينا بالتبسيط الذي لا يخل بالمعنى، وأيضاً ربط التفسيرات والإيضاحات التي تقدم بالسياق العام للأحداث والمناخ السائد، هذا فضلاً عن أهمية القصص التاريخية التي تقص على الأطفال أو سردها لهم بأسلوب شائق، أو من خلال برامج وأفلام خاصة، وهذه هي رسالة التلفزيون وأجهزة الإعلام وأهمية تقديم البرامج الهادفة والمدروسة بعناية والتي تكسب اهتمام وحرص الأطفال على مشاهدتها ومن ثم تقديم المعلومات والثقافات والمعارف من خلالها، حيث تتميز مثل هذه الأفلام بقوة تأثيرها وبقائها في ذاكرة الأطفال». توحد الرؤية يرى أحمد السكري «محاسب» أن من الأهمية أن يكون الآباء والأمهات على قدر كبير من الحذر والوعي عند الإجابة عن تساؤلات الأطفال بشكل عام خاصة في الدين والجنس والسياسة، ومن الضروري أن توحد الرؤية والاتفاق وعدم التناقض فيما يقوله الآباء والأمهات من جهة وبينهم وما يقوله المعلمون والمعلمات في المدارس ورياض الأطفال من جهة أخرى، حتى لا يتشتت ذهن الطفل ويصبح في حيرة وتناقض بين ما يسمعه في البيت وما يسمعه في الروضة أو المدرسة، وبالتالي تصبح اتجاهاته مشوشة بفعل هذا التناقص، إلى جانب عدم التحقير أو الاستهزاء بتساؤلات الأطفال مهما كانت ساذجة، والابتعاد عن صيغ «لم يحن الوقت بعد لكي تفهم» وإنما علينا أن نبذل مزيداً من الجهد حتى نجيب عن تساؤلات أطفالنا بأبسط كلمات ومعان ممكنة، فذكاء الطفل وخيالاته ووعيه خصب وقادر على الفهم إن حاولنا نحن ذلك دون ضجر أو ملل». ثقافة الأم أما مبارك التميمي «معلم»، فيعول في هذا الأمر كثيراً على الأم، حيث إنها تقضي أغلب ساعات يومها بين أطفالها، وبحكم أنها قريبة منهم وأكثر فهماً لهم من أي طرف آخر، ويقول إن لثقافة الأم ووعيها دوراً كبيراً جداً ومهماً ومؤثراً في تكوين اتجاهات الأطفال في سن صغيرة، وإن الأم بشكل عام هي أفضل من يقوم بهذا الدور سواء في البيت أو المدرسة بحكم طبيعتها وقدرتها على الصبر وعدم الملل بسرعة، وعندما تواجه بتساؤلات ذات صبغة سياسية من أطفالها عليها أن تجيبهم بصراحة وتبسيط، وتحاول أن تبعد عنهم قدر الإمكان كل ما يؤثر عليهم سلباً من برامج تلفزيونية، وإن واجه الطفل أمراً يحتاج إلى توضيح فعلى الأم ذلك وإذا كانت غير قادرة على ذلك فبإمكانها تأجيل الإجابة بشكل ذكي حتى تسأل وتستوضح الأمر ثم تعيده إلى طفلها بشكل مقبول ومفهوم. ومن ناحيتها، تشير سناء مدكور «أمينة مكتبة» إلى أهمية اعتماد ترغيب القراءة والاطلاع لدى الأطفال وحثهم نحو ذلك بأسلوب شائق ومحبب وتعويدهم على هذه العادة من الصغر، حيث يجد الأطفال الإجابة عن كل تساؤلاتهم فيما يقرأون من كتب وقصص كلما كان ذلك ممكناً ومنذ تعلم الطفل مهارة القراءة. وتشير أيضاً سناء مدكور إلى أهمية المناقشات الأسرية حول ما يطرحه الأطفال من تساؤلات، وبالإمكان الاستعانة بالأشقاء الأكبر في توضيح تساؤلات الصغار، وإلغاء كلمة «لا أعرف» من قاموس اللقاءات الأسرية حتى لا يضطر الطفل إلى سؤال مصدر آخر قد يشوه فكره واتجاهاته بشكل سلبي. لا للرموز الغامضة تشير الدكتورة هبة قطب الاستشارية الأسرية إلى خطورة ما يراه الأطفال ويسجل في ذاكرتهم قبل كراريسهم، وتقول: «من واجبنا أن نعين أبناءنا على فهم واستيعاب ما يدور من حيث الأسباب والمبررات بأسلوب سهل وواضح والاستعانة بالمآثر التي يحفل بها تاريخنا العربي والإسلامي من صفحات مشرقة يجهلها الكثير من أبناء هذا الجيل وعدم أخفاء الحقائق أو الاستهزاء أو التقليل من قدرة الطفل على الاستيعاب والتسليم بذكاء وقدرة الطفل على الاستيعاب مع بذل المزيد من الجهد في التبسط والربط التاريخي المفهوم وبأساليب شيقة وتثير اهتمامات وشغف الأطفال وتساهم في تكوين اتجاهاتهم بشكل سليم، ونؤكد هنا أهمية عدم الاستخفاف بتساؤلات الأطفال مهما بدت بسيطة وساذجة أحياناً عندما تتطرق إلى جوانب سياسية أو اجتماعية أو غيرها، ويحاول الآباء والمربون تحري البساطة التي لا تخل بالمعنى دون أن يفقدوا صبرهم، وأن تأتي كلماتهم واضحة خالية من المعاني المجردة قدر الإمكان والابتعاد عن الترميز «استخدام الرموز الغامضة» وأن تكون إجاباتهم مباشرة وخالية من الخيال المفرط، وعدم المبالغة أو الإغراق في التهويل، وتوظيف الربط التاريخي في سياق الأحداث مما يسهل استيعابه لدى الطفل، فتاريخنا العربي والإسلامي حافل بالروايات والقصص التاريخية الحافلة، وبالإمكان توظيف هذا التاريخ والمفهوم القيمي والأخلاقي في فهم ما يدور على الساحة السياسية بشكل محبب ومثير ومشوق للاهتمام والابتعاد عن لغة الزجر وإخفاء الحقائق وعدم الاستهانة بمقدرات الطفل بشكل عام»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©